يتساقط يوما تلو الآخر مسئولون وموظفون في قطاعات مختلفة، متلبسين بارتكاب جريمة الرشوة، كان آخرها القبض على رئيس مصلحة الجمارك قبل عدة أيام. تحظى قضية الرشوة على وجه التحديد بعناية فائقة من قبل القائمين على ضبطها أو فريق النيابة الذي يباشر التحقيق الأولي فيها، فيما يخص الإجراءات والتدابير الاحترازية التي يتبعونها في سبيل تحقيق الضبطية على أكمل وجه ممكن، ورغم ذلك تستمر القضايا أشهر طويلة في ساحات المحاكم، يلجأ فيها محامو المتهمين إلى بعض الثغرات ويتمسكون بها، لإظهار براءة موكليهم. «التحرير» استطلعت آراء خبراء للتعرف على الثغرات التي يتبعها محامو المتهمين لتبرئة ساحة موكليهم. قضية إجراءات يقول مصدر قضائي، فضل عدم ذكر اسمه، إن القانون نص على أن التسجيلات لمن تدور حولهم الشبهات أمر بالغ الأهمية بالنسبة لعضو النيابة أو القاضي مصدر القرار إذ أن المواطن العادي له حصانة كالقاضي أو عضو مجلس النواب، لا يجوز تفتيشه أو التسجيل له إلا بإذن من الجهات القضائية، بموجب الدستور الذي كفل حرية وحقوق المواطن، مختتما «قضية الرشوة هى قضية إجراءات، إذا تشكك القاضي فى أي منها يخدم المتهم ويصب في مصلحته». وتابع أنه ومع حلول عصر التكنولوجيا يسعى المحامي للحصول على نص المكالمات الصادرة والواردة لموكله، الذى قام ضابط الرقابة بتسجيلها فيلحظ أحيانا وجود مكالمة قدمها الضابط للنيابة، أجراها المتهم في موعد غير الذى حدده إذن التسجيل، وفي الغالب يكون موعدها قبل الحصول على إذن التسجيل، وهو ما يؤهل المحامي إلى الدفع ببطلان تلك التسجيلات الصوتية. شبهات حول التسجيلات وعلق المستشار رامي عبد الهادي، رئيس المحكمة الأسبق، ل«التحرير» مشيرا إلى أن القاضي الجزئي صاحب إصدار إذن تسجيلات المكالمات الهاتفية للمتهم الذي تدور حوله الشبهات أو تصويره صوتًا وصورة، في ضوء محضر تحريات يقدمه ضابط المباحث المختص لنيابة الأموال العامة أو نيابة أمن الدولة. ولفت «عبد الهادي» ل«التحرير» إلى أن محامي المتهم في قضايا الرشوة، يدفع أمام القاضى ببطلان تلك التسجيلات في بعض الحالات وهى عدم سرد كافة المكالمات وتفريغها أمام القاضي، مشيرا إلى أن ضابط الرقابة الإدارية أو الأموال العامة يقع أحيانا في خطأ يستغله المحامي، حيث يقدم الضابط للنيابة جزءًا خاصًا من التسجيلات يخدم موضوع القضية فقط، والتي تتضمن طلب الحصول على رشوة وشرح تفاصيلها وخلافه، رغم أن إذن التسجيل للمتهم يشمل تسجيل كافة مكالماته في موعد محدد خلال 30 يوما مثلاً ويتم تجديده بناءً على تحريات جديدة جدية بقرار من القاضي وحده. مفيش أحراز وقال إن العبرة بما حصل عليه المتهم فعليا من «عطايا» لا بما تحدث عنه خلال التسجيلات الخاصة به، وهو ما يعلق عليه المحامي آمالاً كبيرة لإظهار براءة موكله أمام محكمة الجنايات، كما أن «غالبية قضايا الرشوة بتاخد براءة عشان مفيش أحراز ودي بيعتمد عليها المحامي». ونوه: "لو لم يتم ضبط أوراق أو أموال أو هدايا فلا وجود لقضية الرشوة من الأساس"، واستكمل أنه في حال الإذن بالتسجيل صوتًا وصورة للمتهم، وخلال مطالعة الأحراز وتفريغها أمام المحكمة، فإذا سمع صوت المتهم دون صورته أو العكس، فهذا كفيل بنسف القضية فالعرف القانوني يقول «إذا شك القاضي في جزء نال من الكل». بدورها، علقت المحامية نيفين وحش، الخبيرة القانونية، مشيرة إلى أن أول ما يدور في ذهن محامي المتهم فى قضية الرشوة، هو الدفع بطلان حالة من حالات التلبس، وكذا عدم توافر القصد الجنائي لديه من الفعل الذي أقدم عليه سواء كان بتخصيص أراضٍ مثلاً وخلافه، وكذا بطلان إذن النيابة الصادر بتسجيل المكالمات الصوتية للمتهم، حيث تتجاوز التسجيلات الوقت المحدد والمتضمن للإذن على وجه الدقة. أضافت ل«التحرير» أن عدم وجود أى أوراق تبرهن على صحة ما ورد بالتحريات من شأنه أن ينسف القضية كذلك، إذ تحظى قضية الرشوة باهتمام بالغ، يسعى خلالها محامي المتهم إلى إدخال الشك في قلب وذهن هيئة المحكمة، من خلال «التشكيك في صحة الإجراءات». اختتمت: "أحيانا ما يكون الاختلاف في مواعيد تجديد حبس المتهمين في قضايا الرشوة، قد يسرب الشك إلى عقيدة المحكمة مع اهتمام القاضي باتباع الإجراءات الفنية الصحيحة وبطريقة قانونية".