تفتح زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى سلطنة عمان والتي ستبدأ في وقت لاحق، اليوم الأحد، والوفد الاقتصادي المرافق له، ولقاءاته مع المسئولين العمانيين، آفاقا واسعة للعلاقات العمانية المصرية في شتى المجالات، خاصة الجوانب الاقتصادية والمشروعات الاستثمارية المشتركة، لأن ثمة رغبة مشتركة من البلدين في السعي نحو مواجهة التحديات الاقتصادية التي تفرضها البيئة الاقتصادية الدولية. وترغب مصر وعمان في تكثيف وتوطيد علاقات التعاون التجاري والاقتصادي والاستثماري، بعد أن نجحت الدولتان في تأهيل المناخ الاستثماري الذي يحتاجه المستثمر المحلي والأجنبي، خاصة في المجالات اللوجستية وهي: توفير البنى التحتية العصرية من الطاقة والمياه والكهرباء والطرق، تعزيز استقلالية وكفاءة القضاء، وتحديث الأطر التشريعية المناسبة للاستثمار من خلال إقرار القوانين الجاذبة وتوفير حوافز للمستثمرين. وتجسد اللقاءات بين المسئولين في مصر وعمان رغبة الحكومتين في استثمار علاقاتهما المتميزة في تنشيط الجانب الاقتصادي منها، باعتبار أن السوق المصري من الأسواق الواعدة، وأن عمان تنظر إلى مصر بأنها إحدى المحطات الهامة التي يمكن من خلالها إعادة التصدير للبلدان الإفريقية المجاورة. كما تأتي هذه اللقاءات تفعيلا للعلاقات التجارية بين البلدين، إذ أشارت الإحصائيات إلى أن صادرات مصر إلى عمان وصلت إلى 23 مليون جنيه بنهاية عام 2016، أما واردات مصر حوالى تبلغ نحو 8 ملايين جنيه. آلية التفعيل واتفاقيات التعاون تمثل اللجنة العمانية المصرية المشتركة آلية مهمة ضمن آليات تعزيز التعاون الاقتصادي بين مصر وعمان، وعقدت اللجنة اجتماعها ال14 في مسقط خلال عام 2017، ومن قبل اجتماعها ال13 في القاهرة في عام 2016، ما يمثل نقلة أخرى مهمة في خطوات تنشيط وتفعيل أطر ومجالات التعاون بين مصر وسلطنة عمان بشكل أكبر وفي كل المجالات، وبما يدعم جهود التنمية في الدولتين ويعود بالخير على شعبيهما. وكان السيسي قد أكد خلال لقائه يوسف بن علوي الوزير المسئول عن الشئون الخارجية العماني، بالقاهرة، في أبريل 2017، حرص مصر على تطوير التعاون الثنائي مع عمان في مختلف المجالات، وتعزيز مستوى التنسيق والتشاور بين البلدين، وأعرب عن تطلعه لأن تساهم نتائج أعمال اللجنة العمانية المصرية المشتركة في تفعيل مختلف أوجه العلاقات الثنائية، وتحقيق تقدم ملحوظ في التعاون الثنائي في شتى المجالات. وأحدثت زيارة سامح شكري وزير الخارجية إلى سلطنة عمان، في مطلع عام 2017، دفعة قوية للعلاقات بين البلدين، ومن أجل استدامة تحقيق النتائج المثمرة للزيارة، أوصت لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب، بتكثيف التعاون والتبادل التجاري بين مصر وسلطنة عمان، وسرعة تنفيذ وتفعيل الاتفاقيات المبرمة بين البلدين وإنشاء لجنة عليا مشتركة للتنسيق والتكامل بينهما، كما أوصت اللجنة بتعيين ملحق تجاري لمصر في سلطنة عمان بناءً على طلب المصريين العاملين في السلطنة لتسهيل التجارة بين البلدين، وتفعيل وتكثيف الدور المهم للجهود المصرية في السلطنة في مختلف المجالات لما لها من دور حيوي في تعزيز الروابط الشعبية بين البلدين الشقيقين. دور لجنة الشئون العربية وثمنت لجنة الشؤون العربية بمجلس النواب، في بيان لها، 17 يناير 2017، قرار السلطان قابوس بتوجيه حكومة السلطنة بإزالة العقبات التي تواجه العمالة المصرية فى السلطنة، وأمر السلطان بدراسة المشروعات المعروضة من الجانب المصري لإنشائها بمصر، ورصده نحو 250 مليون دولار للاستثمارات فى مصر. وفي ترجمة واقعية تعكس رغبة البلدين المشتركة في تعزيز أُطر التعاون، وقعت مصر وعمان في 24 فبراير 2017، 3 اتفاقيات للتعاون الثنائي في مجالات الشباب