من المتوقع أن يواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أسلوبه الصدامي في سياسة أنقرة الخارجية، وذلك مع أدائه اليمين الدستورية اليوم لولاية جديدة من خمس سنوات بصلاحيات معززة. وشهدت الأشهر التي سبقت فوز أردوغان في الانتخابات الرئاسية 24 يونيو توترًا حادًا بين أنقرة والدول الغربية بالتوازي مع تقارب بين أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين. البداية مع الأزمة الاقتصادية، حيث يواجه الأخير أكبر تحدٍ يتمثل في الأزمة الاقتصادية، وذلك مع ارتفاع نسبة التضخم وتدهور قيمة العملة وعجز كبير في الحسابات العامة، فضلا عن دعمه للإرهاب وذلك من خلال احتضان المئات من قادة وأنصار تنظيم الإخوان، حسب العين الإماراتية. ومن دعم الإخوان الإرهابيين إلى إشعال المنطقة في عفرين، كان أردوغان موجودًا، رغم التحذيرات التي طالت نظام حكمه من بناء شبكات إرهابية تهدد أمن واستقرار العالم. اقرأ أيضًا: غزوة أردوغان لإفريقيا.. تحدّ للقوى العالمية وتعويض لخسائر تركيا صحيفة "لوموند" الفرنسية، قالت في وقت سابق: إن "أمن أوروبا يُقر من منطقة عفرين السورية، محذرة من أن القارة العجوز ستصبح عرضة للإرهاب إذا أطلقت يد النظام التركي ورئيسه أردوغان في المدينة السورية". لم يكتف أردوغان بالتطهير العرقي بحق الأكراد في سوريا، بل سعى جليا إلى الدخول في صدام مع الولاياتالمتحدة فيما يتعلق بالملف السوري، إضافة إلى مصير الداعية فتح الله جولن المقيم في المنفى في الولاياتالمتحدة، والذي تصر أنقرة على تسليمه لها لاتهامه بالوقوف خلف الانقلاب الفاشل في يوليو 2016، بحسب القبس الكويتية. أضف إلى ذلك، دعم واشنطن لوحدات حماية الشعب الكردية زاد من توتر العلاقات مع أنقرة التي تعتبر هذه المجموعة المسلحة منظمة إرهابية تهدد حدودها. الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى سونر كاجبتاي قال: إن "أردوغان قد يبقى على خطه المتشدد في هذه القضية، إذ إنه بحاجة إلى دعم حلفائه القوميين المتطرفين للاحتفاظ بغالبيته البرلمانية". ومع ذلك، يرى محللون أن الولاياتالمتحدة مستعدة لتقديم تنازلات رغم التوتر، كما يتضح من تسليم أول طائرة من طراز "إف 35" إلى تركيا في نهاية يونيو رغم تحذير واشنطن في وقت سابق من شراء منظومة إس 400 الدفاعية، والتي كانت وراء الخلافات، وفقا للصحيفة الكويتية. اقرأ أيضًا: لماذا سحبت ألمانيا قواتها من قاعدة إنجرليك التركية؟ وفيما يتعلق بالتقارب الروسي التركي، فهناك محاولات حثيثة لإثناء أنقرة عن التعامل مع روسيا للحفاظ على بقائها ضمن قوات حلف شمال الأطلسى، إلا أن الأخيرة تعتبر أن التعامل مع موسكو هو من أجل أمنها القومي، ليقوم أردوغان بتخطي الأزمة الدبلوماسية مع بوتين، خاصة بعد حادث إسقاط مقاتلة روسية فوق الحدود السورية في 2015. لكن الباحث في برنامج الدراسات حول طريق الحرير جاريث جنكنز، اعتبر أن أردوغان سيتعين عليه الاختيار بين الولاياتالمتحدةوروسيا، مؤكدا أنه سيدفع ثمنًا مهما كان خياره، حسب النهار اللبنانية. أما عن سوريا، فمنذ بداية الأزمة عام 2011، عكفت تركيا على تقديم كل سبل الدعم إلى المعارضة من أجل إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد، لكن مع تدفق ملايين اللاجئين إليها وتمركز الجماعات المسلحة على حدودها، دفعها إلى شن عمليات عسكرية داخل البلد العربي بذريعة دحر الإرهاب. الخطوة التي أقدم عليها السلطان العثماني كانت كفيلة لأن تخلق تنافسا بين القوى العظمى حول إقامة مناطق نفوذ داخل سوريا. آرون شتاين من مكتب المجلس الأطلسي أكد أن تركيا توصلت إلى صيغة مع الأسد تمر عبر موسكو، متخلية عن أي مساع لتغيير النظام، وفقا للنهار اللبنانية. حيث يقبل الأتراك بقاء النظام في السلطة، لكنهم مصممون على إقامة منطقة نفوذهم الخاصة على طول الحدود لتكون بمثابة فاصل، حسب شتاين. اقرأ أيضًا: مواجهة أمريكية ونفور أوروبي.. سياسة أردوغان الخارجية تقود تركيا للهاوية وبالانتقال إلى العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، نجد أنها حملت طابعًا صداميًا منذ يوليو 2016، وقيام أنقرة بحملة تطهير واسعة بحق المدنيين، وهو الأمر الذي أثار غضب دول الاتحاد، حسب فرانس برس. لكن الدبلوماسي التركي أوزدم سانبرك، أبدى قناعة بأن أردوغان سيبدأ عهدًا جديدًا من التسويات مع الاتحاد الأوروبي، وسيعمل أيضًا على توطيد العلاقات. أما صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية فقالت: إن "تركيا ستشهد خلال الفترة المقبلة عدم استقرار على جميع المستويات، وذلك في أعقاب فوز الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية". "الصحيفة" أكدت أن أردوغان سيقود تركيا من خلال نظام جديد يمنحه مزيدًا من السلطات، معتقدًا بذلك بأنه سيصبح زعيمًا قوميًا على شاكلة مصطفى كمال أتاتورك، ومع ذلك فإن البلاد أصبحت في الوقت الراهن منقسمة بين معسكرين، الأول هو المعسكر الأردوغاني، ونسبته قليلة للغاية، والثاني هو أغلب الأتراك وجميع الأكراد الذين سئموا سياسات الرئيس التركي". وأوضحت أن حصول أردوغان على سلطات تنفيذية واسعة بعد فوزه في الانتخابات ينذر بمستقبل قاتم على تركيا وسط انتقادات من المعارضة التي وصفت فوز أردوغان بأنه تصويت ل"حكم الفرد". ما نود التأكيد عليه أن سياسة أردوغان أضرت بمصالح الشعب التركي، خاصة بعد تراجع اتفاقياتها الاقتصادية وتبادلها التجاري مع عدد من دول المنطقة، ومن الضروري أن يعي أن المخطط العثماني لن يضع البلاد إلا على حافة الهاوية وقد تكون بداية الانهيار.