تعد الأهرامات المصرية شاهدًا على مدى تطور الفكر المعماري والهندسي في مصر القديمة، ولكن جاءت الأهرامات بعدد من المحاولات والتجارب في عمارة المقابر في مصر، فإن أول مقبرة بالشكل الهرمي كانت من الأسرة الثالثة تعود للملك زوسر، ولكن أول هرم بالشكل الهرمي المعروف ليس الهرم الأكبر للملك خوفو إنما هو هرم الملك سنفرو بمنطقة دهشور. وكانت الجبانة الملكية قديمًا في منطقة أبيدوس بسوهاج، مبنية من الطوب اللبن على هيئة بناء يشبه شكل المصاطب "أطلق عليها ذلك لأنها تشابه مصاطب المنازل بالقرى"، وأسفل كل مصطبة نجد حجرة الدفن، وفي عصر الأسرة الأولى بدأ الملوك في تشييد مقابرهم في منطقة "منف" فأصبح الملك يملك قبرين بمنف أبيدوس، ولكن بالرغم من اختلاف عمارة المقابر بالمنطقتين في بعض التفاصيل، كانت العناصر المعمارية الأساسية ثابتة. وتجدر الإشارة إلى أن الهرم لم يكن مبنى مستقل بذاته ولكنه كان جزءًا من مجموعة معمارية ضخمة تتكون من "معبد الوادي الذي يكون على حافة النهر لإستقبال الملك المتوفي وإقامة بعض الطقوس الدينية، المعبد الجنائزي الذي تتم فيه الطقوس الأخيرة قبل دفن الملك، ويصل بين المعبدين الطريق الصاعد، ثم يذهب الملك المتوفي للدفن داخل مقبرته الملكية الهرم، ويجاور الهرم أهرامات صغيرة وأحيانًا أهرامات للملكات،وكان يحيط بعض المجموعات سور. لماذا الشكل الهرمي؟ يعتقد أن الشكل الهرمي ماهو إلا تطورًا معماريًا، ولكن يذهب البعض الآخر إلى أن الهرم ماهو إلا رمز لأشعة الشمس التي تنزل على الأرض تأخذ شكل الهرم، وأن هناك طائر يعرف ب"البنو أو الفونيكس" وارتباطه بالشمس ويصور في النقوش واقفًا على الشكل الهرمي يسمى ال"بنبن". وبذلك يكون الهرم ماهو الا شكل ال"بنبن" لكن كبير الحجم الذي يعتبر شكلًا لأشعة الشمس، التي عكست النصوص القديمة أن الملك المتوفى يستخدم تلك الأشعة للصعود إلى السماء. بناء الهرم كانت البداية من أبيدوس عندما دفن ملوك الأسرات الأولى في مصاطب من الطوب اللبن، ثم استمرت هذه المصاطب حتى جاء الملك "زوسر" وقام بتشييد أول بناء حجري وهي عبارة عن 6 مصاطب متدرجة بسقارة فعرف الهرم باسم "الهرم المدرج"، واستمر ملوك تلك الفترة في بناء عدد من الأهرامات في "سيلا بالفيوم، وزاوية الأموات بالمنيا، وهرم الكولة بأسوان"، تلك الأهرامات ماهي إلا أهرامات صغيرة الحجرة وكانت شهدت إحداها تطورًا في البناء فبنيت على هيئة طبقات من الطوب اللبن. وفي مرحلة لاحقة حدث تطور معماري آخر هو "هرم ميدوم ببني سويف" ويعد هذا الهرم المرحلة الأخيرة قبل محاولات بناء الهرم الكامل، فبدأ الملك "حوني" بناء هذا الهرم وأتمه بعده الملك "سنفرو" صاحب الهرم المنحني وأول هرم كامل بدهشور، وتبعه أسلافه خوفو وخفرع ومنكاورع، حتى جاء الملك "شبسسكاف" وقام ببناء مقبرته بشكل مختلف عن الهرم والمصطبة وعرف هذا الهرم باسم "مصطبة فرعون"، وانتقل مكان الدفن إلى أبوصير في العصور التالية، وفي عهد الملك "أوناس" من الأسرة السادسة ظهر بهرمه فيما يعرف بمتون الأهرام لأول