سلط مؤتمر "ميونخ" الذي انطلقت فعالياته بألمانيا على دور قطر في دعم وتمويل الإرهاب، وكيفية مجابهتها من خلال أدوات فاعلة ربما تؤدي إلى ردعها. ويُعد هذا المؤتمر الأمني من أهم المنصات التى يشهدها العالم لبحث السياسات الأمنية فى العديد من الدول، وربما يكون المنصة الوحيدة التى تجتمع فيها حكومات العالم وخبراء الأمن لمناقشة المسائل الأمنية حول العالم. مفاجآت مدوية ويبدو أن هذا المؤتمر حمل العديد من المفاجآت للدوحة، فخلال جلسة خاصة مُقامة على هامش المؤتمر، بعنوان "مكافحة دعم قطر وتمويلها للإرهاب"، تم التأكيد على ضرورة مواجهة أعمال قطر الداعمة للإرهاب. المفاجأة هنا أن رجل الأعمال الألماني الشهير كارل فيرتاج، أعلن خلال وجوده بؤتمر ميونخ، سحب استثماراته من قطر لدعمها الإرهاب في أوروبا. وأوضح كارل أن قطر تستغل استثماراتها العملاقة في توجيه عائداتها إلى تدريب جماعات الإرهاب، وتنفيذ عمليات ضد الآمنين والأبرياء، وتشريد الأسر والأطفال، وهدم المجتمعات الحضارية في عدد من الدول العربية، وتقويض الأنشطة والاستثمارات في هذه الدول. كما تم خلال فعاليات المؤتمر عرض فيلم تسجيلي، يستعرض المراحل الزمنية لكيفية قيام النظام القطرى فى العقود الأخيرة، بتجميع الأموال التى يوجهها لزعزعة استقرار المنطقة ودعم الجماعات الإرهابية، وعرض فيلم آخر يدور حول طرق التمويل المباشرة وغير المباشرة من جانب الدوحة للجماعات الإرهابية، حيث شدد المشاركون على انزعاجهم من إنفاق الدوحة لهذه الأموال على منابر الإرهاب والتطرف في العالم. عقوبات ومحاكمة بدأت الجلسة بكلمة مختصرة، لعضو مؤتمر ميونخ للأمن، السفير أحمد خطاب، قدَم خلالها تعريفًا للمحاور المُطالب بها المجتمع الدولي، لمجابهة الدور القطري في دعم وتمويل الإرهاب عالميا. وشدد "خطاب" خلال كلمته على ضرورة التصدي لرموز النظام القطري في استخدام عائدات النفط والغاز في قتل وتدمير الأبرياء، والتصدي لاستضافة الدوحة لرموز التطرف والإرهاب على أراضيها لتدريب كوادر العناصر الإرهابية، وحث على مناقشة إجراءات وقف التعامل مع شركات القطرية الغاز القطرية لتورطها في تمويل التطرف، وسحب تنظيم كأس العالم 2022 من الدوحة. كان خطاب قد قال فى وقت سابق: إن "المؤتمر سيشهد اتخاذ إجراءات لوقف التعامل مع كل شركات الغاز والبترول القطرية، بعد الأدلة التي تؤكد تمويل الشركات المباشر للجماعات الإرهابية بالمنطقة العربية ودول الاتحاد الأوروبي". من جانبها حثت الدكتورة نانسي أحمد خبيرة الشؤون السياسية والاستراتيجية في واشنطن، المجتمع الدولى على سحب حق تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022 من الدوحة، لرعاية النظام القطري وتمويله للإرهاب. وأكدت الخبيرة السياسية في كلمتها أمام المؤتمر، ضرورة سحب البطولة من قطر وتنظيمها في دولة آمنة تحظى بإجماع من المجتمع الدولي والدول العربية، مناشدة المجتمع الدولي بالوقوف مع الإمارات والسعودية ومصر والبحرين في معركتها ضد الجماعات الإرهابية الممولة من قطر. وبينما أفاد ولف هوفلش المحامي الفرنسي والخبير في الدراسات الأمنية الأوروبية، أنه سيتقدم لإدارة مؤتمر ملاحقة إرهاب قطر بمذكرة تتضمن دعوى لمنع دخول أفراد بالعائلة الحاكمة في قطر إلى دول الاتحاد الأوروبى لتورطها في هجمات باريس الإرهابية، بالتزامن مع تحريك مجموعة من المحامين الألمان