والرياضة والطلائع، والتدريب العمالي بين وزارتي القوى العاملة في البلدين، واتفاقا حول المساعدة والتعاون المتبادل في الشؤون الجمركية، في ختام اجتماعات الدورة ال13 من أعمال اللجنة المصرية العمانية المشتركة، التي عقدت بالقاهرة برئاسة وزير الخارجية سامح شكري، ويوسف بن علوي الوزير المسئول عن الشئون الخارجية العُماني. وتفعيلا للتعاون الاقتصادي بين البلدين، جاءت اللقاءات الثنائية المصرية العمانية، التي نظمتها الهيئة العامة لترويج الاستثمار وتنمية الصادرات العمانية (إثراء)، بالقاهرة، خلال مايو 2017، بين نحو 20 شركة عمانية وعدد من الشركات المصرية أبرزها IBIS المتخصصة في مجال إدارة الأعمال الدولية وخدمات الاستثمار، وذلك لبحث زيادة فرص التبادل التجاري المشترك. تستهدف هذه المبادرة زيادة الصادرات العمانية إلى السوق المصري، خاصة من الشركات المتخصصة في أسماك السردين التونة، البسكويت، الباستا، المكرونة، المنظفات، العصائر، معجون الطماطم، الرخام، الأخشاب، الموبيليا، خراطيم البلاستيك، المراتب، الأدوية، منتجات الألبان، وغيرها. جولة مباحثات كما شهد مايو 2017 جولة مباحثات بين مصر وسلطنة عمان بشأن التعاون في مجالات الخدمة المدنية والتطوير الإداري، إذ بحثت هالة السعيد وزيرة التخطيط، مع خالد بن عمر بن سعيد المرهون وزير الخدمة المدنية العماني، على هامش اجتماعات المنظمة العربية للتنمية الإدارية بمدينة الدار البيضاء، التعاون في مجالات الخدمة المدنية. وتم تأطير هذه المباحثات بمذكرة التفاهم الموقعة بين الجانبين لتعزيز التعاون في المجالات المشتركة، والاستفادة المتبادلة من الممارسات والتجارب الإدارية الناجحة المطبقة في البلدين، خاصة أنظمة إدارة الجودة وتنمية الموارد البشرية والقوانين والتشريعات المنظمة للوظيفة العامة، وتفعيل تقنية المعلومات وتبسيط الإجراءات وأنظمة العمل في القطاع الحكومي. كما عُقد لقاء تعريفي لرجال الأعمال المصريين عن مميزات الاستثمار في سلطنة عمان من قبل الاتحاد العالمي للمستثمرين، في 15 نوفمبر 2017، بمناسبة العيد الوطني ال47 للسلطنة. «مايو» شهر التعاون الإداري ويبدو أن مايو هو شهر التعاون الإداري بين سلطنة عمان ومصر، إذ شهد مايو 2014 توقيع مذكرة تفاهم بين مصر وعمان في مجال التطوير الإداري، شملت مجالات عديدة منها التدريب والتطوير والاستشارات والتخطيط الوظيفي وتبادل القوانين والتشريعات المنظمة للموارد البشرية والتقنية الحديثة والآليات المستخدمة في قياس عائد التدريب والتطوير الإداري. وانطلاقا من التناغم في الأفكار والمبادرات المصرية العمانية، طرحت مصر وسلطنة عمان رؤية مشتركة لتطوير سوق التأمين العربي، وذلك خلال الاجتماع الدوري الثاني لمنتدى الهيئات العربية للإشراف والرقابة على أعمال التأمين التي استضافتها سلطنة عمان مؤخرا، بمشاركة واسعة من ممثلي الهيئات الرقابية من مختلف الدول العربية. وفضلا عن ذلك، تشكل الاستثمارات العمانية جزءا مهما من الاستثمارات الخليجية والعربية في مصر، كما أن هناك تعاونا ملحوظا بين رجال الأعمال المصريين والعمانيين، وهناك نحو 142 شركة مصرية كبرى تنفذ بمشروعات ضخمة في سلطنة عمان في مجالات البنية التحتية منها: (أوراسكوم، المقاولين العرب، المقاولات المصرية، السويدي للكابلات، وبتروجيت)، ومشروعات الطرق والصرف الصحي والاستثمار العقاري السياحي. ومع مطلع عام 2018، فازت شركة المقاولات المصرية "مختار إبراهيم" بعقد تنفيذ مشروع مرافق في سلطنة عمان بقيمة نحو 8 مليارات جنيه، تشارك فيه شركة بتروجيت بنسبة تنفيذ 30%، والمشروع عبارة عن تصميم وتوصيل خط مياه في منطقة صحار العمانية بطول 225 كيلو متر مواسير، ويضم 7 خزانات و4 محطات ضخ، تستغرق مدة تنفيذه 30 شهرا.