تشهد الحكومة الجزائرية أزمة حادة بعد إعادة منتجات زراعية جزائرية مصدرة إلى عدد من الدول، حيث أرجعت هذه الدول ذلك إلى احتواء هذه المنتجات على مبيدات خطيرة تهدد صحة مستهلكيها. وكانت روسيا، وفرنسا، وكندا، وقطر، قد رفضت شحنات من منتجات قامت باستيرادها من الجزائر، ويتعلق الأمر بمنتجات (التمور، والطماطم، والبطاطا). وشككت الدول المذكورة في احتواء المنتجات الزراعية على مواد كيميائية، وعدم مطابقتها للمعايير المتفق عليها دوليًا، وهناك من قرر إتلافها، لكن آخرين قرروا إعادتها إلى الجزائر. مخاوف حكومية وتتخوف حكومة أحمد أويحيى من تأثير الواقعة على سمعة المنتجات الزراعية الجزائرية وإمكانية رفضها دوليًا، بالإضافة إلى انكسار استراتيجية التصدير التي تبنتها الحكومة لتنويع صادراتها خارج قطاع المحروقات. اقرأ أيضا : «الحكومة الافتراضية» بالجزائر.. هل ستكون بداية لنهاية «أويحيى»؟ وفتحت الحكومة تحقيقًا معمقًا بقضية إرجاع المنتجات الزراعية، ووجه أويحيى، تعليمات عاجلة إلى وزيري الزراعة والتجارة لإيفاده بتقرير مفصل عن الأسباب الحقيقية لرفض منتجات فلاحية جزائرية. وفي المقابل تولّت وزارة الخارجية الجزائرية، مهمة الاستفسار عن خلفية الحادثة عبر سفراء الدول المعنية المعتمدين لديها، تنفيذًا لتعليمات رئيس الوزراء، بحسب جريدة "الجزائر". وكشف وزير التجارة سعيد جلاب أن الوزراة فتحت تحقيقا في قضية تصدير المنتجات الزراعية، وقال: إن "الوزارة فتحت تحقيقات حول الأخبار المتداولة حول إرجاع بطاطا وتمور مصدرة إلى روسيا ودول عربية"، مضيفًا أن المصدر لا بد أن يهتم بجودة المنتجات التي سيصدرها للخارج، وأنه لا بد أن تكون هناك فرق عمل ترافق المصدرين للمنتجات الزراعية من الجزائر إلى ميناء الوصول. وأوضح "إن ثبت صحة الواقعة، ستكون هناك عقوبات كبيرة على المصدر"، حسب "النهار". الوزير الجزائري حاول التهوين من الحادثة حتى لا تؤثر على استراتيجية بلاده في التصدير، بتأكيده أن هناك زبائن يثقون في الجزائر، وأن هناك شحنة من مادة البطاطا صُدّرت إلى دولة الإمارات العربية الأحد. "الزراعة" تنفي وزارة الزراعة قامت بتقديم توضيحات بخصوص صفقات التصدير المثيرة للجدل، لكنها لم تُقنع قطاعًا واسعًا من النشطاء. ونفت الوزارة عبر بيان لها أن تكون أسباب إعادة المنتجات الفلاحية المصدرة مؤخرًا نحو كنداوروسيا متعلقة بعدم احترام شروط ومعايير الصحة النباتية، دون توضيح الأسباب الحقيقية. اقرأ أيضا : بعد الإساءة لبوتفليقة.. العلاقات الجزائرية الأوروبية على صفيح ساخن وأشارت إلى أن الحالات المشار إليها مؤخرًا في الصحافة المحلية، والمتعلقة بإرجاع منتجات من مادة التمور والبطاطا من كنداوروسيا، ليس لأنها لم تحترم شروط ومقاييس الصحة النباتية. الوزارة أكدت حرصها على متابعة عمليات تصدير المنتجات الزراعية وسهرها على استجابتها لكل معايير وشروط الصحة النباتية المفروضة من طرف البلد المستورد. كما نفت وزارة الزراعة تلقيها شكاوى من طرف الدول المستوردة بخلاف مذكرتين من طرف كندا تخصان منتج العجائن ومشروبات غازية، تقرر إرجاعها لعدم معالجة خشب صناديق التعبئة والتغليف، وليس بسبب احترامها لمعايير الصحة النباتية، بحسب "الشروق". ضعف المعالجة رئيس الجمعية الوطنية للمصدرين الجزائريين علي باي ناصري، كشف أن المشكلة الأساسية بالنسبة للجزائر في تصدير المواد الزراعية هو ضعف المعالجة الكيماوية، حيث يتم المبالغة في استخدام 5 أنواع من الأسمدة والمبيدات الحشرية الممنوعة في الخارج، وهو ما يجعل هذه المواد غير قابلة لدخول السوق الأوروبية والأمريكية وحتى أسواق دول عربية تعتمد معايير عالية في استيراد الخضر والفواكه، داعيا الحكومة إلى الاستعانة في هذا المجال بعشرات آلاف المهندسين الفلاحيين المتخرجين سنويا من المعاهد الجزائرية، وإخضاعهم لتأطير واسع وطويل المدى واستحداث مخابر للتحاليل لإنجاح البروتوكولات التقنية. اقرأ أيضا : سياسة التقشف تشعل الشارع الجزائري.. وبوتفليقة يعلن التحدي وضرب ناصري في هذا الإطار مثالا بالتمور الجزائرية التي ينتشر الدود عبر 20% من محصولها وهو ما يجعل تصديرها أمرًا صعبًا، وحتى إن خرجت من السوق الجزائرية فقد يتم إعادتها في أي لحظة بسبب عدم مطابقتها للمعايير المطلوبة. صدمة للجزائريين أثارت هذه القضية جدلًا واسعًا على مواقع التواصل الاجتماعي، ووصفت ب"الفضيحة"، وتم اتهام الحكومة بالفشل في استراتيجية التصدير التي باشرتها مصالح رئيس الوزراء السابق عبد المالك سلال، بحسب المنتقدين. وأحدثت الفضيحة صدمة حقيقية وسط الجزائريين، الذين عبّروا عن استيائهم من حالات الغش التي شهدها المجال الزراعي، ووضع ذلك الحكومة في ورطة مع المستهلكين الجزائريين، وسط تساؤلات عن مدى خطورة المنتجات الزراعية المستهلكة محليًا على صحة المواطنين الجزائريين ، بحسب "إرم نيوز". وأطلق نشطاء وسياسيون حملة واسعة النطاق لمطالبة حكومة أويحيى، بكشف الحقيقة وسط مخاوف من أنّ وزارتي الزراعة والتجارة كانتا تتستران على "ترويج منتجات مشكوك في صلاحيتها ومسببة للأمراض". اقرأ أيضا : حملة إلكترونية تستهدف المؤسسات الجزائرية.. والفاعل مجهول وتعتبر هذه الأزمة ضربة موجعة للصادرات الزراعية في الجزائر، بسبب تأثيرها على عائدات الجزائر، التي لم تصل إلى الإحصائيات المتوقعة.