بدأت السلطات الأمريكية بتفتيش مباني ومقرات البعثات الدبلوماسية الروسية ومساكن الدبلوماسيين والموظفين الروس على أراضيها. يأتي هذا الإجراء في إطار حرب دبلوماسية تشمل تبادل طرد دبلوماسيين وإغلاق مقرات للبعثات الدبلوماسية على خلفية تدهور في العلاقات بين موسكووواشنطن، يعتبره بعض المراقبين بداية حرب باردة جديدة بين روسياوالولاياتالمتحدة. بينما يرى خبراء ومحللون أنه حلقة في حرب باردة بدأت بالفعل منذ 4 سنوات على الأقل، ولكن بمعايير وأدوات وطرق تختلف عن الحرب الباردة التقليدية بين الاتحاد السوفيتي السابق والدول الغربية. وأعلن الملحق التجاري الروسي في الولاياتالمتحدة ألكساندر ستادنيك، أن السلطات الأمريكية رفعت الحصانة الدبلوماسية عن مقر الممثلية التجارية الروسية في واشنطن، وفرضت سيطرتها عليه، معتبرا أن هذا التصرف احتلال وتجاهل للمعايير الدولية. وأفادت وسائل الإعلام الروسية، بأن السلطات الأمريكية نشرت عناصرها الأمنية في المبنى الواقع في العاصمة واشنطن، وباشرت بتفتيشه بعد انتهاء المهلة التي منحت لإخلاء المبنى. وقال رئيس الدائرة الصحفية في السفارة الروسية في الولاياتالمتحدة نيكولاي لاخونين، إن "التفتيش تقوم به رسميا وزارة الخارجية الأمريكية"، موضحا أنه تم إبلاغ الجانب الروسي بذلك مسبقا. وتم انتقال موظفي البعثة التجارية الذين سيبدأون من الآن فصاعدا متابعة مهامهم في مبنى السفارة الروسية، حيث انتقلت الممثلية. وكانت وزارة الخارجية الروسية قد استدعت الوزير المفوض في السفارة الأمريكية لدى موسكو لتسليمه مذكرة احتجاج على تفتيش الممثليات الدبلوماسية الروسية في الولاياتالمتحدة. واعتبرت الوزارة أن التفتيش المقرر للمباني الدبلوماسية الروسية عمل عدائي غير مسبوق ينتهك القانون الدولي، داعية واشنطن إلى الكف عن انتهاك القانون الدولي والتطاول على حرمة المرافق الدبلوماسية. وأعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن أجهزة الأمن الخاص الأمريكية تعتزم تفتيش القنصلية العامة الروسية في سان فرانسيسكو، بما في ذلك شقق البعثات الدبلوماسية. أما وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف فقد أكد، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الأمريكي ريكس تيلرسون، أن موسكو ستدرس بعناية قيود واشنطن الجديدة على بعثاتها الدبلوماسية وستعلن عن رد فعلها، معربا عن أسفه إزاء التصعيد في العلاقات الثنائية بين الولاياتالمتحدةوروسيا. ومن جانبه وصف مساعد الرئيس الروسي يوري أوشاكوف مصادرة 5 مبان من العقارات المملوكة للبعثة الدبلوماسية الروسية في الولاياتالمتحدة، بأنه استيلاء غير شرعي. وشدد على أن روسيا ستدرس بدقة ردها على هذه الخطوات التي تتخذها واشنطن دون التفكير في تبعاتها على الاستقرار الدولي. ووصف أوشاكوف وضع العلاقات الثنائية بأنه سيء، مشيرا إلى أن واشنطن لم تكتف باستهداف الدبلوماسيين الروس، بل وقلّصت خدمات بعثتها الدبلوماسية في الأراضي الروسية، باعتبار ذلك إجراء اضطراري بسبب تقليص عدد العاملين في البعثات. ولفت إلى أن عملية منح تأشيرات الدخول لهؤلاء الذين "يروقون" لواشنطن مستمر بالسرعة نفسها، فيما سيضطر المواطنون الروس الآخرون للانتظار طويلا. وأوضح أوشاكوف أن واشنطن، إضافة إلى مصادرة الممتلكات الروسية، قررت تقليص عدد منافذ الدخول التي يحق للدبلوماسيين الروس المرور عبرها، وقلّصت عدد موظفي البعثة الدبلوماسية الروسية الذين يحق لهم القيام برحلات إلى خارج منطقة عمقها 25 ميلا سبق لواشنطن أن حددتها لتقييد تحركات الدبلوماسيين الروس في الأراضي الأمريكية. وفيما أكد أن روسيا سترد، أقرّ في الوقت نفسه أن أحدا من الطرفين يجب أن يحتكم إلى العقل السليم لوقف هذه المهزلة، حسب وصفه. وجاءت الخطوات الأمريكية الجديدة ردا على طلب موسكو تقليص عدد العاملين في البعثات الدبلوماسية الأمريكية في أراضيها لمستوى لا يتجاوز عدد موظفي البعثة الدبلوماسية الروسية في الأراضي الأمريكية. كما أن قرار موسكو قد جاء ردا على طرد 35 دبلوماسيا روسيا ومصادرة بعض المباني الدبلوماسية الروسية من قبل واشنطن في أواخر العام الماضي. في السياق، نشرت وزارة الخارجية الروسية أنباء ومعلومات عن عملية تفتيش مبنى القنصلية العامة الروسية في سان فرانسيسكو، من قبل رجال من مكتب التحقيقات الفيدرالي. وذكرت الوزارة على صفحتها الرسمية في فيسبووك أن وزارة الخارجية الروسية ستنشر صورا ومقاطع فيديو تثبت تصرفات غير مشروعة من جانب السلطات الأمريكية التي "اقتحم موظفوها مواقع دبلوماسية روسية منتهكة القانون الدولي وقوانينها الخاصة" وأجروا عمليات تفتيش هناك.