«الانفصال المتفق عليه من قبل الطرفين هو الأكثر سعادة وهدوءا، ويتجنبان من خلاله الشعور بالذنب أو المسؤولية، بل ويمكن أن يستمرا كصديقين مستقبلًا»، كان هذا أحد تعريفات عُلماء الاجتماع عما يسمى بالانفصال السعيد بين الزوجين، ونقتبس هذا التعريف في توصيف الانفصال الذي وقع بين الثلاثي هشام ماجد وأحمد فهمي وشيكو. الجمهور تعرف عليهم ك«كُتلة» واحدة في عام 2008، حينما قدموا فيلم «ورقة شفرة»، الذي كان بارقة أمل في ظهور جيل جديد بأفكار جديدة في عالم الكوميديا، عشر سنوات قدموا خلالها العديد من الأعمال في السينما والتليفزيون، كانت كفيلة بأن يرتبط بهم الجمهور، وهذا ما يفسر الصدمة التي حدثت بعد إعلانهم الانفصال. انشق الفنان أحمد فهمي عن الثلاثي، لنصبح أمام بطل جديد ينفذ أعماله بمفرده، ويتصدرها كنجم أول، فيما فضل الاثنان الآخران التشبث ببعضهما ليتحول الثلاثي إلى ثُنائي، ونصبح أمام واقعة أشبه بما حدث مع ثلاثي أضواء المسرح سمير غانم وجورج سيدهم والضيف أحمد، الذين حولهم القدر إلى ثُنائي بعد وفاة الضيف أحمد، لكنهما لم يستمرا طويلا، وهو الأمر الذي أكده هشام ماجد، في تصريحات إعلامية، بأنه من المؤكد أن الثنائي أيضًا لن يستمر. «الرجل العناب» سبب الخلاف هشام ماجد وأحمد فهمي وشيكو كتبوا أفلامهم بأنفسهم، وبعد نجاح تجربة فيلمهم «ورقة شفرة» في 2008، قدموا فيلم «سمير وشهير وبهير»، الذي كان خطوة فارقة في مشوارهم الفني، ليكرروا النجاح بعد ذلك عام 2012 من خلال فيلم «بنات العم»، ويتحول الأمر بعد ذلك إلى «أكل عيش» ومصدر رزق وليس «لعب عيال»، لتبدأ المشكلات والخلافات بعد ذلك في أثناء كتابتهم فيلم «الحرب العالمية الثالثة»، حيث قرروا إسناد مُهمة الكتابة إلى السيناريست مصطفى صقر ومحمد عز. نجاح الفيلم السابق، الذي تخطت إيراداته الثلاثين مليونا، لم يكن كافيا لإنهاء الخلاف بين الثلاثي؛ ففي أثناء استعدادهم لكتابة مسلسل جديد وهو «الرجل العناب»، اشتد الشقاق بسبب عدم إعجاب هشام وشيكو بالسيناريو الذي شارك في كتابته فهمي، ليقرر الأخير العمل «بمفرده». على المستوى العملي، انفصال الثلاثي بمثابة صفحة جديدة، كأنهم يقدمون أنفسهم للجمهور لأول مرة، وهذا أمر صعب للغاية، وهو أن تُعيد بناء ما قد أنهيت بناءه، لكن اليوم مضى أكثر من عام على هذا الانفصال، نستطيع أن نُقيم هذا القرار والخسائر التي أحدثها. «مين الخسران؟» الكتابة كانت سبب الخلاف بين الثلاثي، لذلك بعد الانفصال من المُمكن أن تشعر بأن أحمد فهمي هو العُنصر الأقوى في كتابة سيناريو الأفلام، وأن هشام ماجد وشيكو هما الطرف الخاسر لضعف مستوى الفيلم الذي قدماه بعده، وهو «حملة فريزر»، الذي لم يحقق الإيرادات المتوقعة منه، ونال هجوم النقاد، في حين استطاع فيلم «كلب بلدي» لأحمد فهمي تحقيق إيرادات أعلى وتخطاهما بكثير، أيضًا في الموسم الرمضاني تأكد ذلك بعد نجاح مسلسل أحمد فهمي «ريح المدام» على مسلسلهما «خلصانة بشياكة» الذي شاركا بالتمثيل فيه مع النجم أحمد مكي. هل يعود الثلاثي؟ خلال لقاء الفنان هشام ماجد، السبت الماضي، في برنامج بوضوح مع الإعلامي عمرو الليثي على شاشة قناة «الحياة»، أكد شعوره بالأسف بسبب الانفصال، رغم أنه يرى أنه كان لا بد أن يحدث، لكن فهمي عجل به، مؤكدًا أن الأخير صاحب قرار الانفصال نتيجة الخلافات التي حدثت أكثر من مرة، ويرى أن قرار عودتهم مرة أخرى وارد؛ لأن الجمهور تعود على ظهورهم معا. الكسور في الفن لا تلتئم وفي هذا الشأن، قال الناقد الفني طارق الشناوي، إن الانفصال في الفن «إجباري»، فتجد مثلًا السيناريست لينين الرملي يصنع الكثير من النجاحات مع محمد صبحي، لكن في مرحلة ما يختلفان ويتم الانفصال، أيضًا سمير غانم وجورج سيدهم بعد وفاة الضيف أحمد انفصلا ولم يستمر الثنائي. وقال الشناوي في تصريحاته ل«التحرير»، إن ذروة التفوق بالنسبة للثلاثي، وأكبر نجاح جماهيري حققوه كان في فيلم «الحرب العالمية الثالثة»، وبعد الانفصال لم يستطع هشام ماجد وشيكو تحقيق النجاح في فيلمهما «حملة فريزر» وكان ضعيفًا، على عكس فيلم «قلب أمه»، فهو فيلم قوي فنيًا ويشع قدرا من البهجة، لكن هُناك عوامل ساعدت في ذلك، وهو المخرج عمرو صلاح الذي وفق في أول عمل فني له، بالإضافة لاستعانتهم بكُتاب سيناريو آخرين، وهما محمد محمدي وأحمد محيي. وأكد الشناوي أن قرار عودة الثلاثي «مستحيل»؛ لأن التاريخ لم يثبت ذلك، فدائمًا الانشقاق يحدث لأسباب غير مُعلنة للصحافة والإعلام، ولذلك لم يعد أي ثنائي أو ثلاثي سابق، كما لم يعد لينين لصبحي، أو سمير غانم لجورج، فالكسور في الفن لا تلتئم. الحقيقة حاولنا كثيرًا أن نُحدد الخسائر التي نتجت عن قرار الانفصال، وبالطبع هي كثيرة، لكن لم نجد سوى خاسر واحد فقط وهو «الجمهور» الذي اعتاد على ظهورهم في عمل واحد.