لم تكن زيارة الأمير محمد بن سلمان، ولى عهد المملكة العربية السعودية، هى الأولى لمصر، فقد سبقتها أربع زيارات قبل توليه منصب ولى العهد، آخرها زيارة شهر إبريل من عام 2016 لتوقيع 21 اتفاقية ومذكرة تفاهم، على رأسها إنشاء منطقة تجارة حرة فى سيناء وكان منصبه وقتها ولى ولى العهد، النائب الثانى لرئيس مجلس الوزراء، ووزير الدفاع. وكانت الزيارة الأولى فى شهر أبريل من عام 2015، فجاء وقتها بن سلمان إلى مصر وزيرًا للدفاع ورئيسًا الديوان الملكى، ومستشارًا خاصًا للملك سلمان بن عبد العزيز، وذلك لإجراء مباحثات مع وزير الدفاع المصرى، الفريق أول صدقى صبحى، والثانية جاءت فى شهر يوليو من نفس العام، للاتفاق على آليات تنفيذية عرفت ب«إعلان القاهرة»، خلال تقلده منصب ولى ولى، العهد والنائب الثانى لرئيس مجلس الوزراء، ووزير الدفاع السعودى، والثالثة كانت فى شهر ديسمبر من نفس العام، بنفس منصب الزيارة الثانية، مع اختلاف الهدف، إذ جاء لإطلاق ومتابعة أعمال المجلس التنسيقى الثانى لإعلان القاهرة، واستطلعت «التحرير» آراء عدد من السياسيين، حول زيارة بن سلمان الحالية لمصر، من حيث الأهداف والنتائج. سكينة فؤاد: أسقطت الشائعات الكاتبة الصحفية سكينة فؤاد، مستشار رئيس الجمهورية الأسبق، قالت: إن زيارة الأمير محمد بن سلمان جاءت في لحظات مصيرية فاصلة، فهناك مخططات صهيونية وأمريكية كانت تحاول إسقاط الدولتين المصرية والسعودية. وأضافت مستشار رئيس الجمهورية الأسبق في تصريحاتها ل«التحرير»، أن المخططات لا تتوقف بغية إفساد العلاقات المصرية السعودية، وزيادة مسافات ووقوع الإشكاليات بين ما تبقي صامدًا، ومن هنا جاءت زيارة بن سلمان لمصر، لافتة إلى أنها مليئة بالدلالات، فالعلاقات بين مصر والسعودية تاريخية ومصيرية، ولن تستطيع المخططات أن تنال منها فقيادات مصر والسعودية تدرك جيدًا أهمية الروابط التى تجمع الدولتين، في وقت يسعى فيه أصحاب الفوضى الخلاقة، وأصحاب المصالح الأمريكية والصهيونية، إلى تفتيت المنطقة العربية لصالح الكيان الصهيونى، ومن ثم استنزاف ما تبقى من قواها، وإقامة صراع بين الدولتين. وأردفت قائلة: «زيارة بن سلمان لمصر تسقط كل الشائعات، وتثبت أن الدولتين قائمتان على الحب والود والإخلاص». زهران: تحقق أهدافًا سعودية أما الدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية، فقال ل«التحرير»: إن زيارة بن سلمان لمصر تحقق أهدافًا عدة من للجانب السعودي، إذ جاءت مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية، وبالتالى فهى دعم للرئيس عبد الفتاح السيسي، خاصة من الجيل القادم والحاكم فى المملكة، وأضاف: «الأمير محمد بن سلمان هو الحاكم الفعلى»، كما جاءت الزيارة على لتقوية العلاقات الاقتصادية، من خلال دعم السعودية لمصر رغم معاناتها من مشكلات اقتصادية. وأضاف زهران أن زيارة ابن سلمان لمصر تدعم التحالف العربى فى اليمن، وبالتالى فهو يطلب مزيدًا من الدعم المصرى للقوات السعودية، وقوات التحالف فى اليمن، كما أنها تعتبر محاولة كسب مصر للتحالف ضد إيران، وتحمل الزيارة أيضًا رسالة التسامح التى تبعث بها الأسرة الحاكمة فى المملكة من القاهرة للأقباط فى مصر، والتى تعد رسالة جديدة، وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى توجه ابن سلمان برفقة الرئيس السيسي لزيارة دار الأوبرا، ومشاهدة عرض مسرحي، وما تحمله تلك الزيارة من دلالات على أن هناك توجهات جديدة للأسرة الحاكمة داخل السعودية. الشوبكي: لا بد من التوافق على حل القضايا العربية الدكتور عمرو الشوبكي، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، قال: إن زيارة الأمير محمد بن سلمان هى زيارة تؤكد قوة العلاقة بين البلدين، خاصة العلاقات الاستراتيجية، وتؤكد أن هذه الزيارة ممتدة وعميقة حتى لو كان هناك اختلافات فى الأولويات، لافتًا إلى أن النقلة الحقيقية ينبغى أن تتجلى في خلق حالة التوافق بين مصر والسعودية ونقلها إلى قضايا الأمة العربية، مثل القضية الفلسطينية، كما ينبغي أن تتفق الدولتان أيضًا على وقف نزيف الدم فى سوريا. وأضاف الشوبكى، في تصريحاته ل«التحرير» أن تأكيد العلاقات بين الدولتين المصرية والسعودية عن طريق تبادل الزيارات لم يعد كافيًا، خاصة وأن هذه الزيارات تكررت أكثر من مرة فى السابق، ولا بد أن يكون هناك نقله حقيقية فيما يتعلق بالملفات الخاصة بالأمة العربية، ومناقشة القضايا التى تخص الاستثمار بين المنطقة العربية بأكملها، وليس مصر فقط.