لطالما عُرف عن قطر أنها وسيطًا دبلوماسيًا بين بعض الدول والجماعات المتطرفة عالميًا، إلا أنها وبعد مقاطعة الدول الخليجية والإفريقية لها، قررت الانتقام، وأعلنت تخفيض بعثاتها لدى دول انتهجت ذات القرار العربي، لكن ما أثار دهشة الجميع هو انسحاب القوات القطرية من الحدود بين الجارتين الإفريقتين جيبوتي وإريتريا. الفراغ الذي تركه الجيش القطري في تأمين الحدود بين البلدين المتنازعين، أصبح اليوم يهدد الاستقرار والسلم الإفريقي، خاصة وأن الدوحة أخطرت الأممالمتحدة بعد الانسحاب، الأمر الذي يترًك فراغًا دبلوماسيًا كبيرًا، رغم استقرار الوضع منذ 2008. القرار القطري، يضع علامات استفهام حول أهمية الدوحة كلاعب رئيسي في المجتمع الدولي؟!. "مصدر" في وزارة الخارجية القطرية، أكد أن قطر لا تزال وسيطا دبلوماسيا نزيهًا في حل الأزمات والخلافات بين الدول الشقيقة والصديقة وستستمر كلاعب رئيسي. إلا أن إنهاء الوسطة بين جيبوتي وإريتريا، خلّف فراغًا كبيرًا، نظرًا أن الأممالمتحدة لم تعين أي قوات بديلة، حتى الآن، ما يهدد السلام والاستقرار الإفريقي، ما يدفعنا إلى تساؤل - هل قطر تعتبر لاعبًا رئيسيًا في المجتمع الدولي، لا يمكن الاستغناء عنه؟ خبراء ومحللون يرون أن سحب القوات القطرية من الشريط الحدودي بين جيبوتي وإريتريا سيخلق أزمة دبلوماسية بين البلدين المتنازعين، نظرًا أن الدوحة أسهمت في النزاع الحدودي بين البلدين منذ 2008. بل ونجحت الدوحة أيضًا بإقناع الطرفين بتوقيع اتفاقية سلام في 2010 بالدوحة، وبموجب ذلك عكفت قطر على نشر قواتها قرب الحدود للحفاظ على الاستقرار، ونزع فتيل الأزمة خشية وقوع صدامات. ورغم أن الحكومة الجيبوتية فوجئت بقرار قطر، إلا أنها لم تتدارك موقفها تجاه الأزمة الخليجية، وسارعت إلى تخفيض بعثاتها الدبلوماسية في الدوحة 7يونيو، تضامنًا مع الدول العربية، غير مدركة أن القرار قد ينقلب عليها نظرًا لعد استجابة الأممالمتحدة أو الاتحاد الإفريقي لقرار الدوحة بسحب القوات الفاصلة، وينذر بزعزعة الاستقرار في القارة السمراء. وتشهد منطقة الخليج توترًا داخليًا كبيرًا، جراء قطع كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وثماني دول أخرى، العلاقات الدبلوماسية مع قطر ووقف الحركة البحرية والبرية والجوية معها، في أسوأ أزمة دبلوماسية يشهدها الخليج. لكن الكويت وسلطنة عمان، والمغرب، كونا فريقًا واحدًا في ظل تلك الأزمة، واتخذا موقف الحياد، في محاولة منهم لرأب الصدع وتخفيف التوتر. وعلى الرغم من الانتقادات الموجهة لقطر جراء دعمها للإرهاب، إلا أنها شاركت في جولات المفاوضات بين الحوثيين ونظام الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، لكنها لم تحقق نجاحَا ملموسًا، وتسبب في تفاقم الأوضاع. واستمرت قطر على نهجها في لعب دور الوسيط بين الكيانات الإرهابية، وشاركت في العديد من المهام خارج حدودها، ونجحت في مباحثاتها، إلا أن دورها تراجع في اليمن بعد انطلاق عاصفة الحزم في مارس 2015 وتشكيل التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية ضد الحوثيين الحليف الرئيسي لقطر. لتعود الأزمة وتتفجر مجددًا بين السعودية وقطر، لتعلن الدوحة انسحاب قواتها من كامل الأراضي اليمنية، وترك الأمر لقوات التحالف برعاية السعودية. لم تكتفي الدوحة بذلك، بل استخدمت إعلامها لنزع فتيل الأزمة بين الشرعية اليمنية وبعض القوى على الأرض لاسيما في المناطق المحررة، بل ووقفت مع الإخوان لخلق عداء مع الرئيس اليمني عبد ربه منصور. وأيضًا أمرت الإخوان بتوفير الدعم لتنظيمات مصنفة دوليًا إرهابية حسب تصريحات رسمية لوزارة الخارجية السعودية، وذلك كناية في الرياض وعمليات عاصفة الحزم ضدهم.. ما يطرح تساؤلًا هامًا، هل يمكن للدوحة أن تؤثر على المجتمع الدولي؟