أمها: «سبتها نايمة رجعت لقيت وشها متقطع ورقبتها مذبوحة وكلها دم» «نروح فين ومين يواسينا فى بنتنا اللى مافرحناش بيها.. خدها الكلب مننا وخلص عليها بعدما خنقها ودبحها من رقبتها فى 3 دقايق».. كلمات موجزة أطلقها لسان فاطمة رفعت، بصعوبة بالغة حزنا على مصرع طفلتها وفلذة كبدها مريم التى أكملت عامها الأول، وغيبها الموت بعيدة عن عالمها فى لمح البصر، بعدما نهشها كلب ضال لم يتركها إلا جثة هامدة، «التحرير» تروى مشاهد الحادث المأساوى عبر تلك السطور. الكلب الضال وجد غنيمته داخل جراج برج سكنى كبير، بشارع سكة الوايلى، بمنطقة حدائق القبة، ما زالت آثار الدماء حاضرة لم ولن تغيب عن أنظار وقلوب أسرة مريم كريم علوان، تلك الطفلة التى لم تتخط ربيعها الأول بعد، إذ تسلل كلب من الكلاب الضالة التى لم تعد منتشرة فقط بالأحياء العشوائية، بل امتدت للأماكن الراقية كذلك، إلى داخل جراج العمارة، حيث يقيم بواب العمارة داخل طرقة صغيرة هو وزوجته وأطفاله الأربعة، من بينهم مريم. دخل الكلب ومشى فى طرقات بهو الجراح الكبير المخصص لركن سيارات سكان البرج السكنى، الذى يشغل الطابق الأرضى منه سوبر ماركت شهير، حتى وجد ضالته حينما عثر على «مريم» نائمة داخل الجراج، إذ استلقت بظهرها إلى جدار الحائط فغلبها النوم وكانت النومة الأخيرة لها قبل لقاء ربها. الدكاترة قالولنا البقاء لله تقول فاطمة رفعت، صاحبة ال27 عاما، والدة الطفلة القتيلة مريم، إنها اطمأنت إلى وجود طفلتها نائمة في أرض الطرقة الصغيرة المخصصة لها بالطابق الأرضي بالعمارة، وذهبت إلى الخارج تقضى حاجة لها، برفقة طفلتها الأخرى، هايدى، التى نامت على كتفها هى الأخرى، فدخلت بها إلى الجراج ثانية كى تنام في المكان المخصص لهم، وخلال ذلك شاهدت كلبا خارجا من الجراج، وكانت الفاجعة التى لن تنساها طيلة حياتها، حين ألقت ببصرها على مريم، التى تركتها قبل دقائق قليلة نائمة، إذ عثرت عليها ووجهها ملطخ بالدماء ومنطقة الرقبة كلها دماء أيضا، تعقب «رمحت ببنتى بره الجراج وجريت بيها على المستشفى كانت لسه فيها النفس ولما وصلت بيها هناك ماتت بعد شوية، الدكاترة قالولى البقاء لله، رجعت بيها وربنا يعوضنا خير". أضافت والدة «مريم» ل«التحرير»، أنها أم لأربعة أطفال أكبرهم ياسين 6 سنوات، وسمر وهايدى، وأصغرهم مريم صاحبة العام الواحد، مشيرة إلى أنها لم تتوقع أن تكون هذه نهاية طفلتها الصغيرة آخر العنقود، "إحنا شقيانين عليهم أنا وأبوهم، هنموت من الحزن والله يا ناس على فراقها"، تقول والدة الطفلة، والدموع تحبسها فى عينيها. آثار الدماء ما زالت حاضرة عثرت «التحرير» على آثار من دماء مريم، ما زالت باقية فى أرضية الجراج إلى الآن، لم يتمكن والد مريم، كريم علوان، صاحب ال37 سنة، والذى يعمل بوابا بالعمارة وحارس الجراج، من الحديث معنا، إذ كان نائما، تقول زوجته «من يوم الخبر وهو نايم مش عايز يخرج يشوف شغله ولا يقابل حد، ربنا يصبرنا كلنا على فراقك يا مريم»، مشيرة إلى أنهم ذهبوا لدفن مريم فى المقابر الخاصة بهم بمركز ملوى بالمنيا، وعادوا إلى القاهرة، حيث لقمة العيش. مريم راحت فى 3 دقايق «الكلب خد منى البنت فى أقل من 3 دقايق»، تعقب والدة مريم، مشيرة إلى أن وكيل النيابة لم يأمر بتشريح جثمانها، إذ اكتفى بتوقيع الكشف الطبى الظاهرى عليها، والذى أثبت نهش الكلب لها، وهو سبب الوفاة، لافتة إلى أن الجيران قتلوا الكلب فور الواقعة انتقاما منه في الحال، عقب مشاهدتهم دماء الطفلة تسيل من جسدها النحيف. «أم محمد»، جدة الطفلة «مريم»، أشارت إلى أن أسرة ابنتها تعانى من ديون عدة، ولا تقوى على تحمل أعباء الحياة، لأن العائد المادى الذى يتحصلون عليه قليل، لا يكفى لتدبير نفقاتهم، "نفسنا حد يعملهم أى حاجة ياكلوا منها عيش". على باب الله تابعت الجدة بأنهم «أرزقية على باب الله، ومن يوم الحادثة والدنيا سودة فى عينهم مش عارفين لا يناموا ولا يمارسوا حياتهم طبيعية»، مشيرة كذلك إلى أن ابنتها وأطفالها وزوجها يعملون فى العمارة منذ شهرين فقط، ورغم ذلك يفكرون فى العودة إلى بلدهم الصعيد، أو الانتقال إلى عمارة أخرى، بعد فراق طفلتهم «مريم» التى مزق الكلب وجهها ورقبتها، وشوه معالمها ولم يتركها إلا جثة هامدة. حتة قماش تمنع العيون عننا «مدحت» حارس عمارة مجاورة لمحل الواقعة، التقط أطراف الحديث، منوها بأن أصحاب العمارة عطفوا على أسرة مريم، ووفروا لهم غرفة صغيرة بالجراج، عقب مقتل ابنتهم «مريم»، معلقا "كانوا ساكنين فى الطرقة دى وكان الباب بتاعها عبارة عن حتة قماش تمنع أنظار أصحاب السيارات عنهم بالجراج". وتابع موضحا أن الكلاب منتشرة فى المكان ولا يعلمون أين يذهبون ولمن، لمخاطبته بتطهير المنطقة من تلك الكلاب الضالة، «الناس هتلاقيها منين ولا منين؟!»، يتمتم مدحت بلسانه ناعيا حظهم فى الدنيا الذى جعل الفقر من نصيبهم.