منذ 6 أشهر قدم «عماد .س» وزوجته وأبنائهما الثلاثة للإقامة بفيلا مستأجرة بالرحاب بمنطقة التجمع الخامس، لم يلحظ خلالها الجيران أية أفعال تشير إلى أنهم سيكونوا على موعد مع "مجزرة" بطلها الأب. على مدار الأشهر الثلاث الماضية لم يستطع رجل الأعمال الخمسيني سداد قيمة إيجار الفيلا، مطالبا المالك بمنحه مهلة لتوفير المبالغ المستحقة لما يمر به من أزمة مالية، مفضلا حبس تفاصيل ضائقته بين جنبيه دون إخبار أسرته. ولاحظ جيران أسرة رجل الأعمال التزامهم الفيلا طوال الأسبوع الماضي دون مغادرة أحدهم، وراحوا يسألون المالك عن تركهم الفيلا من عدمه ليجيبهم بالنفي، مؤكدا على أنه أيضا لم يشاهد رب الأسرة خلال الأيام الماضية، ليزداد الأمر إثارة مع انبعاث رائحة كريهة من الداخل. العاشرة مساء أمس السبت، استنجد مالك الفيلا والجيران بقسم شرطة التجمع الأول، ليكتشفوا الفاجعة، دماء لا تزال آثارها على الأرض، حوائط ملطخة كانت شاهدة عما حدث، وعُثر على جثث الأبوين وأبنائهما الثلاثة "محمد، نورهان، عبد الرحمن" في حالة تعفن، وبجوارهم طبنجة وفوارغ طلقات. "يا فندم في مجزرة هنا" كلمات جاءت عبر ضابط طلبا للدعم من قياداته لينتقل العميد عبدالعزيز سليم مدير مباحث قطاع القاهرة الجديدة، إلى موقع البلاغ، موجها بإجراء معاينة دقيقة للفيلا، أكدت سلامة المداخل والمخارج. تبدلت الأمور، أصوات سارينة سيارات الشرطة تعقبها الإسعاف قطعت صمت وهدوء الحي الراقي، الجميع يتساءل عما دار داخل الفيلا الواقعة أمام مبني المبيعات القديم، وسط انتشار مكثف لرجال المباحث مدعومين بعناصر الأدلة الجنائية والنيابة العامة. فور وصوله، استمع المستشار محمد سلامة، رئيس نيابة القاهرة الجديدة، إلى مالك الفيلا، الذي بدأت كلماته تكشف عن أسرار الأيام الأخيرة من حياة تلك الأسرة، مشيرا إلى أن الأب يعمل في مجال المقاولات، وكان يمر بأزمة مالية خلال الفترة الأخيرة، كما أنه يشاهده أو أحد أفراد عائلته منذ أسبوع "الجيران افتكروا الريحة بسبب كلب ميت". عقارب الساعة كانت تقترب من الثانية صباح الأحد، توصل فريق البحث المكبر إلى أن رجل الأعمال استأجر الفيلا هربا من الديون ومطاردة الدائنين له برد مبالغ تقترب من مليوني جنيه، فضلا عن صدور أحكام ضده بالحبس "غيابيا" على خلفية اتهامه بقضايا "تبديد ونصب". أقوال الجيران ونتيجة المعاينة دفعت رجال الشرطة لاستبعاد فرضية القتل بدافع السرقة، وبات الأمر مقتصرا على روايتين بطلهما "الأب"، الأولى أنه تخلص من زوجته وأطفاله أثناء نومهم؛ بسبب عجزه عن سداد الديون، وخوفه من الفضيحة. الرواية الثانية -وفق مصادر أمنية مطلعة على التحقيقات- أن أسرته علمت بالصدفة عن أزمته المالية وتلقيه تهديدات من دائنيه، وجهوا له اللوم، وبدأ عقد الأسرة ينفرط، مما أصاب الأب بأزمة نفسية دفعته لقتلهم ثم الانتحار. وتحفظت النيابة العامة على كاميرات المراقبة الخاصة بالمنطقة، وطلبت سرعة تحريات المباحث، وتشريح الجثث، واستدعاء عدد من الجيران لسماع أقوالهم؛ للوقوف على ملابسات الجريمة التي أصابت الجميع بالذهول. وقالت "آ. ن"، شاهدة عيان، إن مستأجر الفيلا صاحب ال56 سنة، كان يقيم مع زوجته "وفاء"، 43 سنة، وأبنائهما الثلاثة، مشيرة إلى أنهم لاحظوا خلال الفترة الأخيرة كثرة تردد بعض الأشخاص على الفيلا، ووقوع مشاحنات ومشادات كلامية حادة. أضافت أنهم علموا مؤخرا بمرور "عماد" بأزمة مالية: "مدفعش إيجار الفيلا لدكتور حسن من 3 شهور، وكمان إيجار العربية"، موضحة أن "كل يوم والتاني ناس تيجي تتخانق معاه"، وأن الشرطة استدعت مالك الفيلا لإحضار نسخة من المفتاح للدخول أمس السبت.