تأتي زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى السودان وسط تغيرات إقليمية إيجابية تحدث في المنطقة، أهمها التقارب الإثيوبي الإريتري، والانفراجة في الملف المائي بعد زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي الجديد أبي أحمد، إلى القاهرة في 9 يونيو الماضي. يقول السفير محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية السابق للشئون الإفريقية وعضو المجلس المصرى للشئون الخارجية، في تصريحات خاصة ل«التحرير»، إن زيارة الرئيس السيسي، للخرطوم تأتي وسط تطورات إيجابية تشهدها منطقة شرق إفريقيا وتأتي في إطار إقليمي أكثر إيجابية، بالإضافة إلى مشروع الربط الكهربائي والعلاقات الثنائية بين البلدين مصر والسودان وكذلك دور البلدين في مكافحة الإرهاب ومناقشة عدد من الملفات الهامة مثل القضية الليبية والسورية، مشيرا إلى أن هذه أول زيارة للرئيس لدولة إفريقية بعد توليه الفترة الثانية من الرئاسة. وأشارت الدكتورة نانيس فهمي، الخبيرة في الشئون الإفريقية، في تصريحات خاصة ل«التحرير»، إلى أن الفترة الماضية شهدت توترات بين البلدين خاصة مع انحياز السودان لإثيوبيا خلال مفاوضات سد النهضة، إلا أن هذه الزيارة تؤكد توجه القيادة السياسية إلى أهمية العلاقات مع السودان لتحقيق السلام في القارة الإفريقية خاصة مع العلاقات التاريخية بين البلدين وأهمية التعاون بينهما. وأضافت نانيس أن مشروع الربط الكهربائي مع السودان الذي تم توقيع الاتفاق عليه اليوم، سيقلل من الجمود في مفاوضات سد النهضة، كما ستسهم هذه الزيارة في تعزيز العلاقات مع السودان، وتعزيز مكانة مصر الإقليمية ما يؤدي إلى مزيد من الاستقرار والتعاون في مجال أمن البحر الأحمر. وتابعت أن "هناك تغيرا نسبيا في المواقف السودانية والإثيوبية، خاصة مع توجه رئيس الوزراء الإثيوبي المعتدل"، لافتة إلى أن الزيارة تسعى إلى دوام المصالح المشتركة بين البلدين في ظل الرغبة بين الجانبين لمزيد من التعاون. والتقى الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم بمقر إقامته بالخرطوم، بعدد من قيادات ورموز القوى السياسية والمفكرين والإعلاميين السودانيين، في ثاني أيام زيارته للسودان. وصرح السفير بسام راضي، المُتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيس أعرب خلال اللقاء عن سعادته بزيارة السودان والالتقاء بمفكريها وقيادات العمل السياسي السوداني، مشيرا إلى أن الزيارات المتعاقبة بين الدولتين تؤكد حرص القيادتين المصرية والسودانية علي دفع العلاقات الثنائية وإجهاض أي محاولات لتعكير صفو العلاقات بينهما. وأكد الرئيس السيسي أن سياسة مصر الخارجية تقوم على مبادئ راسخة بعدم التدخل في الشئون الداخلية للآخرين وعدم التآمر على أي دولة، ومد روابط التعاون والتنمية وإرساء السلام، في إطار ثابت من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، التي تسمو فوق أي اختلافات في وجهات النظر. وأشاد الرئيس بما تبذله الدولتان حاليا من جهود حثيثة لدعم علاقات التعاون بينهما، وقيام لجان وآليات التعاون الثنائي بين البلدين بتجاوز العديد من الصعوبات التي كانت تواجهها، وترفيع اللجنة المشتركة بين البلدين إلى المستوى الرئاسي وانعقادها بالخرطوم في أكتوبر المقبل، وتشكيل لجنة التسيير بين البلدين لتحديد خطط واضحة بأهداف محددة وجداول زمنية لوضع ما يتم الاتفاق عليه موضع التنفيذ. وأشار إلى الشروع في تنفيذ مشروعات قومية مشتركة، منها الربط الكهربائي ومد خطوط السكك الحديدية بين الدولتين، مؤكدا أن هناك آفاقاً واسعة للارتقاء بعلاقات التعاون إلى أبعد مدى. وشدد الرئيس على حرص الحكومة المصرية على تعزيز العلاقات الاقتصادية وزيادة حجم التبادل التجاري مع السودان.