لم تسلم مقابر محافظة بورسعيد من غلاء الأسعار، إذ وصل سعر المدفن الواحد بالمقابر الجديدة بجوار عزبة أبو عوف إلى 150 ألف جنيه، بينما استقرت الأسعار بالمقابر القديمة عند 100 ألف جنيه، نظرا للزيادة الكبيرة في تعداد السكان وندرة الأراضي بالمدينة التي جعلت أسعار المقابر كأسعار الشقق السكنية. تقول زينب أشرف، مدرسة: "المقابر تساوت أسعارها بأسعار الشقق السكنية في محافظات أخرى، والبورسعيدي بقى مكتوب عليه البهدلة بيسعى أنه ياخد شقة المحافظة بالعافية وكمان في الموت"، مضيفة: "المتر في متر اللى هيتدفن فيه بقى سعره لمن استطاع إليه سبيلا". وذكر إبرهيم السلماني، موظف: "لو في رقابة على المقابر ما وصلنا إلى هذه الصورة من المتاجرة بالأموات، لكن المحافظة غير مهتمة بالرقابة فمن الطبيعي أن تنتشر تجارة المقابر ما دام الإهمال سيد الموقف". وقال المحامي عماد الدين صديق: "أطالب بتجريم عمليات بيع المقابر والتصدي لها، لأن غياب الرقابة على المقابر من الحي والجهات المعنية جعل عمليات البيع والشراء للمقابر تجري على مرأى ومسمع من الجميع، وبأسعار فلكية تصل في المقابر المميزة لحوالي 150 ألف جنيه". وأوضح صديق: "هناك سماسرة من موظفي الحي والعمال يتولون مهمة التجارة في المقابر، رغم أن المحافظة طرحتها عام 2005 بسعر ألفي جنيه فقط، إلا أن ندرة الأراضي وعدم طرح مقابر جديدة للمواطنين ساهم في زيادة الأسعار بشكل غير مقبول". من جانبه، أكد عبد الصمد كامل، رئيس مجلس إدارة جمعية دفن الموتى ببورسعيد، أن التجارة في القبور رائجة بالمحافظة بسبب المرتزقة وعمال الحي بالمقابر. وقال كامل، ل"التحرير"، إن أسعار المقابر تتراوح حاليا ما بين 100 إلى 120 ألف جنيه، مشيرا إلى أن الجمعية تعاني كل يوم من سرقة المقابر وتغير أسماء مالكيها، رغم الرقابة المشددة من قبل الجمعية بعدم فتح القبور إلا بإعلام الوراثة أو بالبطاقة الشخصية لمالكها. وأضاف: "أبرز المشكلات التي تواجهنا هي تدخل عمال الحي في بعض الأعمال التي تخص الدفن والتعامل مع الجمهور، بصفته المسؤول عن فتح المقبرة ومناظرة الرخصة بالمقبرة، وهذا ليس من اختصاصه". وأشار إلى أنه سبق وأصدر اللواء سماح قنديل، محافظ بورسعيد الأسبق، القرار رقم 258 لسنة 2014 بتشكيل لجنة لمراجعة مشكلات المقابر والمخالفات القانونية، وعدم وجود تراخيص من قبل حي الزهور لعدد من المقابر، وإحالة عدد من موظفي الحي للمحكمة التأديبية واستبعادهم من العمل بالمقابر، بعد نقلهم جثمان متوفي دون إجراءات قانونية، إلا أننا فوجئنا بعودتهم لعملهم بالمخالفة لقرار المحكمة. ولفت إلى أن الجمعية لديها أكثر من 100 مدفن خاصة بالصدقة والمجهولين وضحايا الحرب، بخلاف المقابر الأخرى التي يتبرع بها الأهالي. فيما قال مصدر مسؤول بحي الزهور، إن اللواء مصطفى كامل، المحافظ الأسبق، طرح عام 2005، 3001 مقبرة جديدة بجوار عزبة أبو عوف بمبلغ 2400 جنيه، وتبع ذلك طرح دفعة ثانية كانت 850 مقبرة بمبلغ 4400 جنيه للمواطنين. وأضاف المصدر أن تجاوزات صارخة حدثت خاصة بالمقابر القديمة بشارع 23 يوليو، وتم غلق شارع بالكامل لإنشاء نحو 30 مقبرة جديدة دون علم الحي ودون تراخيص، كما تم الاستيلاء على المقابر القديمة والمتهالكة، وسبق منذ عدة سنوات أن طالبوا بإعادة ترسيم المقابر وتسجيلها في دفاتر بشكل رسمي لمنع أي تجاوزات، وبيان كيفية المعاملة المالية للمقابر غير المرخصة، خاصة بعد دفن موتى بها.