شهدت الفترة الأخيرة في العراق حالة من الغضب والتذمر لدى العراقيين نتيجة التدخل الإيراني السافر في البلاد، وذلك من خلال بسط نفوذها وتدخلها المتكرر في الشؤون الداخلية للبلاد، حيث اتخذت الاحتجاجات العراقية التي دخلت أمس أسبوعها الثاني منحى آخر، بعد أن خرجت للتنديد بالفساد وللمطالبة بتحسين الخدمات وتوفير فرص عمل للمواطنين العاطلين. إلا أن الاحتجاجات العارمة التي يشهدها العراق تحولت إلى المطالبة بالحد من النفوذ الإيراني ووقف تدخل طهران في شؤون البلاد. رسالة إلى إيران وجه الشعب العراقي رسالة إلى النظام الإيراني أكد خلالها رفض الهيمنة الإيرانية، وذلك من خلال "حرق مكاتب الأحزاب التي لديها صلات بإيران في بعض محافظاتالعراق"، وأبرزها مكاتب ميليشيا بدر وحزب الدعوة وتيار الحكمة، حسب ما نقلت "قناة العربية". اقرأ أيضًا: لافتات الانتخابات العراقيةبطهران تثير غضب الشعب الإيراني كان من اللافت أن غضب المتظاهرين لم يقتصر على الأحزاب العراقية المقربة من طهران بل شمل إيران نفسها، إذ ردد المتظاهرون شعارات ضدها، منددين بدورها في العراق. كما تم تداول صور ومقاطع فيديو لإحراق لوحة في شارع رئيسي وسط مدينة البصرة التي انطلقت منها المظاهرات منذ أكثر من أسبوع، وكانت تحمل صورة آية الله الخميني قائد الثورة الإيرانية، وهو ما يعبر عن الغضب الشعبي حيال الممارسات الإيرانية بقطعها روافد الأنهار المغذية لشط العرب، وتدخلاتها العسكرية والسياسية في البلد العربي. وأظهر فيديو تداوله ناشطون المحتجين وهم يحرقون صورة الخميني ويهتفون "إيران برة برة.. البصرة تبقى حرة". لم يكتف المتظاهرون بحرق صور الخميني، بل هتفوا "احترق الخميني احترق" و"احترق الحشد احترق"، في إشارة إلى ميليشيات "الحشد الشعبي" الطائفية الموالية لإيران. اقرأ أيضا: «قوات الناتو».. انتهاك لسيادة العراق أم حماية لها؟ وعكف المتظاهرون على الوجود في شارع الزهراء الذي غيرت السلطات العراقية اسمه قبل نحو عامين ل"شارع الخميني"، وقاموا بإشعال النار في اللافتات التي تحمل صوره قائد الثورة الإيرانية. القادم أسوأ ويرى مراقبون أن حرق مقار الأحزاب السياسية الإيرانية الفاسدة يكشف عن استياء عراقي شعبي كبير تجاه إيران ونظام الملالي، ويؤكد أن الشعب العراقي لم يعد يتحمل وجود "الفرس"، وأن القادم سيكون أسوأ بكثير على إيران، حسب ما نقلت "بغداد بوست". كما ذكر مصدر دبلوماسي في القنصلية الإيرانية بكربلاء أن الإجراء العراقي رسالة تهديد، في إشارة إلى خفض إصدار تأشيرات الدخول للزائرين الإيرانيين، مضيفًا أن السلطات العراقية أبلغت طهران أن إيقاف إمداد بغداد بالكهرباء والماء أدى إلى غضب شعبي يشكل تهديدًا لأمن الإيرانيين في العراق، وبناءً عليه فضلت تخفيض عدد التأشيرات لهم حتى تهدأ الأزمة. ولاقت صورة الخميني وهي تشتعل في البصرة التي تداولها نشطاء عراقيون وعرب، الكثير من ردود الأفعال والتعليقات المؤيدة لهذه الخطوة، معتبرين أن ذلك يحمل رسالة لطهران، بأن العراقيين ضاقوا بها وبالساسة الذين يمثلونها. اقرأ أيضًا: لماذا «الثعلب الإيراني» موجود في العراق؟ أحد النشطاء يستخدم حسابًا على "تويتر" باسم مزاحم الشمري قال: "حرق صورة الخميني في البصرة رسالة إلى الأحزاب التابعة لإيران.. وأن الشعب العراقي سيقوم بحرق كل من باع العراق". بدوره أشار ناشط يستخدم حسابًا باسم عدنان علوان، إلى أن الصورة "وضعتها ميليشيات تابعة لإيران"، معتبرًا أن مشاهدتها وهي تحترق "تثلج الصدور"، في إشارة إلى الحساسية المتنامية لكثير من العراقيين تجاه تدخل طهران في بلادهم. رغد في قفص الاتهام وتتمتع إيران بنفوذ وتوغل واسع في العراق منذ سقوط نظام الرئيس الراحل صدام حسين على يد القوات الأمريكية عام 2003، حيث أسست وجودًا عسكريًا، من خلال ميليشيات تمولها وترعاها. من جانبها نفت رغد صدام حسين كريمة الرئيس العراقي الراحل، تغريدة نسبت إليها على موقع تويتر بشأن تحريضها على الاحتجاجات في جنوب البلاد وشن هجمات على الأحزاب المؤيدة لإيران في بلادها. اقرأ أيضا: «سرايا الأشتر».. إحدى أذرع إيران الدموية في البحرين وجاء في التغريدة التي نسبت زورا لها، أن رغد صدّام حسين تحرض المحتجين في العراق على متابعة احتجاجاتهم ومهاجمة الأحزاب العراقية المدعومة من إيران. لكن رغد صدام حسين أكدت أن "الحساب الذي نشر التغريدة هو حساب وهمي مزيف" ولا يمت بأي صلة لها. وأوضحت أنها لم تدل بأي تصريح بشأن الاحتجاجات في مدن جنوبالعراق لا من قريب ولا من بعيد ، بحسب "السومرية نيوز". يمكن القول هنا إن إيران عمدت منذ احتلال العراق عام 2003 إلى التوغل داخل المجتمع العراقي كهدف يجعلها تسيطر على شؤونه السياسية، دون أن تواجه تهمة التدخل في شؤون بلد ذي سيادة، ثم بعد ذلك باتت تتذرع بأن كل ما تفعله في العراق هو بطلب من حكومته، لتتمكن عبر هذه السياسة من جعل البلد العربي بحكوماته المتعاقبة منصاعًا لتوجهاتها. اقرأ أيضًا: إخراج إيران من سوريا.. خطة ثلاثية تضع الأسد في مأمن من إسرائيل وبات الوجود الإيراني في العراق شائكًا إلى درجة تفوق التعقيد، فقد استطاعت إيران أن تسيطر على العراق من خلال استراتيجيات عدة تتمثل أولها: "بإيصال مؤيديها من ساسة العراق إلى السلطة ودعمهم للبقاء في سدة الحكم، والثانية تتلخص في تكرار تجربة شعبية عسكرية تجعل من العراقيين جنودًا يدافعون عن أمن إيران بصورة غير مباشرة بحكم أنهم يقاتلون دفاعًا عن أراضيهم". ومن خلال ما سبق نجد أن التدخل الإيراني من خلال وحدات وعناصر الحرس الثوري في احتجاجات العراق وفي الشأن الداخلي واضح للجميع، كما أن محاولاتها استغلال المشهد وتحويله لصالحها يراها كل شخص سواء داخل العراق أو خارجه.