بدأ مسيرته في خط الدفاع ليحثه عمه على تنمية مهاراته لإثبات قدرته على اللعب في الهجوم ليصبح الهداف التاريخي لمنتخب بلاده.. وعلى الرغم من أن بدايته مع الساحرة المستديرة كانت في موقف للسيارات فإن نجاحاته بعد ذلك ناطحت السحاب، وتوج بدوري أبطال أوروبا، وحصل على أفضل لاعب في إفريقيا مرتين.. هو «الفيل الإيفواري ديديه دروجبا».. يحل اليوم الأحد الموافق 11 مارس، ذكرى ميلاد ديديه إيفيس دروجبا تيبيلي، والذي ولد في أبيدجان عاصمة دولة ساحل العاج، لعام 1978، وفي سن الخامسة أرسله والداه إلى فرنسا للعيش مع عمه، ميشيل جوبا (كان لاعب كرة قدم محترفا) ولكنه سرعان ما عاد إلى أبيدجان بعد ثلاث سنوات، وكانت والدته تطلق عليه لقب "تيتو"، نسبة إلى رئيس يوغوسلافيا (جوزيب بروز تيتو)، الذي أعجبت به كثيرا. وكان يلعب كرة القدم في موقف للسيارات في أبيدجان، ولكنه لم يستمر كثيرًا في أبيدجان بعد أن فقد والداه وظائفهما وعاد مرة أخرى للعيش مع عمه، وفي عام 1991، سافر والداه أيضا إلى فرنسا، أولا إلى فان (مدينة وبلدية تقع في الشمال الغربي لفرنسا بمنطقة بريتاني)، ثم في عام 1993 استقرا في أنتوني (إحدى ضواحي باريس)، وعندها عاد دروجبا (وكان عمره حينها 15 عامًا) للعيش معهم ومع أشقائه. دروجبا الذي يعد الأكبر بين أشقائه ال7، ظهرت عليه علامات الموهبة في سن مبكرة، مما دفع خاله ميشيل جوبا للاهتمام به، وبعد صولات وجولات في أندية صغيرة، انضم لنادي دنكرك أحد الأندية المغمورة في فرنسا، وهناك لعب دروجبا في خط الدفاع، الأمر الذي لم يعجب عمه، فحثه الأخير على تنمية مهاراته لإثبات قدرته على اللعب في الهجوم وهو ما حصل بالفعل. وانتقل دروجبا للعب في أبيفيل كمهاجم ثم إلى توركوينج وهو في سن الخامسة عشرة، وفي تلك الفترة ابتعد عن الملاعب لمدة عام كامل للتركيز على ما فاته من الناحية الأكاديمية، وبعد ذلك انتقل للعب في نادي لوفالو تحت قيادة مدرب الشباب كريستيان بورنين، الذي أعجب بالفتى الصغير عندما كان لاعبا في دنكرك، ويقول دروجبا عن تلك الفترة: "تحسنت الأمور بانضمامي إلى لوفالو، فقد علمني المدرب بورنين أساليب تدريب وتحضير حديثة، وفجأة أصبحت أسجل أهدافا كثيرة". ورغم حاجة دروجبا في ذلك الوقت للمال فإنه رفض عرضا للانضمام إلى باريس سان جرمان، مفضلا التروي وتعلم أسرار اللعبة بحذافيرها، وبدأ حياته الكروية الاحترافية الحقيقية في ملاعب فرنسا مع لومان في الدرجة الفرنسية الثانية تحت قيادة المدرب مارك ويسترلوب الذي يعتبره دروجبا "الأب الروحي" له، حيث لعب مباراته الأولى في موسم 1998/1999، لكن الأمر أصبح صعبا بالنسبة له، فجلس على مقاعد الاحتياط كثيرا بعد أن أقيل ويسترلوب من منصبه وعين مكانه تييري جوديت الذي لم يكن يفضله كثيرا، واستمر باللعب هناك حتى يناير 2002 عندما انتقل إلى جينجامب وكان قد أحرز مع لو مان 12 هدفا في 64 مباراة. ولم يشارك دروجبا كثيرا في مباريات جينجامب بدوري الدرجة الأولى الفرنسية في موسمه الأول، لكنه ترك انطباعا جيدا حيث سجل ثلاثة أهداف في 11 مباراة، فأعجب به مسؤولو النادي الفرنسي المتواضع وقرروا إعطاءه الفرصة الكاملة في موسم 2002/2003، وبالفعل لم يخيب دروجبا آمالهم حيث استطاع إحراز 17 هدفا في الدوري قادت فريقه إلى المركز السابع ووضعته في المركز الثالث على لائحة هدافي البطولة وراء الكونجولي شعبان نوندا والبرتغالي باوليتا. وبعد انتهاء الموسم انهالت عليه العروض من أندية فرنسية عدة، فاختار الانتقال إلى مارسيليا في 2003 بعقد مدته خمسة أعوام قيمته 6.2 مليون دولار أمريكي لعل وعسى يحقق شيئا من النجاح الذي حققه الغاني عبيدي بيليه عام 1993، عندما قاد الفريق نفسه للفوز بكأس الأندية الأوروبية أبطال الدوري، وبالفعل لم ينجح في تثبيت أقدامه فقط، بل أصبح أبرز لاعبي الفريق بفضل موهبته التهديفية. وتألق دروجبا في كل مباراة لعبها لمصلحة مارسيليا طوال الموسم، وسجل في كل مباراة لعبها مع الفريق الفرنسي بالأدوار التمهيدية من دوري أبطال أوروبا (خمسة أهداف)، لكن الفريق خرج مبكرا من تلك البطولة ليتحول بعد ذلك للمنافسة في