«الأرض عطشانة والترع شبه خالية من الميه وتحتاج لتطهير والزرع بيموت، وبيوتنا اتخربت بسبب موت الزرع».. كلمات تلخص معاناة الفلاحين في محافظة كفر الشيخ، بسبب نقص مياه الري ما تسبب فى تلف المحاصيل، مطالبين المسؤولين بالتدخل، خاصة أن زراعة الأرض هى مصدر رزقهم الوحيد. عبدالسميع قاسم، مزارع بقرية أبو سعدة بمركز سيدي سالم، قال إن مشكلة نقص المياه بدأت العام الماضي وفي هذا العام لم تصل نقطة مياه للفلاحين ما أدى إلى بوار كثير من الأفدنة، مشيرًا إلى أنهم تقدموا بشكاوى لمديرية الري في المحافظة لكن لا مجيب. وأضاف ياسرعبدالباسط، فلاح في القرية نفسها، أن مسئولي الري يجلسون في مكاتبهم المكيفة ولا ينظرون إلى شكاوى الفلاحين، قائلا "أغيثونا عيالنا هتموت من الجوع ومش لاقيين نسقي المواشي، وشتَلنا الأرض لزراعة الأرز مرتين لكنها بارت ومات الزرع". "خراب بيوت، مش عارفين هنلاقيها من ارتفاع أسعار التقاوي، ولا من نقص المياه"، هكذا قال عبدالغني حلمي مصطفى، فلاح بالقرية، متابعًا: "عندي فدانين زرعتهم أرز وبعد أن ظهرت النباتات في الأرض لم أجد لها المياه، اتصلت بجميع المسؤولين، ولكن دون استجابة". وذكر أحمد إبراهيم، أحد فلاحي قرية عبدالباعث الفقي، أنه يزرع 4 أفدنة من الأراضي الزراعية في حيازته، وإنه ينوي زراعة الأرض بمحصول الأرز خلال الموسم الصيفي الحالي، لافتًا إلى أنه وباقي المزارعين في الزمام ألقوا البذور في الأرض وفي انتظار وصول المياه، لكن المياه لم تصل إلى الترعة الرئيسية بالقرية حتى الآن، ما أثار غضب المزارعين خوفًا من تأخرهم في زراعة المحصول. واستطرد محمد أبوزيد، أحد فلاحي القرية، بأن أغلب أراضي الفلاحين بارت مضيفًا: "أراضينا سقطت من حسابات المسئولين بهندسة ري سيدي سالم، ونعاني من عدم توافر مياه الري لأراضينا الزراعية، والمهندس المسئول عن توزيع المناوبات ومياه الري يقوم برفع المياه في الترع التي تمر على أقارب له ويقفلها عن أراضينا، ما تسبب في بوار هذه المساحات الشاسعة من الأراضى الزراعية"، بحسب قوله. ولا يختلف الحال كثيرا في قرى شباس الملح، والصافية، والدمنكة بمركز دسوق، بسبب بوار الأراضي الزراعية مصدر الرزق الوحيد للفلاحين هناك، يقول إسلام عتمان، فلاح من قرية دمنكة، إنه بسبب غياب مياه الري أزال بعض المزارعين شتلات الأرز وزرعوا مكانها محاصيل أخرى مثل اللب والذرة السكري الذي يستخدم كعلف للمواشي، وهذه المحاصيل تحتاج إلى كميات أقل من مياه الري ورغم ذلك نجد صعوبة في ري هذه المحاصيل، أيضًا ما أدى إلى موت بعضها خاصة محصول الذرة. وأضاف محمد حمدي، فلاح بقرية الصافية، قائلاً "نعيش في مأساة كبيرة بعد أن عجزنا عن الحصول علي مياه الري التي أصبحت غير متواجدة تمامًا بالترع وقمنا بزراعة شتلات الأرز ولم نستطع استكمال زراعة الأرض ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الشتلات قمنا بتأجير سيارات فنطاس كبيرة لجلب المياه من نهر النيل مقابل 50 جنيهًا في المرة الواحدة". وأوضح أن المزارعين الذين تقع أراضيهم على المصارف يضطرون لري أراضيهم منها والتي تتسبب في انتشار الأمراض، كما أن بعض الشتلات احترقت وأصبحت لا تصلح للزراعة وبعضها زاد حجمها ولا يصلح نقلها لزراعتها غير أننا أصبحنا عاجزين أيضاً عن تجهيز الأرض لعدم استطاعتنا عن توفير المياه. وأشار عبدالحميد فرحة، فلاح من قرية الصافية، إلى أنه قام بتجهيز الأرض لزراعة شتلات الطماطم وأعد ثلاثة أحواض خاصة بها لكن لم يتمكن من ريها، ما تسبب في شلل الشتلات وبوار الأرض الزراعية. ومن جانبه، قال علي رجب نصار، وكيل عام نقابة الفلاحين على مستوى الجمهورية ونقيب الفلاحين بكفر الشيخ، إن نقص مياه الري وخلو الترع من المياه، أدى إلى بوار 40 ألف فدان بقرى ومراكز المحافظة، مشيرًا إلى أنه قد بار له فدان بسبب النقص الحاد في مياه الري، وانسداد الترع وتجمع النفايات أمام مداخل القرى. وأوضح نصار ل"التحرير"، أن محافظة كفر الشيخ تقع في نهاية مصب نهر النيل ويتم ري أراضيها من مياه الصرف الزراعي والصناعي والصحي، وأشهرها مصرف "كتشنر"، مؤكدًا أنه تواصل مع وزير الري لحل هذه المشكلة وحتى لا يتكرر ما حدث في السنة الماضية من بوار كبير للأراضي الزراعية لكن لم يحدث جديد، لا سيما مع اقتراب موسم زراعة الأرز، والذي يحتاج كمية كبيرة من المياه مقارنة بالمحاصيل الأخرى. وهاجم نصار كلا من وكيل وزارة الري بكفرالشيخ والمحافظ، داعيا إياهم لتقديم استقالتهم لعدم قيامهم بحل مشاكل الفلاحين المتكررة، مؤكدًا أن عشرات الفلاحين قاموا بتقديم بلاغات ضد محافظ كفرالشيخ ووزير الري السنة الماضية يتهمونه بتبوير أراضيهم. وأشار إلى أنه ذهب إلى اللواء السيد نصر، محافظ كفرالشيخ العام الماضي، لبحث كيفية تهدئة الفلاحين الثائرين بسبب ندرة المياه فكان رد المحافظ : "هو أنا فاضي كمان للفلاحين"، حسب قوله. من جهة أخرى، أكد المهندس سعيد هميسة، وكيل وزارة الري بكفرالشيخ، أنه لا توجد مشكلة في ري أراضي الفلاحين وأن المياه متوفرة، لافتًا إلى أن المياه تذهب لجميع القرى كل حسب دوره، قائلا: "من الممكن أن تصل المياه متأخرة لكن لا بد أن تصل". ونفى هميسة ل"التحرير"، لجوء الفلاحين إلى مياه الصرف الصحي لري محاصيلهم الزراعية بسبب عدم وصول الماء إليهم، مشيرًا إلى أن الفلاح قد يضطر أحيانًا إلى استخدام "الصرف الزراعي" بعد تنقيته وليس الصرف الصحي كما يتردد. واختتم، "كيف نقول إن هناك بوار للأراضي الزراعية بسبب عدم وجود المياه العام الماضي في الوقت الذي قد تم زراعة 13 ألف فدان مخالف في العام ذاته، فكيف حصلت هذه الأراضي المخالفة على المياه إذا كانت غير موجودة كما يقول البعض؟".