مرة. وفي الفترة التالية قام أحد ملوك الأسرة ال11 من بناء معبد في منطقة الدير البحري بالأقصر وكان المعبد ذو قمة هرمية، وعندما قامت الدولة الوسطى عاد ملوكها إلى البناء بالقرب من دهشور ومنطقة الفيوم، واستمرت فكرة الهرم في العصور اللاحقة حتى الدولة الحديثة فنرى مقابر العمال بمنطقة "دير المدينة" بالأقصر وجود الشكل الهرمي عند مدخل المقابر. نصوص الأهرام عبارة نصوص دينية ظهرت في عصر الدولة القديمة، وتعد أقدم النصوص الدينية المعروفة وكتبت على جدران الأهرامات، وظهرت أول مرة داخل هرم الملك "أوناس" بسقارة واكتشفها ماسبيرو عام 1880م داخل هرم الملك "بيبي الأول". وكانت تلك النصوص خاصة بالعائلة الملكية فقط، وكان الهدف من نصوص الأهرام هو حماية جسد الملك، وإحياء جسده بعد الموت ومساعدته على الوصول إلى الجنة في حياته الآخرة، كما تستخدم أيضًا لطلب مساعدة المعبودات. كيف بنى الهرم؟ مازالت عملية بناء الأهرامات، أمرًا يقف أمامه الإنسان في تعجب وحيرة حيث يثير البناء تساؤلات عن كيفية إتمام هذا البناء الضخم في تلك العصور القديمة بأبسط الأدوات، حيث لم يستخدم العمال إلا أزميل مصنوع من النحاس أو حجر الصوان، ولنقل يتم بمساعدة الزحافات وأخشاب اسطوانية الشكل، فعرفت عملية قطع الأحجار بالمحاجر وكذلك طرق البناء من خلال بعض النقوش والآثار الأخرى التي لم يتم اكتمال بنائها. وتظهر النقوش كيفية نقل التمثال الضخم الذي تم نقله لأحد رجال الدولة في المنيا ويدعى جحوتي حتب، وكان يتم تحديد نوع الأحجار التي سيتم استخدامها في البناء، وأماكن المحاجر التي سيتم جلب الأحجار منها، ويحدد أضلاع الهرم بعد ذلك، وهناك عمال آخرين يقومون بالعمل في أجزاء أخرى من المجموعة الهرمية. وهناك أهرامات لم يكتمل بنائها مثل هرم "سخم خت" بسقارة الذي أوضح لنا أن العمال قاموا ببناء طرق صاعدة من التراب والحصى لنقل الأحجار لأعلى لعمليات البناء، وأظهرت لنا مقابر عمال بناء الأهرامات بالجيزة عملية الاهتمام بهم من حيث الطعام والأجور وكذلك الرعاية الطبية التي أظهرتها بعض الهياكل العظمية التي اكتشفت داخل المقابر بإجراء بعض العمليات وعلاج الكسور. أهم الأهرامات تمتلك مصر عدد كبير من الأهرامات يتعدى ال100هرم، يعد أشهرها تلك الأهرامات الثلاث التي توجد بمنطقة الجيزة وهي للملوك "خوفو ، وخفرع، ومنكاورع"، ولكن هناك أهرامات في مناطق أخرى مثل هرم "جدف رع بأبو رواش"، وأهرامات منطقة أبو صير للملوك الأسرة الخمسة أمثال "ساحورع، وني وسر رع، وجد كارع اسيسي"، وكذلك سقارة فيجاور الهرم المدرج أهرامات نذكر منها "أوناس، وتتي، وسخم خت"، وأهرامات منطقة اللشت "أمنمحات الأول، وسنوسرت الأول". وبدهشور أقيم عدد من الأهرمات منها "هرمي سنفرو، أمنمحات الثاني، سنوسرت الثالث أمنمحات الثالث"، وفي ميدوم ببني سويف نجد هرم الملك حوني بميدوم، وفي الفيوم نجد أهرمات الملوك "أمنمحات الثالث، سنوسرت الثاني" وهرم بمنطقة سيلا الذي لم يعرف من صاحبه، وفي أسوان هرم الكولة بإدفو الذي لا يعرف صاحبه.