في خطوة غير مستغربة، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مساء الثلاثاء الماضي، انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني، وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران. وأثار القرار العديد من ردود الأفعال حول العالم، والعديد من التكهنات أيضًا، حول ما إذا كانت ستصمد الاتفاقية بعد الانسحاب الأمريكي، وستلتزم إيران ببنودها. الوضع في إيران اتسم بالتخبط، والتباين في الآراء، بين السلطات المختلفة في الجمهورية الإسلامية، ما بين مؤيد ومعارض للاستمرار في الاتفاقية. التزام بالاتفاقية حيث صرح الرئيس الإيراني، حسن روحاني، بعد إعلان ترامب الانسحاب من الاتفاق، أنه "اعتبارا من هذه اللحظة فإن الاتفاق النووي هو بين إيران وخمس دول"، وهو ما يشير إلى التزامه بالاتفاقية. وأضاف روحاني أنه أصدر تعليمات إلى الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية للقيام بما هو ضروري لاستئناف التخصيب الصناعي اللا محدود إذا لزم الأمر. اقرأ المزيد: أمريكا تنسحب من الاتفاق النووي| النفط يقفز.. وإيران: ترامب لا يصلح لمنصبه وأشار الرئيس الإيراني "سننتظر بضعة أسابيع قبل تطبيق هذا القرار، سنتحاور مع أصدقائنا وحلفائنا ومع بقية الأطراف في الاتفاق النووي الذين نجري معهم مباحثات"، وأكد أن "الأمر برمته يتوقف على ضمان مصالحنا، إذا أمنت سنواصل السير، أما إذا كان الاتفاق مجرد ورقة لا تضمن مصالح الشعب الإيراني فعندها سيكون أمامنا طريق واضح". وكانت وزارة الخزانة الأمريكية قد حددت مهلة تتراوح بين 90 و180 يومًا، أمام الشركات، لقطع علاقاتها الاقتصادية بشكل كامل مع إيران، قبل فرض العقوبات. وأشار عدد من المراقبين، إلى أنه من الممكن استغلال تلك المهلة في التفاوض من أجل التوصل لاتفاق مع إيران، وجمع شتات الاتفاقية، قبل انهيارها بشكل كامل. المفاوضات قد تكون الحل من جانبه أكد المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي، أن إيران ستنسحب أيضًا من الاتفاق النووي ما لم تحصل على ضمانات عملية بمواصلة العلاقات التجارية. وصرح خامنئي خلال خطاب بثه التليفزيون الإيراني، موجهًا كلامه للمدافعين عن الاتفاقية "يُقال بأنّنا سنواصل العمل في الاتفاقية مع ثلاثة بلدان أوروبية، لست واثقًا بهذه البلدان الثلاثة أيضًا". وأضاف: "إذا أردتم عقد اتفاق فلنحصل على ضمانات عملية وإلا فإن هؤلاء سيقومون بما فعلته أمريكا، إذا لم تتمكنوا من أخذ ضمانات حتمية، وأنا أشك في أنكم ستتمكنون من ذلك، فلن يكون بالإمكان مواصلة السير ضمن الاتفاق النووي". اقرأ المزيد: «العرب وإسرائيل Vs أوروبا وطهران».. كيف تعامل العالم مع انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي؟ كان حسن روحاني، قد صرح أن وزير خارجيته محمد جواد ظريف، سيجري مفاوضات مع الدول الخمس الأخرى الموقعة على الاتفاق، لمعرفة ما إذا كان يمكن إنقاذه. تشكيك في المفاوضات خيار التفاوض مع الدول الأوروبية الموقعة على الاتفاق لم يرق للكثير من المحافظين في إيران، حيث قال قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال محمد علي جعفري، إن الأوروبيين مرتبطون بالولاياتالمتحدة ولا يمكنهم اتخاذ قرار مستقل. وأضاف جعفري أنه "من الواضح أن الأوروبيين غير قادرين على اتخاذ قرار مستقل بين إيرانوأمريكا وأنهم مرتبطون بأمريكا"، وأكد أن "مصير الاتفاق الإيراني واضح". وجاءت تصريحات الجنرال حسين سلامي نائب قائد الحرس الثوري الإيراني، لتؤكد موقف المتشددين في إيران، بقوله يوم الخميس، إن الدول الأوروبية عاجزة عن إنقاذ الاتفاق النووي مع إيران بعد قرار الولاياتالمتحدة الانسحاب منه. وأضاف أن "أعداء إيران لا يسعون للمواجهة العسكرية، بل يريدون الضغط على بلادنا بالعزلة الاقتصادية"، مؤكدًا أن "المقاومة هي السبيل الوحيد لمواجهة هؤلاء الأعداء وليس الدبلوماسية". محاولات أوروبية انسحاب الولاياتالمتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، دفع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، إلى التأكيد على أنه "سنبقى ملتزمين بهذا الاتفاق، وسنقوم بكل ما يلزم لضمان امتثال إيران له". اقرأ المزيد: 3 أزمات سياسية تلاحق ترامب بعد انسحابه من اتفاق إيران النووي من جانبه أكد وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودريان أن الاتفاق النووي الإيراني لم يمت، وأعلن عن اجتماع مزمع عقده، الاثنين المقبل، مع وزراء خارجية إيرانوبريطانيا وألمانيا. وفي السياق نفسه، ذكر قصر الإليزيه في بيان له، أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أجرى اتصالا هاتفيا مع نظيره الإيراني، أعرب خلاله عن رغبة باريس في إبقاء الاتفاق النووي المبرم بين طهران والمجتمع الدولي، رغم انسحاب الولاياتالمتحدة منه. وأعلن بوريس جونسون وزير الخارجية البريطاني أن القرار الذي أعلنه ترامب "لا يؤثر على تقييم بريطانيا" بأن الاتفاق يعمل على الحد من طموحات إيران النووية، وأكد أن بريطانيا ستلتزم بالاتفاق طالما قال المفتشون الدوليون إن إيران ملتزمة. وقالت دينا اسفندياري الزميلة في مركز دراسات العلوم والأمن في لندن، في حوار لها مع شبكة "سكاي نيوز" إنه على الدول الأوروبية الدفاع عن شركاتها واستثماراتها في إيران، ضد العقوبات الأمريكية، حتى تتمكن من الحفاظ على الاتفاق النووي.