كتب- أحمد مطاوع يبدو أن المسلمين في أوروبا تنتظرهم أيامًا دموية ستقبل عليهم دون هوادة، وأن مزيدًا من الأبرياء سيدفعون ضريبة الإرهاب الذي تتجرعه أوروبا، وزادت شراسته في آخر عامين، على أيدي تنظيمات إرهابية تستهداف الآمنين دون رادع إنساني أو ديني، لكن هذه المرة ستكون الآية معكوسة بين ضحايا ليس ذنبهم إلا أنهم ينتمون للإسلام، ومتطرفون قادهم جنون الدماء نحو انتقام ظالم. دماء المصلين تسيل تحت الضباب ليلة دامية عاشها مسلمو لندن، نالت فيها رائحة الدماء المغدورة من نقاء الأنفاس المتطهرة بروحانيات صلاة التراويح، إذ تفاجأ المصلون بعد انتصاف الليل، بشاحنة صغيرة "فان" تتخلى عن طريق سيرها فوق الأرض، بالصعود على الرصيف بالقرب من مسجد فينسبري بارك شمال لندن، وتتحرك ناحيتهم بجنون، تدهسهم دون رحمة، ليسقط شخصُا وحيدًا متوفيًا ويصاب 12 آخرين. وبحسب شهود عيان والشرطة، أن الشاحنة التي هاجمت المسلمين كان يقودها ثلاثة أشخاص "بيض" بريطانيين، وتم توقيف أحدهم من جانب المصلين وهو السائق، 48 عامًا، واعتقلته الشرطة، فيما فر اثنان آخران من مكان الحادث، وانتشر في محيط الحادث عددًا من عناصر مكافحة الإرهاب المسلحين، كما طوقت أجهزة الأمن محيط المسجد ومحطة مترو الأنفاق القريبة منه، وحلقت طائرة هيليكوبتر تابعة للشرطة فوقهم. ردود أفعال.. أين الإعلام الغربي؟ سادت مواقع التواصل الاجتماعي في البلدان العربية والإسلامية، حالة من الاستياء الشديد، متسائلين عن سبب تأخر الإعلام البريطاني والغربي في تغطية الحادث ومتابعته لحظة بلحظة على غرار الحوادث الإرهابية الأخرى التي شهدتها بريطانيا في الشهور الأخيرة وغيرها من البلدان الأوروبية وأمريكا، وكذلك طريقة التغطية ورفضها التلميح أو الإشارة إلى كون الحادث إرهابيًا. تساؤلات عربية قال الدكتور عبد الله الشايجي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت، "إن الجاني الذي صدم المصلين رجل أبيض، هل سيصفون الحادث بعمل إرهابي؟!" وأكمل تساؤلاته: "أم أنه مختل عقليًا؟ إنها الكراهية للإسلام (الإسلاموفوبيا) التي يجب أن تدان كما تدان العمليات الإرهابية جميعها". الحادث متعمد ودعا مجلس مسلمي بريطانيا، إلى تعزيز حماية المساجد، مؤكدًا أن منفذ عملية الدهس كان "متعمدًا"، وأن الحادث هو أحد المظاهر العنيفة للإسلاموفوبيا، وأعنف مظاهر رهاب الإسلام في بريطانيا في الأشهر الأخيرة. هجوم إرهابي محتمل قالت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، إن مشاعرها مع جميع المصابين، واصفة الحادث بأنه "رهيب ومروع"، مؤكدة أن الشرطة تتعامل معه ك"هجوم إرهابي محتمل"، وأنها ستتولى رئاسة اجتماع طارئ في وقت لاحق صباح اليوم، بحسب رويترز. فيما أعرب زعيم حزب العمال البريطاني المعارض، جيريمي كوربين، عن صدمته الشديدة جراء حادثة الدهس. الكراهية.. مؤشر الانتقام رغم تسارع المسلمون في بريطانيا إلى إدانة الاعتداءات الإرهابية، معتبرين أنها تستهدف المجتمع كله وهم ضمنه، لكن الإدانة لم تكن شفيعة عند بعض البريطانيين. أرقام رسمية أشارت إحصائية رسمية، أصدرتها بلدية لندن، زيادة الجرائم التي تستهدف المسلمين في العاصمة البريطانية، 5 أضعاف، منذ اعتداء جسر لندن في 3 يونيو الجاري، وذكر البيان الصادر عن مكتب رئيس البلدية، أن "الاحصائيات المؤقتة في 6 يونيو تظهر ارتفاعا بنسبة 40% في الحوادث العنصرية، بالمقارنة مع المعدل اليومي لهذا العام، حيث أظهرت الأرقام ارتفاعًا في الجرائم اليومية ضد المسلمين، وهذا يعتبر أعلى معدل لحوادث الإسلاموفوبيا في سنة 2017، بعد هجمات نوفمبر 2015 في باريس حيث قتل 130 شخصًا". تحذيرات حكومية حذر رئيس بلدية لندن صادق خان، قبل أيام، من أن الشرطة لن تتسامح تجاه هذا النوع من الجرائم، مضيفًا أنها ستفعل كل ما هو ممكن لاقتلاع التطرف من المدينة، كذلك سوف تأخذ منهجًا لا تسامح فيه مع جريمة الكراهية. حريق لندن!! شهدت لندن الأسبوع الماضي حادثًا ضخمًا، في بناية يقطنها ما يقرب من 75% من المسلمين، وبلغ عدد القتلى 58 شخصًا، أغلبهم من المسلمين أيضًا، ولا تزال عشرات العائلات تبحث عن أبنائها المفقودين منذ اندلاع الحريق، ما يعني أن أعداد الضحايا مرشحة للارتفاع. ويأتي حادث الدهس، بعد "حريق لندن" بأيام معدودة، ورغم عدم الإشارة إلى شبهة تعمد أو أي شبهة جنائية ورائه -حتى الآن-، إلا أن توقيت الحريق يفتح بابًا للشبهات، حول وجود دافع انتقامي وراء الحريق، خاصة وأن البرج السكني أغلبه مسلمين، وفي ظل ارتفاع مؤشر الكراهية ضد المسلمين في العاصمة البريطانية. قلق قادم المؤشرات السابقة، تنبئ بأن أوضاع المسلمين في بريطانيا وأوروبا أصبحت مقلقة، وأن احتمالات سقوط مزيد من الضحايا خلال الفترة القادمة، ليست بعيدة. 2017.. عام الرعب في لندن يعتبر عام ٢٠١٧ هو الأسوأ من حيث الاعتداءات الإرهابية فى بريطانيا، منذ صيف عام ٢٠٠٥ الذى سجل أسوأ هجمات إرهابية تعرضت لها في تاريخها. وعاشت بريطانيا خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة رعبًا حقيقيًا بعد أن تعرضت لستة أعمال إرهابية، أبرزها في 3 يونيو، إذ قتل 8 أشخاص وأصيب 50 آخرون، عندما دهس متشددون المارة على جسر لندن وطعنوا أشخاصًا في مطاعم وحانات مجاورة. وفي 22 مارس، دهس رجل يقود سيارة مستأجرة المارة على جسر وستمنستر في لندن وقتل شرطيًا طعنًا قبل أن تقتله الشرطة بالرصاص، وقتل في هذا الهجوم 5 أشخاص. وفي 22 مايو، قتل انتحاري 22 شخصًا في حفل لمغنية البوب الأمريكية أريانا جراندي في مانشستر بشمال إنجلترا.