كتب- أحمد سعيد حسانين وباهر القاضي: اشتعلت حدة الأوضاع فى فلسطين، بعد تصاعد المواجهات الدامية بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي، في ما أطلق عليه "جمعة النفير"، بسبب القيود التى فرضها الكيان الصهيوني على أبناء الشعب الفلسطيني فى الصلاة فى المسجد الأقصى، والتى انتهت بسقوط شهيدين وعشرات الجرحى. "التحرير" استطلعت آراء عدد من الدبلوماسيين والباحثين الفلسطينيين في ما تشهده الأوضاع فى المسجد الأقصى والسيناريوهات المطروحة على الطاولة خلال الأيام المقبلة. قال بركات الفرا سفير فلسطين لدى القاهرة سابقا فى تصريحات ل"التحرير"، إن قوات الاحتلال الإسرائيلي إذا لم تتراجع عما تخطط له فى فلسطين، لن يهدأ الحال وسيستمر فى التصاعد، مشيرا إلى أن الفلسطينيين يتعرضون لاستفزازات كبيرة من قبل الكيان الصهيوني للحد الذى وصل إلى الاعتداء على العقيدة نفسها، مستطردا "لا يعقل أن يدخل الفلسطيني ليصلي عبر بوابات إلكترونية". الشجب والإدانة واستطردا الفرا: "للأسف العرب بيشاهدوا ويتفرجوا على ما يحدث فى فلسطين دون أن يتحركوا، وكل ما لديهم إصدار بيانات شجب وإدانة فقط منذ عام 1948 دون أي جدوى"، منوها بأن إسرائيل إذا لم تجد موقفا عربيا جادا لن تتوقف عما ترتكبه من جرائم، مشددا على أن الدول العربية يجب أن تضغط من أجل إصدار قرار من مجلس الأمن يدين تلك الممارسات، واصفا تخاذل العرب عن نصرة الفلسطينيين فى تلك القضية ب"المصيبة الكبرى"، مشددا على أن إسرائيل تخطط لتقسيم المسجد الأقصى بين الفلسطينيين والإسرائيليين. وتساءل السفير الفلسطيني السابق، أين جامعة الدولة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي مما يحدث؟ ولماذا الصمت والتخاذل العربي حتى الآن؟ موضحا أن العدو الإسرائيلي يرى العرب ضعفاء وليسوا أصحاب موقف. قائلاً: "اللي بيحصل عار فى جبين المسلمين والعرب والمسيحيين وكل إنسان متدين، إنه يصمت على هذا الأمر". بينما أعلن الدكتور ماهر خضير، القاضي بالمحكمة العليا الشرعية بفلسطين، رفضه القاطع لأي إجراءات إسرائيلية تعمل على تغيير الواقع بالمسجد الأقصى ووضع بوابات إلكترونية ووضع قيود لدخول وخروج المسجد الأقصى من قبل الاحتلال على المصلين، أو تفتيش المسلمين من قبل المجندات الإسرائيليات وجنود الاحتلال. ووصف القاضى بالمحكمة العليا الشرعية ل"التحرير"، الأمر بأنه يعتبر انتهاكا لحرمة المسجد الأقصى واعتداء على حرية العبادة للمسلمين والتدخل في عمل الأوقاف الإسلامية العربية في القدس. مشددا على أن المسجد الأقصى هو مسجد إسلامي خالص لا حق لليهود فيه بقرارات إلهية ربانية، ولا يجوز لليهود العبث في تغيير معالمه أو التدخل في شئونه وإلا يكون الاحتلال الإسرائيلي قد أدخل نفسه في حرب دينية ومواجهة لا تحمد عقباها وجر المنطقة إلى بحر من الدماء، لأن الاحتلال بهذه الخطوات يتدخل في عقيدة المسلمين وصلب عباداتهم. اغضب لأجل القدس وطالب خضير، كل العرب والمسلمين بالغضب ورفع شعار (اغضب لأجل القدس) وذلك بمساندة أهل القدس، وإن ترك الأقصى اليوم، فمن المحتمل أن يكون غدا الدور على مكة والمدينة، فلا يجب ترك الأقصى وحيدا ينتهك من قبل الجنود والمستوطنين. وأكد أن كل من يستطيع الوصول من أبناء الشعب الفلسطيني لبوابات الأقصى الآن معتصم وفي حالة ثورة على اليهود لإزالة البوابات، مطالبا الأمة العربية والإسلامية بترك شعوبهم تخرج في الشوارع نصرة للأقصى، مشيرا إلى أن هناك حجرا على الشعوب العربية من قبل حكوماتها، وهذا لا يجب لأن الأقصى ليس للفلسطينيين وحدهم فقط، فلا نسمع إلا الشجب والاستنكار وهذا لا يكفي لأن الأقصى يضيع. وأضاف: "اليوم هو يوم غضب لأجل الأقصى أولى القبلتين ومسرى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أصبح تحت سيطرة الاحتلال، ونحن نصرخ باسم الإسلام والعروبة لنصرة مسجدكم يا مسلمين"، مشيرا إلى أن هناك 15 ألف جندي إسرائيلي الآن على بوابات الأقصى تمنع الناس من الدخول وتسمح للمستوطنين بالدخول وهتك عرض مسرى نبينا، فالأقصى من العقيدة وتركه تفريط في العقيدة، حسب قوله. بينما قال الدكتور أسامة شعث أستاذ العلاقات الدولية والسياسي الفلسطيني، إن ما يجرى الآن فى المسجد الأقصى من مواجهات متصاعدة ضد الاحتلال الإسرائيلي، إنما يؤكد أن الشعب الفلسطيني لن يستسلم لإرادة الاحتلال ولا مخططاته وإجراءاته القمعية بحق المسجد الأقصى والمدينة المقدسة. خط أحمر وأضاف شعث فى تصريحات ل"التحرير" أن الاحتلال يحاول أن يختبر إرادة الشعب الفلسطيني ظنا منه أنه عاجز عن التصدي لهذه المخططات، لكنه سيفشل، حسب تعبيره. وقال إن المسجد الأقصى خط أحمر لأنه ليس قبلة المسلمين الأولى فقط وإنما موطن السلم العالمي ومنه يشع السلام فى العالم، ولأجله تندلع الحروب. وحذر شعث حكومة الاحتلال ومستوطينها من المساس بحرمات المسجد الأقصى ولا المقدسات الإسلامية أو المسيحية التى أقر العالم بأنها فلسطينية عربية خالصة، وأردف قائلاً: "أقول لنتنياهو وحكومته، لا تختبروا إرادة الشعب الفلسطيني وصموده". كانت اشتباكات عنيفة قد نشبت بين المصلين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي في أثناء الصلاة بالمسجد الأقصى، فيما عرف ب"جمعة النفير"، التى تسببت فى سقوط شهيدين وإصابة العشرات من الفلسطينيين وفقا لتقارير إعلامية فلسطينية. الجدير بالذكر أن الاحتلال الإسرائيلي كان قد أغلق المسجد الأقصى ووضع بوابات إلكترونية عليه، واشترط تفتيش كل من يريد دخوله، وهو ما رفضه الفلسطينيون، وانطلقت بعد صلاة الجمعة، اليوم، مسيرات حاشدة من جميع مساجد قطاع غزة، بدعوة من حركتى الجهاد الإسلامى وحماس لنصرة المسجد الأقصى، ورفضًا لسياسة الاحتلال الإسرائيلي الإجرامية بحق المصلين.