"دوما كان يتحدث عن رغبته في القضاء على الفقر في إثيوبيا عن طريق إكمال سد النهضة"، كان هذا هو حلم "سيميجني بيكيلي" مدير مشروع سد النهضة الإثيوبي الذي يجري بناؤه على نهر النيل، والذي كانت تضع عليه أثيوبيا الكثير من الآمال منذ انطلاق المشروع عام 2011، إلا أن هذه الآمال قد تبخرت اليوم بعد العثور عليه مقتولا في العاصمة الأثيوبية "أديس أبابا". فبينما محرك سيارته لا يزال يعمل، تم العثور على "بيكيلي"، مقتولا داخل سيارته، في ساحة ميسكل في أديس أبابا، صباح اليوم الخميس 26 يوليو، ولا زالت التحريات جارية من قبل الشرطة الأثيوبية من أجل الوقوف على ملابسات واقعة الاغتيال الذي لم تتضح بعد. صدمة في أثيوبيا ونظرا لأنه كان المحرك الرئيسي للمشروع، كان مقتل مدير مشروع سد النهضة بمثابة صدمة لدى الحكومة الأثيوبية حيث كانت تضع كل أمالها على بيكيلي في تنفيذ مشروع سد النهضة الإثيوبي، فلم يكن يسمح لأي أحد غيره بالحديث إلى وسائل الإعلام، حتى وصفه البعض بأنه "ديكتاتور". اقرأ أيضا : متحدث «الري» يرد على «التحرير»: لجان الوزارة تدرس الآثار السلبية لسد النهضة صحيفة "أوول أفريكا" أكدت في تعليقها على مقتل بيكيلي، أن الخبر أصاب الأوساط السياسية في أثيوبيا بالصدمة والحزن. وبالتالى فإن اغتيال مدير مشروع سد النهضة الإثيوبي أربك المشهد في إثيوبيا، ومن ثم ستضطر الحكومة إلى إعادة حساباتها، لأن "بيكيلي" كان مسئولا عن كل شئ في موقع تنفيذ مشروع سد النهضة. فقد كان المسؤول من البداية عن سد النهضة ولم يتولى قبل أحد تلك المهمة، فتقول وكالة الأنباء الأثيوبية، أن المهندس بيكيلي عمل منذ تأسيس المشروع وحتى اللحظة الأخيرة مديرا للمشروع. وكانت إثيوبيا قد ذكرت في وقت سابق من هذا العام أن المشروع يسير على ما يرام ومن المتوقع أن يبدأ توليد الطاقة التجريبية الجزئية قريبا، وهو جزء أساسي من مشروع ضخم للبنية التحتية للطاقة تقوم به الحكومة الإثيوبية ويهدف إلى زيادة قدرة توليد الطاقة في البلاد من 4،280 ميجاوات الحالي إلى 17،300 ميجاوات بحلول عام 2020. اقرأ أيضا : هل ينهار سد النهضة بحلول 2022؟.. (خبراء يجيبون) حرصه على المشروع عُرف "بيكيلي" بجهده الشديد ودأبه بالمشروع وحرصه على العمل ومصلحة الوطن، كما كان يحرص على حسن الترحيب بالقادمين للمشروع، وهو شخصية لطيفة مع الجميع. قيل أنه كان لا ينام إلا 4 ساعات في اليوم فقط، وكتبت عنه العديد من المواقع المحلية باللغات الأمهرية وبعض اللغات الإثيوبية الأخرى والعالمية لحرصه واهتمامه بعمله، وكان يقوم بالاتصال بزوجته وأسرته مرة واحدة فقط في الإسبوع. وكان يمشي يوميا حوالى 6.2 كيلومتر داخل موقع السد، وفي اليوم الواحد كان يقدم أربع تحليلات في مجال العمل دون أن يكل أو يمل، وينشد النشيد الوطني الأثيوبي في اليوم مرتين، بحسب صحيفة "إثيوبيان ريبورتر". كما كان يحرص على أن ينشد النشيد الوطني الإثيوبي بالموقع في اليوم مرتين، وحسب الصحف الأثيوبية فإن أكثر الأفراد الذين أعجب بهم في العالم هو رئيس الوزراء الراحل ملس زيناوي، وأكثر خبر كان قد صدمه هو وفاة زيناوي. أبرز تصريحاته كانت تصريحات "بيكيلي" دوما تتحدث عن نفيه أن يكون هدف السد وقف تدفق نهر النيل لباقي دول حوضه. اقرأ أيضا : وسط ضغوط دولية.. هل تنجح وساطة إثيوبيا في جنوب السودان؟ وكان من أبرز تصريحاته "الجميع سيفهم الخطة الحقيقية للسد عندما تكملها إثيوبيا، عندما قمنا بتحويل تدفق نهر النيل، ذكرت العديد من وسائل الإعلام الأجنبية أنه قد يؤثر سلبًا على الدول الأخرى التابعة للنيل الأزرق، لكنه لن يقوم بذلك، بينما لا يزال آخرون يقولون إن بنائه له تأثير على مصر، لكننا سنوضح لهم ذلك، لن يؤثر السد على مصر أو على دولة أخرى". كان "بيكيلي" يصف الفقر دائما بأنه العدو الأول والرئيسي لإثيوبيا، وأنه يحلم بالتنمية المستديمة ومكافحة الفقر. كما وجه الراحل "بيكيلي" رسالة للشعب المصري في أغسطس 2016، قائلا إن الهدف الوحيد من بناء السد هو تحسين حياة الأفراد، المواطنين الإثيوبيين، ورفع مستوى المعيشة من خلال محاربة الفقر، مؤكدا أنه لا داعي لخوف المصريين من بناء السد أو تأثيراته، لأنه جرى مراعاة الشروط والمعايير الدولية كافة لمنع حدوث الأضرار في المستقبل. كما كان دائما ما يؤكد أن بلاده ليس لديها العقلية أو السياسة التي تدفعها لتحقيق التنمية على حساب مصر، معتبرًا أنَّ هذا التصرف يعتبر "حرام" وأن بلاده تلتزم بمبادئ "الهندسة الأخلاقية" في تنفيذ المشروع. اقرأ أيضا : هل تنجح زيارة رئيس وزراء إثيوبيا للقاهرة فى حل أزمة سد النهضة؟