تراجعت صناعة «الذهب الأبيض» في مصر على مدار السنوات الماضية، وبعد أن كانت مصر تقوم بزراعة ما يقرب من مليوني فدان قطن منذ 55 عامًا تقريبًا، أصبحت المساحة المنزرعة حاليا لا تتعدى المئتين وعشرين ألف فدان، ووصلت إلى أدنى معدلاتها في آخر 5 سنوات بمساحات تتراوح ما بين 130 و170 ألف فدان. وتتوقع وزارة الزراعة أن تصل المساحة المنزرعة من القطن إلى 300 ألف فدان خلال العام الجاري. واشتهرت مصر خلال الأعوام الماضية بجودة القطن المزروع فيها، خاصة الأصناف طويلة التيلة منه، حيث كانت مصر تنتج سدس إنتاج العالم من القطن طويل التيلة، لكن تراجع اعتماد صناعة الغزل والنسيج في مصر على هذه الأصناف في السنوات الأخيرة، أدى إلى توجه الدولة نحو صناعة الأقطان قصيرة التيلة. ويتيح القطن طويل التيلة إنتاج منسوجات أعلى جودة وأخف وزنا وأطول عمرا نظرا لطول أليافه. وفي العام الماضي بلغ محصول القطن طويل التيلة الممتاز في مصر أدنى مستوياته منذ أكثر من 100 عام، الأمر الذي دفع وزارة الزراعة لتشجيع المستثمرين نحو زراعة القطن قصير التيلة. أراض مجانية للمستثمرين تدرس وزارة الزراعة تخصيص أراض بحق الانتفاع بإقليم الصعيد للمستثمرين لزراعة القطن قصير التيلة، والتي يعتمد عليها ما يزيد على 95% من صناعة الغزل والنسيج والملابس الجاهزة في مصر. وتسهم صناعة الغزل والنسيج بنسبة 3% من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، ويعمل بها ما يقرب من ثلث القوى العاملة الصناعية فى مصر وتبلغ صادراتها 2.6 مليار دولار بنسبة 15% من الصادرات المصرية غير البترولية. قصير التيلة أعلى إنتاجية قال الدكتور جمال صيام أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة، إن السبب الرئيسي وراء توجه الدولة نحو زراعة الأقطان قصيرة ومتوسطة التيلة، الحصول على إنتاجية أعلى من الأصناف الأخرى، حيث تتراوح بين 12 و14 قنطارا للفدان الواحد، مقابل 7 قناطير للأقطان الطويلة. وأضاف أن زراعة الأقطان قصيرة التيلة ستوفر على الحكومة استيراد الأقطان من الخارج لتلبية احتياجات المغازل المحلية. وأكد مفرح البلتاجي، رئيس اتحاد مصدري الأقطان، أن زراعة القطن قصير التيلة فى مصر سيسهم في تقليل واردات القطن، ولن يؤثر على سمعة القطن المصري خارجيا، لأن القطن طويل التيلة يزرع فى مناطق مختلفة غير الأماكن التى من المفترض أن تزرع فيها الأقطان القصيرة والمتوسطة، أما الأول فيتم تصديره، بينما يتم طرح الثاني فى السوق المحلية لإنتاج الغزول السميكة. وتصدر مصر نحو مليون قنطار قطن فقط إلى الخارج، فى حين يتم استيراد خمسة ملايين قنطار فى صورة غزول لتغطية احتياجات المغازل والمصانع. وأكد الدكتور مجدي طلبة نائب رئيس المجلس الأعلى للصناعات النسيجية، أهمية التكيف مع المتغيرات العالمية الحالية في مجال زراعة القطن وصناعة منتجات الغزل والنسيج والملابس الجاهزة، خاصة أن هذه المتغيرات تتيح ميزات تنافسية ضخمة للاستثمار بالسوق المصرية، مشيرًا إلى أهمية وضع خريطة مفصلة معنية بزراعة القطن وصناعة الغزل والنسيج في مصر. وأشار إلى ضرورة استقطاب استثمارات جديدة في مجال تصنيع الغزل والنسيج القائم علي استخدام الاقطان المصرية طويلة التيلة لتعظيم الاستفادة من قيمة هذه الأقطان. 50% خفضا في التكلفة وأشار محمد المرشدي رئيس غرفة الصناعات النسجية وعضو المجلس، إلى أهمية التوفيق بين السياسات الزراعية واحتياجات الصناعة الوطنية من الأقطان، مشيرًا إلى أن زراعة القطن قصير التيلة في مصر يدعم التوجهات الحالية للدولة للحد من الاستيراد. وأضاف المرشدي أن العالم تطور وأصبح المستهلك يفرض ذوقه وما يريده على المصانع، وخلال ال20 عاما الأخيرة بدأ التحول إلى الملابس الكاجوال، وأصبحت هذه النوعية تمثل 98 % عالميا، ويعتمد تصنيعها على القطن قصير ومتوسط التيلة الذى لا تتم زراعته فى مصر، حيث إن هذه الأقطان تقلل التكلفة بنسبة 50% مقارنة بالقطن المصري طويل التيلة، وهذا سبب العزوف عن القطن المصري.