مع ولادتها شعرت الأم أن الدنيا تبسمت لها وأن القدر قرر أن يعوضها طلاقها من زوجها، والظروف الصعبة التي تمر بها، قبل ست سنوات كانت «هبة» الطفلة تملأ البيت ضجيجا ومرحا ولهوا، لكن سرعان ما سرقت الأيام فرحتها بالبطيء بعدما لاحظت الأم علامات الوهن على جسد طفلتها لتكتشف في النهاية إصابة «هبة» بمرض نادر أفقدها النطق وشل حركتها، وتسبب في تيبس أطرافها وتحولت الملاك الطفل إلى «مسنة» في عمر عامين. «صرفت كل اللي حيلتي، وبنتي بتضيع مني ومش عارفه اعملّها حاجة».. كلمات خرجت بمرارة من دعاء محمد، ربة منزل، والدة الطفلة هبة 8سنوات. وأضافت والدة الطفلة، أن ابنتها أصيبت بمرض نادر قبل أن تكمل عامها الثاني حيث بدأت أعراض المرض تظهر على جسدها بشكل تدريجي في البداية حيث لم تكن قادرة على امساك أي شئ بيدها وفقدت القدرة تماما على السير أو الوقوف ولاحقاً فقدت القدرة على الكلام أيضاً. تابعت الأم باكية، «بنتي فقدت حواسها واحدة تلو الأخرى»، مشيرة إلى أنها ترددت على أشهر المراكز الطبية وبينها مراكز للعلاج الطبيعي بحسب نصائح بعض الأطباء، لكن مرت 6 سنوات على مرضها وتزداد حالتها سوءً يوماً بعد يوم. تضيف الأم وهي تحتضن ابنتها، «والدي توفى بعد ما كان متكفلا بمصاريف علاجها وانفصلت عن زوجي من سنين ومليش حد غير ربنا.. صرفت كتير على علاجها وياريت كان معايا تاني مكنتش هحتاج لمساعدة من حد». وتابع والدة هبة أنها ترددت على عديد من الأطباء، جعلها تشعر أن طفلتها تحولت لفأر تجارب، مشيرة إلى أن طبيبة تسببت في تأخر حالة ابنتها في بداية مرضها بعد جرعة دواء خاطئة كادت أن تودي بحياتها وأفقدتها القدرة على المشي. وأضافت أنها كانت في زيارة إلى مستشفى الدمرداش وبالصدفة ألتقت طبيبة متخصصة بعلوم الجينات الوراثية وحذرتها من تكرار الحمل لما له من نتائج مخيفة على الأطفال و قد تبلغ نسبة تعرضهم للإصابة بنفس المرض النادر الذي أصاب ابنتها 100%، وناشدت الأم وزير الصحة بضرورة التدخل لإنقاذ حياة طفلتها من هذا المرض . وأكدت ربة المنزل أنها حاولت التواصل مع كثير من الأطباء لكن دون فائدة، مشيرة إلى أن إحدى صديقاتها نصحتها بزيارة عيادة خاصة لطبيب شهير نهاية الشهر الماضي، لكن بعد الانتهاء من إجراء الفحص الطبي لحالة ابنتها قال لها : "للأسف مش هقدر أفيدك ومش هعرف أعمل لها حاجة، خدي بنتك مستشفى أبو الريش، وهما هناك بيحبوا الحالات دي وهيعملوا عليها تجارب لأن حالتها نادرة جداً». واستكملت دعاء انها سمعت من أحد الأطباء المتابعين لحالة ابنتها أن هناك طبيبا أمريكيا متخصصا في علاج الحالات المرضية النادرة وبالفعل تمكنت من مقابلته وأجرى الفحص الطبي لهبة وكانت المفاجأة حين أخبر الأم أنه لم يسبق له التعامل مع مثل حالة ابنتها لكنه رجح أن تكون مصابة بمرض نقص "ريبوز الفوسفات 5"، وهو مرض وراثي نادر يؤدي إلى عدم النشاط البدني للشخص المصاب به، غير أن معظم الأطباء أجمعوا أن الطفلة مصابة بمرض يسمى "متلازمة ريت". يؤكد أيمن عبد الكريم، استشاري طب الأطفال، أن مرض متلازمة ريت (Rett Syndrome)، هو مرض وراثي نادرجداً يسبب اضطرابات شاملة في النمو ويؤثر بشدة على دماغ المصاب حيث يفقده القدرة علي الاحتفاظ بما اكتسبه وتعلمه من خبرات ومهارات كالسير والنطق، وكثيراً ما تصاحبها درجة من درجات التخلف العقلي بالإضافة إلي ما تسببه من إعاقات حركية أو إعاقة تواصل ونوبات صرعية، وربما تكون له أعراض تتشابه من حيث الجانب الظاهري فقط مع مرض متلازمة شيخوخة الأطفال. وتابع عبد الكريم، أن المرض يتعلق بالتوحد، ويبدو الأطفال الصغار المصابين بمتلازمة ريت في حالة نمو وتطور طبيعيين في بداية الأمر، ولكنهم يتوقفون عن النمو في مرحلة بين الشهر الثالث والسنة الثالثة، وهي إعاقة تصيب الاناث فقط. وتبدأ أعراضها في الظهور بعد الأشهر الستة أو الثانية عشر الأولي من عمرها ويعتقد العديد من الباحثين أنها ذات أساس وراثي له علاقة بالكروموزوم. وأضاف، استشاري الأطفلا أن لأمراض النادرة عادة ما تكون، وراثية وبالتالي فهي مزمنة، وبحسب الأبحاث فإن 80% على الأقل من الأمراض النادرة لها أصل وراثي أما الأمراض النادرة الأخرى فتعتبر نتيجة للعدوى أو الحساسية أو لأسباب انحلالية منتشرة. فيما يؤكد الدكتور محمد هيكل، أستشاري طب الأطفال، أن من أعراض المرض فقد القدرة على الكلام، وفقد الحركات اليدوية، كمنعكس القبض مثلاً، ظهور حركات لا إرادية، مثل لوي اليد، مشاكل في التوازن، مشاكل تنفسية، مشاكل سلوكية، مشاكل في التعلم أو تخلف عقلي، فقدان لوظائف عضلات الجسم و العجز عن أداء الأنشطة المختلفة دون حدوث قصور كثر في القدرة علي الانتباه أو في التفاعل الاجتماعي أو تلاقي العيون. وأشار هيكل، إلى أن هذه المرحلة قد تستمر عشر سنوات أو أكثر تزداد خلالها سرعة التدهور في القدرة علي الحركة وتزداد العضلات اضطراباُ متحولة من المرونة إلي حركات تشنجية ثم إلي حالة تصلب فتحتاج إلي كرسي متحرك وتظل القدرة علي التخاطب والتواصل الاجتماعي في الهبوط حتي تصل إلي ما يقارب عمر طفل في الأشهر الستة الأولي من عمره، فضلاً عن تأخر وبطء تدريجي خفيف في النمو بعد مرحلة نمو طبيعي قد تستمر من 6 أو 8 إلي 18 شهراً بعد الولادة وذلك في صورة تختلف في التخاطب والتناسق الحركي.