في الرابع من مايو الماضي، انسحبت الولاياتالمتحدة من خطة العمل المشتركة الشاملة، المعروفة باسم الاتفاق النووي الإيراني، الذي كان يهدف إلى كبح جماح البرنامج النووي الإيراني، مقابل رفع العقوبات عنها. الأمر لم يكن مستغربًا، فمنذ أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ترشحه في انتخابات الرئاسة الأمريكية 2016، تعهد بالانسحاب من الاتفاق، الذي وصفه بالصفقة الأسوأ في تاريخ أمريكا. واليوم، هو الأول بعد تطبيق الجولة الأولى من العقوبات الأمريكية على طهران، على أن يتم تطبيق المزيد من العقوبات في نهاية العام الجاري. شبكة "سي إن إن" الأمريكية، استعرضت في تقرير لها العقوبات الأمريكية على إيران، ومدى تأثيرها على الاقتصاد الإيراني، الذي يعاني بالفعل. ما هي أهم العقوبات المفروضة على إيران أمس الاثنين؟ في الوقت الذي اهتم العالم بالعقوبات الأمريكية على صناعة النفط الإيرانية، ومدى تأثيرها على أسعار الوقود حول العالم، إلا أن الجولة الأولى من العقوبات، لم تشمل قطاع النفط الإيراني، بل استهدفت العديد من القطاعات الاقتصادية الحيوية في إيران أهمها: - شراء أو حصول الحكومة الإيرانية على الدولار الأمريكي. - المعاملات المالية المتعلقة بالريال الإيراني. - إصدار الديون السيادية. - تجارة إيران في الذهب والمعادن النفيسة. - إنتاج الجرافيت والألمنيوم والصلب والفحم والبرمجيات المستخدمة في العمليات الصناعية. - قطاع السيارات الإيراني. اقرأ المزيد: «النظام لن يسقط».. ماذا بعد تطبيق العقوبات الأمريكية على إيران؟ ومن المتوقع أن تستهدف الجولة المقبلة من العقوبات الأمريكية، المقرر توقيعها في الخامس من نوفمبر المقبل، صناعة النفط الإيرانية، وتشمل: - مشغلي الموانئ في إيران وقطاعات الطاقة والشحن وبناء السفن. - المعاملات المتعلقة بالنفط الإيراني. - معاملات المؤسسات المالية الأجنبية مع البنك المركزي الإيراني. كيف تؤثر العقوبات الأمريكية على إيران؟ يُعد إنهيار الريال الإيراني، منذ إعلان الرئيس الأمريكي انسحاب بلاده من الاتفاق النووي، المؤشر الاقتصادي الأكثر وضوحًا على المشاكل التي سيواجهها الاقتصاد الإيراني. وتقول الشبكة الأمريكية: إن "إيران التي كانت توصف ب(ألمانيا الشرق الأوسط)، تعد آخر الأسواق الناشئة التي تفتح أبوابها للعالم، بسوق ضخم يضم نحو 80 مليون مستهلك، معظمهم من أصحاب الشهادات العليا، والغنية بالموارد الطبيعية". ومن المحتمل أن تعصف العقوبات الأمريكية، بجهود الحكومة الإيرانية لتحسين اقتصاد البلاد المتهاوي، والذي تتسبب في اندلاع مظاهرات بكافة أنحاء البلاد. كان الاقتصاد الإيراني حقق نتائج جيدة بعد توقيع الاتفاق النووي في 2015، حيث توسع الاقتصاد بنسبة 12.5%، مع استمرار النمو في 2017. إلا أن الأمر تبدل منذ إعلان ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي، وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية على طهران، حيث انخفض الريال الإيراني إلى أدنى مستوياته، لتصل قيمة الدولار الأمريكي إلى 44230.50 ريال. اقرأ المزيد: كيف سيعيش الإيرانيون بعد تطبيق العقوبات الأمريكية؟ كما سيتسبب انهيار الريال في المزيد من الضغط على المواطن الإيراني العادي، حيث ارتفعت معدلات البطالة خاصة بين الشباب، كما يتصاعد معدل التضخم بسبب تكلفة السلع المستوردة حيث وصل إلى 13.7%، كما أن هناك نقص في المياه والطاقة بسبب نقص الاستثمار في البنية التحتية بعد سنوات من فرض العقوبات مرة أخرى. وفي السياق نفسه، قالت بياتريس مانيشي المستشارة في مجال الأمن والتنمية العالمية، لمجلة "نيوزويك" الأمريكية: إن "إيران هي الدولة رقم 12 على مستوى العالم في إنتاج السيارات"، مشيرة إلى أن ترامب ضرب أكبر القطاعات الإيرانية، بالإضافة إلى القطاعات التي تضم الكثير من الشركات الأجنبية". حيث تمتلك الشركات الأوروبية مثل رينو وبيجو وفولكسفاجن مصانع في إيران. وأضافت أن عقوبات واشنطن تهدف إلى ضمان القضاء على الاتفاق بالكامل، رغم ما يحاول الآخرون القيام به، وأكدت مانيشي أن عدم تعامل الشركات الأمريكية مع الشركات الإيرانية هو ما سيؤثر على الاقتصاد الإيراني، لأن الاقتصاد الإيراني ليس معتمدًا أو مرتبطًا بالولاياتالمتحدة، إلا أن التأثير الحقيقي هو ما قد تفعله الشركات الأوروبية بسبب العقوبات الأمريكية. وبعد حظر العقوبات للتعامل مع الحكومة الإيرانية بالريال الإيراني، أو الدولار الأمريكي، من المتوقع أن تتأثر السياحة الإيرانية بالعقوبات الأمريكية، خاصة بعد أن شهد القطاع السياحي انتعاشة بعد الاتفاق النووي، حيث ازداد عدد الزوار من 3.8 مليون زائر في عام 2012، إلى أكثر من 5 ملايين زائر في عام 2015. ردود الفعل الدولية لم ترد طهران بشكل مباشر على العقوبات الأمريكية، إلا أن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أكد أن الولاياتالمتحدة أصبحت "معزولة". وأضاف أنه من الصعب تخيل الدخول في مفاوضات مع شخص انتهك اتفاقًا استغرق التوصل إليه وقتًا طويلًا، متسائلًا "من يعتقد أن ترامب جاد بشأن المحادثات؟". وأصدر وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا بيانًا مشتركًا مع مفوضة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، أكدوا فيه أن الاتفاق النووي كان ناجحًا، وحاسمًا للأمن العالمي. اقرأ المزيد: العقوبات الأمريكية على إيران.. غضب أوروبي ورفض روسي كما كشف البيان النقاب عن مشروع قانون يسعى إلى حماية الشركات الأوروبية التي تتعامل مع إيران من العقوبات الأمريكية. إلا أن مسؤول كبير في إدارة ترامب قال: إن "الولاياتالمتحدة ليست قلقة من هذه الخطوة"، مشيرًا إلى أن إيران واجهت بالفعل صعوبات اقتصادية حادة منذ أن انسحبت الولاياتالمتحدة من الاتفاق النووي.