دعاوى قضائية ضد نظام الدوحة لدعمه الإرهاب فى دول الاتحاد الأوروبي. وأشار هوفلش إلى أن الدعوى التى تنظر فيها محاكم فرنسية تؤكد ضلوع أعضاء بالأسرة الحاكمة القطرية في هجمات باريس الإرهابية التي وقعت عام 2015. توصيات أكد الحضور بمؤتمر ميونيخ على ضرورة حظر بيع أو شراء الغاز القطري ومنع تداوله في البورصات العالمية، وحظر التعامل الكلي مع شركه قطر للغاز، وتقديم رموز النظام إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. كما أوصى الحضور بمصادرة الأموال القطرية في الخارج، والتحفظ على أرصدة الشخصيات والكيانات القطرية في البنوك والبورصات العالمية، وإثبات مسئولية النظام السياسي القطري في تدريب وإعداد كوادر وقيادات ومتطرفين لتنفيذ عمليات إرهابية في عدد من دول العالم، وسحب سفراء الدول المشاركة بمؤتمر ميونخ للأمن من قطر وطرد سفرائهم أيضًا من هذه الدول. "على حافة الهاوية" في المقابل، زعم أمير قطر تميم بن حمد أن بلاده تتعرض ل"عدوان" ممن وصفهم ب"الجيران الطامعين" في بلاده - (دول المقاطعة). وحذر "تميم" خلال كلمته بمؤتمر ميونخ الدولي، من أن الشرق الأوسط "على حافة الهاوية"، داعيًا لتحقيق اتفاق حول التعايش السلمي بمساعدة المجتمع الدولي، واصفًا الأزمة الخليجية بأنها "أزمة عديمة الجدوى افتعلت من قبل جيراننا". ودعا أمير الدوحة للبدء "باتفاقية أمنية إقليمية تجعل الاضطرابات في المنطقة شيئا من الماضي"، مشيرًا إلى أن كل شعوب الشرق الأوسط بحاجة للاتفاق على الحد الأساسي من التعايش السلمي. وفي أول رد رسمي على كلمة تميم قال وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد، في تغريدة نشرها على حسابه الرسمي على موقع "تويتر": "القول بأن قطر تعرضت لعدوان من جيران طامعين هو كلام مرفوض ومردود على صاحب القول". وأضاف "إنما المنطقة هي التي تعرضت لعدوان قطري مُكلف وفاشل بمسمى الربيع العربي، طمعًا في الهيمنة وإسقاط الدول والسيطرة على الأموال والثروات". أهم المؤتمرات الأمنية يعد مؤتمر "ميونخ" أحد أكبر وأهم المؤتمرات التي تناقش السياسة الأمنية على مستوى العالم، يلتقي خلاله المئات من صُناع القرار من مختلف دول العالم وفي مختلف المجالات الأمنية والسياسية والعسكرية للتباحث حول أوضاع العالم والتحديات التي تواجهه على مختلف الصعد. وتم إطلاق المؤتمر عام 1963، والذي كان يطلق عليه آنذاك ب"اجتماع العلوم العسكرية الدولي"، ويرأسه حاليا فولفجانج إيشينجر، وهو دبلوماسي ألماني سابق، وعمل سفيرا لألمانيا في عدد من العواصم العالمية الكبرى ومن بينها واشنطن، قبل توليه رئاسة مؤتمر ميونخ عام 2010. يعرف المؤتمر نفسه بالمستقل، غير أن المؤسسة المنظمة وغير الربحية "لمؤتمر ميونخ للأمن" تستفيد بشكل كبير من الإعانات الحكومية. ينعقد المؤتمر بشكل سنوي ويستمر 3 أيام، وقد تحول من التركيز على قضايا الدفاع فقط إلى منتدى للسياسيين والدبلوماسيين والباحثين. وعلى مدى عقود من الزمن، مر المؤتمر بمحطات ومراحل متعددة، وحمل أسماء متعددة من بينها "اللقاء الدولي لعلوم الدفاع"، ثم "المؤتمر الدولي لعلوم الدفاع"، قبل أن يصبح اسمه مؤتمر ميونخ للأمن، وينعقد سنويا بمدينة ميونخ، وهي أكبر مدن ألمانيا مساحة وسكانا وأهم مراكزها الصناعية والسياحية وأكثر مدنها غلاءً في الأسعار، وتقع على ضفاف نهر إيسار قرب الحدود مع النمسا.