كأس الاتحاد الأوروبي، وهناك أبدع دروجبا بشكل لافت، وقاد فريقه للتأهل إلى المباراة النهائية قبل أن يخسر أمام فالنسيا الإسباني، وعزاء دروجبا الوحيد أنه توج هدافا للبطولة برصيد 6 أهداف بالتساوي مع المخضرم ألن شيرر مهاجم نيوكاسل يونايتد الإنجليزي. وفي الدوري الفرنسي، كان مستوى دروجبا مع مارسيليا ثابتا طوال الموسم، حيث نجح في دك الشباك 18 مرة، لكن فريقه لم يستطع التقدم أكثر من المركز السابع على سلم الترتيب، وقد اختير المهاجم الأسمر كأفضل لاعب في المسابقة. وبعد خوض دروجبا 53 مباراة مع مارسيليا مسجلا 31 هدفًا وصنع آخر، انتقل ديديه إلى صفوف تشيلسي الإنجليزي في 2004 مقابل 24 مليون جنيه إسترليني، واستمر مع الفريق اللندني حتى 2012، وشارك مع البلوز 381 مباراة سجل خلالها 164 هدفًا وصنع 86 أخرى، كما توج بالدوري الإنجليزي 4 مرات ومثلها لكأس الاتحاد الإنجليزي، وكأس الرابطة 3 مرات، وبطولة الدرع الخيرية مرتين، وكان الحدث الأبرز التتويج بدوري أبطال أوروبا نسخة 2011-2012. وبعد التوهج في تشيلسي انتقل دروجبا إلى نادي شنجهاي الصيني خلال موسم 2012-2013 وشارك معهم في 11 مباراة مسجلا 8 أهداف وصنع 2 آخرين، لينتقل إلى جالاطا سراي التركي في موسم 2013-2014، وشارك مع الفريق التركي 50 مباراة مسجلا 20 هدفًا وصنع 13 أخرى، وتوج معهم بالدوري التركي والكأس والسوبر. وفي موسم 2014-2015 عاد دروجبا مرة أخرة لصفوف تشيلسي، ثم في 2015-2016 انتقل للعب في الدوري الكندي وبالتحديد مونتريال ولعب معهم 41 مباراة مسجلا 23 هدفًا وصنع 7 أخرى، واستقر به الحال الآن في صفوف فينيكس رايزينج الأمريكي، وخاض معهم حتى هذه اللحظة 14 مباراة مسجلا 9 أهداف وصنع 3 أخرى. وعلى الصعيد الدولي كانت أولى مشاركات الفيل الإيفواري في 8 سبتمبر لعام 2002، وخاض مع المنتخب 105 مباريات مسجلا 65 هدفًا ليصبح الهداف التاريخي لمنتخب كوت ديفوار، إلا أنه رغم ذلك لم يتوج بأي لقب مع الأفيال، بعد اعتزاله دوليًا في أغسطس 2014، وتوج بعدها المنتخب الإيفواري بلقب كأس الأمم الإفريقية نسخة 2015. تزوج دروجبا من دياكيتا لالا بعد أن اجتمع بها في باريس، ولديهما ثلاثة أطفال، نال جائزة أفضل لاعب في إفريقيا مرتين، الأولى كانت في عام 2006 ب79 صوتًا مقابل 76 صوتًا للكاميروني إيتو، و36 صوتًا للغاني مايكل إيسيان، وفي المرة الثانية بعام 2009 ب92 صوتًا مقابل 69 صوتًا لإيتو، و43 صوتًا لإيسيان. دروجبا والسلام ويعود الفضل إلى دروجبا في لعب دور حيوي في إحلال السلام في بلده، وذلك بعد تأهل ساحل العاج لكأس العالم 2006، حين وجه نداء يائسا للمقاتلين، وطالبهم بإلقاء أسلحتهم، وهو نداء تم الرد عليه بوقف إطلاق النار بعد خمس سنوات من الحرب الأهلية. وفي 24 يناير 2007، تم تعيين دروجبا من قبل برنامج الأممالمتحدة الإنمائي (UNDP) كسفير للنوايا الحسنة، وأعجب برنامج الأممالمتحدة الإنمائي بعمله الخيري السابق، وأعرب عن اعتقاده أن رعايته البارزة ستساعد على زيادة الوعي بالقضايا الإفريقية. وفي سبتمبر 2011، انضم دروجبا إلى لجنة الحقيقة والمصالحة والحوار كممثل للمساعدة في إعادة السلام إلى وطنه الأم، وبعد تلك الخطوة اختير واحدا من 100 شخص الأكثر نفوذا في العالم من مجلة التايم الأمريكية لعام 2010. واستمر العمل الخيري لدروجبا عندما أعلن في أواخر عام 2009، أنه سيتم التبرع ب3 ملايين جنيه إسترليني مع بيبسي لبناء مستشفى في مسقط رأسه أبيدجان، وقد تم هذا العمل من خلال مؤسسة "ديدييه دروجبا" التي أنشأها مؤخرا، وأعلن تشيلسي أنه سيتبرع أيضا لمشروع المؤسسة، وقال مؤخرًا: "قررت أن يكون المشروع الأول للمؤسسة هو بناء وتمويل مستشفى يمنح الناس الرعاية الصحية الأساسية وفرصة للبقاء على قيد الحياة". وفي نوفمبر عام 2014، ظهر دروجبا ضمن حملة فيفا (ضد الإيبولا) المختارة من أفضل لاعبي العالم، بما في ذلك كريستيانو رونالدو، ونيمار وجاريث بايل وتشافي، تحت شعار "معا يمكننا التغلب على الإيبولا"، وكانت تلك الحملة بالتعاون مع الاتحاد الإفريقي لكرة القدم وخبراء الصحة، لزيادة الوعي بالمرض وسبل مكافحته.