من المقرر أن تشهد العاصمة الفنلندية هلسنكي، غدًا الإثنين، اللقاء الرسمي الأول بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين. اللقاء بين الزعيمين، سيحظى برمزية كبيرة، حيث تأتي القمة بعد يوم من نهائي بطولة كأس العالم في موسكو، وهو حدث مهيب أثار موجة من الوطنية في روسيا. شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أشارت إلى أنه في الوقت الذي خرج فيه الفريق الروسي من الدور ربع النهائي للبطولة، شعر الروس بالفرحة والكبرياء، ويرجع ذلك إلى الأداء العام القوي للمنتخب الوطني بشكل مثير للدهشة. وكشف استطلاع أجراه مركز أبحاث الرأي العام الروسي، المملوك للدولة، أن نحو 70% من المواطنين الروس شاهدوا مباريات البطولة. وأضافت الشبكة أن قمة الإثنين تمنح بوتين فرصة لممارسة دور كان يتقنه منذ 18 عامًا، (دور رجل الدولة)، كما أن قمة "هلسنكي"، ستصبح فرصة لبوتين لالتقاط صور "تاريخية" تشبه التي التقطها ترامب مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون في سنغافورة، مما يضعه على قدم المساواة مع نظيره الأمريكي. ولفتت إلى أن عقد لقاء فردي مع ترامب يمنح الرئيس الروسي فرصة للظهور بشكل أكثر ثقة وثباتًا في الاجتماع مع نظيره الأمريكي المتهور. اقرأ المزيد: هل سيطلب ترامب المساعدة من بوتين لحل أزمة كوريا الشمالية؟ "فدائمًا ما يكون بوتين على دراية جيدة بالمواضيع التي يتحدث عنها، وقد يكون المؤتمر الصحفي الماراثوني الذي يعقده بشكل سنوي، الدليل الأكثر وضوحًا على معرفته الواسعة"، وفقا للشبكة. ومع ذلك، فإن كل شيء يبدو أبعد ما يكون عن هذه الجلبة، فهو يبدو ورديا بالنسبة لبوتين، حيث أدى إعلان وزارة العدل، يوم الجمعة، إدانة 12 من ضباط المخابرات الروسية بتدخلهم في الانتخابات الرئاسية لعام 2016 إلى دعوات لترامب لإلغاء الاجتماع مع الرئيس الروسي. إلا أن "سي إن إن" ترى أن حدوث ذلك أمر غير محتمل، حيث كرر ترامب دعوته "بإنشاء علاقات أفضل مع روسيا" عدة مرات، ووصف التحقيق الذي يتهم أعضاء في فريق حملته الانتخابية بالتعاون مع الروس، بأنه "مطاردة ساحرات". وأضافت أن اجتماع بوتين مع ترامب، قد يكون الإلهاء الذي يحتاجه الرئيس الروسي الآن، فمن الممكن أن يكون الروس ما زالوا في غمرة حمى كأس العالم، ولكن الاحتفالات التي استمرت لمدة شهر لم تترجم إلى إحساس بالمزيد من الرفاهية لمواطني البلاد. ففي استطلاع للرأي أجرى في ذروة كأس العالم، وجد مركز أبحاث الرأي العام الروسي، أن معظم الروس أكدوا أن جميع مؤشرات "الرفاه الاجتماعي" في يونيو انخفضت مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وقال المشاركون في الاستطلاع: إنهم "يشعرون بمزيد من التشاؤم بشأن مجموعة من العوامل، مثل الأمن المالي وثقتهم في الاقتصاد، ودعمهم للمسار السياسي للبلاد". اقرأ المزيد: 6 قضايا على مائدة ترامب وبوتين في قمة «هلسنكي» وبالمقارنة مع نفس الاستطلاع في منتصف عام 2014، عندما اجتاحت البلاد موجة من الوطنية بعد ضم موسكو لشبه جزيرة القرم، انخفض معدل التفاؤل في روسيا بشكل حاد. ويرجع السبب في ذلك إلى الهزة الاقتصادية والاجتماعية للروس، الناجمة عن ارتفاع أسعار الوقود، واقتراح الحكومة برفع سن التقاعد، وفقًا لمركز أبحاث الرأي العام الروسي. ويعد موضوع رفع سن التقاعد مسألة حساسة للغاية بالنسبة للروس، الذين ما زالوا يتوقعون استمرار شبكة الأمان الاجتماعي من النظام السوفييتي. وقد تم طرح اقتراح رفع سن التقاعد تدريجيا إلى 63 عامًا بدلًا من 55 عامًا للنساء، و65 عامًا، بدلًا من 60 عامًا للرجال، في محاولة لتحقيق الانضباط المالي. إلا أن منتقدي الاقتراح، قالوا: إن "القرار بالمضي قدمًا في الخطة التي لا تحظى بشعبية في يوم افتتاح كأس العالم، يشير إلى أن الحكومة تحاول التغطية عن الأنباء السيئة". لكن في الوقت نفسه، ما زال بوتين يتمتع بشعبية واسعة، فوفقًا لما ذكره مركز "ليفادا" المستقل للاستطلاع، فإن نسبة تأييده تبلغ 80% تقريبًا، وهو رقم لم يصل إليه أي رئيس أمريكي. اقرأ المزيد: بوتين وترامب.. أكبر مشاكل «الناتو» وأشارت الشبكة الأمريكية، إلى أن الطريقة التي يتعامل بها بوتين مع ترامب في هلسنكي، سترفع من هذه التقييمات. "قمة هلسنكي" ليست أول اجتماع بين ترامب وبوتين، ففي الماضي أبدى الرجلان إعجابهما ببعضهما علانية، وكان بوتين يتمكن ببراعة من الإدلاء بتصريحات تلقي صداها لدى ترامب. وفي مؤتمره الصحفي السنوي لعام 2015، قبل أن ينجح ترامب في الحصول على موافقة الحزب الجمهوري في الترشح بالانتخابات الرئاسية، وصف بوتين ترامب بأنه "شخص مشرق وموهوب" ولديه أفضلية في السباق الرئاسي. واقترح ترامب في مؤتمر صحفي أمس، أنه سيكون مفاوضًا قاسيا في هلسنكي، وعندما سُئل عن ضم بوتين لشبه جزيرة القرم في عام 2014، ألقى باللوم على الرئيس باراك أوباما قائلًا: "لا أعتقد أن بوتين كان ليفعل ذلك الأمر معي". ويبقى السؤال: ما الذي يأمل فيه الروس أن يتحقق بعد اجتماع "ترامب - بوتين"؟ استطلاع لمركز أبحاث الرأي العام الروسي أكد أن المواطنين الروس ليسوا متفائلين، فأكثر من نصفهم لا يتوقع حدوث تغييرات كبيرة لبلدهم بعد الاجتماع المغلق بين الزعيمين. من جانبه سيخضع ترامب لضغوط في الولاياتالمتحدة لمواجهة بوتين، خاصة بعد توجيه اتهامات إلى 12 مواطنا روسيا بالتدخل في الانتخابات. وعلى الرغم من عدم الارتياح في العواصم الأوروبية من انتقاد ترامب الأخير لحلف الناتو، فإن الروس ليسوا واثقين بأن القمة ستؤدي إلى تطور حقيقي في العلاقات الأمريكية الروسية المتوترة.