حصلت "التحرير" على النص الكامل لكلمة المستشار محمد شيرين فهمى، رئيس محكمة جنايات القاهرة، قبل إصداره الحكم فى قضية "مذبحة كرداسة"، استهلها بتلاوة الآية القرآنية الكريمة " ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها، وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً"، فيما شهدت المحكمة صراخ وعويل بعد الحكم بإعدام 20 متهماً، والمؤبد ل 20 آخرين. وأضاف القاضى فى كلمته: "نحن بصدد جريمة بشعة نكراء تقف العبارات الحائرة وتتطاير الأقلام عن الإحاطة بوصفها، فهى أنفس متعطشة للدماء بغدر وحقد، أناس يحملون قلوباً تزهق أرواح الأبرياء، بكل وحشية وغلظة، ارتكبوا جريمتهم فى غاية البشاعة التى تضيق بسببها صدور ذوى المروءة والشهامة، وورطوا أنفسهم فى موبقات مهلكة وقتلوا الأبرياء. وأضافت المحكمة فى كلمتها: "أثار البعض الفتن بدعوى أن الشرطة قتلت الكثيرين خلال أحداث الفض، وهبوا للانتقام ممن قام به أو شارك فيه، جمعتهم العداوة والبغضاء تجاه رجال الشرطة، وأطلقوا عبر مكبرات الصوت دعولت للجهاد، فيما احتشد المتهمون فى تجمهر غير مشروع مؤلف من عشرة آلاف بمنطقتى كرداسة وناهيا، بدعوى أنه جهاد وتجمعوا أمام المركز لاقتحام وقتل رجال الشرطة ومهاجمتهم، واستخدموا أسلحة نارية مختلفة الأنواع وعبوات حارقة وأسلحة تستخدم فى الاعتداء على الأشخاص والممتلكات. تابعت المحكمة: ولأن الانتقام كان للمتجمهرين دافعاً والثأر هدفهم ومآربهم، لنشر الفوضى وتجمعت منهم مجموعات مسلحة لمحاصرة مركز كرداسة، واعتلى عدد منهم أسطح العمارات المحيطة بالمركز، وتحركوا تجاهه حتى يتمكنوا من دخوله عنوة للقيام بجريمتهم، ووقعت الجرائم وأطلقوا وابلاً من الأعيرة النارية تجاه رجال الشرطة، التى حاولت تفريقهم إلا أن المتجمهرين رفضوا التوقف وتعالت هتافاتهم تجاه رجال الشرطة، أشعلوا النيران بمبنى المركز وحطموه، ولم تفلح محاولات رجال الشرطة فى الزود عن أنفسهم. لفتت رئيس المحكمة فى كلمته المعبرة التى لخصت جريمة المتهمين: "قام المتهمين بسحب أحد المجنى عليهم وضربه بسيخ حديدي، ثم قطعوا شريانه وجابوا به البلدة بسيارة نصف نقل، حتى فارق الحياة متفاخرين بفعلتهم الخسيسة. علقت المحكمة موضحة: "هؤلاء المتهمون يدعون الرحمة وهم فاقدوها، يختلقون الأعذار للقتل والخراب والتدمير، ومن الرحمة بالبشرية ردع أولئك المتهمين، فالشدة هى الرحمة مع المتهمين، فقد قامت المحكمة على مدار 50 جلسة بالبحث عن الحقيقة من خلال محاكمة منصفة عادلة تحققت فيها كافة سبل الحقوق والحريات. واختتم القاضى: "استمعت المحكمة لجميع شهود الإثبات التى قدمتها النيابة، والذين بلغوا 92 شاهداً، بخلاف شهود النفى الذين جلبهم الدفاع، وناظرت المحكمة المقاطع المرئية للأحداث، وأتاحت للمتهمين كل الفرص الممكنة، لإظهار برائتهم، وبلغ عدد صفحات محاضر الجلسات 800 ورقة، وبلغت أوراق القضية 10 آلاف ورقة، فندتها المحكمة وطالعتها دون كلل أو ملل، وصولاً للحقيقة حتى استقر فى يقين المحكمة ما ستصدره من أحكام، واطمأنت لشهود القضية، وتضمنت حيثيات الحكم ألفي صفحة". فيما تباينت ردود فعل المتهمين، عقب الحكم الصادر بحقهم فى قضية مذبحة كرداسة، فبمجرد أن نطق المستشار محمد شيرين فهمى، رئيس محكمة جنايات القاهرة، بحكم الإعدام تجاه 20 منهم، حتى صاح أحدهم من داخل القفص الزجاجى "حسبى الله ونعم الوكيل فيك"، وكررها ثلاث مرات، فلم يبال المستشار محمد شيرين فهمى، المعروف بحزمه وحسن إدارته للجلسات بصياح المتهم وواصل قراءة منطوق حكمه الذى استغرق نحو نصف ساعة كاملة. فيما تبادل المتهمون الحاصلون على أحكام البراءة التهانى فيما بينهم، وعانقوا أنفسهم داخل القفص، وهتفوا " الله أكبر الله أكبر". وبمجرد انتهاء منطوق حكم المحكمة، حرصت قيادات الأمن المتواجدة بالمحكمة وعلى رأسهم مساعد مدير أمن القاهرة ومدير قطاع الجنوب، على إخلاء القاعة من المحامين والصحفيين، ليتمكنوا من ترحيل المتهمين إلى مقر محبسهم بسجن طرة.