لا يزال الغموض يسيطر على مستقبل أطفال عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي، خاصة بعد أن وجدوا أنفسهم وحيدين في مراكز احتجاز بليبيا عقب فقدانهم لآباءهم، لكن ما إن أعلن الهلال الأحمر الليبي عن جنسياتهم، سارعت تونس إلى التحرك بخطى ثابتة في مسعى لبحث إمكانية عودتهم. وبحسب مصادر ليبية، فإن الخارجية التونسية بدأت تواصلها مع الجانب الليبي بشأن استصدار التراخيص اللازمة من النيابة العامة الليبية لتمكين فرق فنية وعلمية تونسية من زيارة الأطفال من أبناء قتلى عناصر "داعش" المودعين بالسجون ومراكز الإيواء، بحسب "اليمن العربي". وأضافت المصادر أن الخارجية التونسية ستعمل خلال هذه الزيارات على رفع الحمض النووي الخاص بالأطفال وتأكيد جنسياتهم التونسية. من ناحيته، قال رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، عبد المنعم الزايدي: إنه "بعد نشر تقرير الهلال الأحمر الشهر الماضي تحركت الخارجية التونسية، لبحث إمكانية استعادة أطفال الدواعش". اقرأ أيضًا: الإرهاب يتساقط في ليبيا.. وزعيم «داعش» يعيد ترتيب صفوف التنظيم وأضاف أن مكتب الإعلام بالخارجية الليبية، أكد عملية تواصل الجانب التونسي بشأن الملف، إلا أنه لم يفصح عن آلية التحركات أو الخطوات الفعلية التي تم اتخاذها، بحسب "ليبيا اليوم". "الزايدي" أكد على مواصلة العمل وحث الدول الأخرى لبحث ملف أطفال ونساء وجثث أعضاء التنظيم التابعين لها، خاصة أن الملف يشكل خطورة كبيرة إذا ما تم تجاهله وعدم بحث حلول جدية له. أما أحمد بن سالم المتحدث الرسمي باسم قوات الردع الخاصة التي تشرف على سجن معيتيقة بطرابلس، فقد أعلن عن وجود 22 طفلاً جميعهم من تونس تبلغ أعمارهم بين عام و11 عاما ولدوا أغلبهم على الأراضي الليبية، وتم إيداعهم داخل مؤسسة الإصلاح والتأهيل التابعة لسجن معيتيقة.
وبحسب الهلال الأحمر بمصراتة، يوجد نحو 44 طفلًا منذ شهر ديسمبر 2016 بمقراتها تم إنقاذهم بعد أن لفظتهم الحرب في مدينة سرت، إضافة إلى 50 طفلا داخل مركز الإيواء بالقاعدة الجوية. اقرأ أيضًا: الطريق إلى داعش.. كواليس انضمام أخطر مصرية للتنظيم في ليبيا أضف إلى ذلك، أنه تم تحديد هوية وعائلات 10 أطفال منهم، وفي انتظار تحديد أسر الباقين من الأطفال الذين فقدوا والديهم، بحسب الهلال الأحمر. كان أحمد حمزة، مقرر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، كشف عن وجود 700 جثة لعناصر تنظيم "داعش" الإرهابي في ثلاجات مدينة مصراتة منذ أكثر من عام، بحسب اليمن العربي. "حمزة" أوضح أن جثث الدواعش الموجودة في الثلاجات أغلبهم من تونس، وأنهم سقطوا خلال المعارك المختلفة في سرت وصبراته وغيرها من المعارك التي دارت خلال العام. في هذا السياق، قال مصطفى عبد الكبير رئيس المرصد التونسي لحقوق الإنسان وعضو في اللجنة "التونسية - الليبية" المشرفة على هذه القضية: إن "هذا الملف شهد في الفترة الأخيرة بعض الخطوات والتحركات من أجل حله خاصة من الجانب التونسي بعد الضغوط التي مارستها منظمات المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية، إلا أنه اصطدم بعقبات عديدة". اقرأ أيضًا: بريطانيا تشارك في قتال «داعش ليبيا» للمرة الأولى فالجانب الليبي اشترط الإبقاء على أمهات الأطفال لمحاكمتهم بتهم إرهابية، وهو الأمر الذي رفضته تونس التي تمانع في نزع الأطفال من أمهاتهم، إلى جانب الوضع الأمني المتردي في ليبيا وعدم وجود سلطة مركزية للتفاوض معها في ليبيا، بحسب العربية. رئيس المرصد التونسي لفت إلى أن هؤلاء الأطفال هم ضحايا أبرياء، يتواجدون الآن في بيئة متشددة بعضهم يتلقى تربية متطرفة من والدته الداعشية وآخرين كبروا على مشاهد الإرهاب. وأضاف أنه لا يجب تحميل مسؤولية ما قام به آباؤهم إلى أطفال صغار لأنهم ضحايا حروب، داعيًا السلطات إلى العناية بهم والوقوف لأجلهم ومنحهم حياة أفضل يتمتعون خلالها بحقوقهم الأساسية، حتى لا يصبحوا جيل داعش الجديد ويكونوا خطرا على العالم. يمكن القول هنا إن غياب الإرادة بين الجانبين "التونسي والليبي" هو الذي صعَب وعقد من عملية ترحيل الأطفال إلى بلادهم، ومن الضروري الإسراع في إعادتهم إلى عائلاتهم وإعادة تأهيلهم حتى يكونوا أطفالًا طبيعيين مستقبلًا.