كمال مغيث: التشويش لن يمنع الغش في لجان «أولاد المحاسيب» .. والامتحانات في مصر «ملهاش معنى» بعد أن رفض الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات التشويش على الهواتف المحمولة الخاصة بالطلبة داخل لجان الامتحانات، بدافع عدم مشروعية ذلك، لجأت وزارة التربية والتعليم في توقيع عقوبات رادعة على الطلبة المخالفين. ووفقًا لمصادر بالتعليم، فإن الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات أعلن عدم إمكانية التشويش على لجان امتحانات الثانوية العامة، مما دفع وزارة التربية والتعليم للإعلان عن توقيع عقوبة رادعة على الطلبة في حالة استخدام الهواتف المحمولة. وأوضحت المصادر أنه في حالة قيام الطالب باستخدام الهاتف المحمول في تصوير ورقة الأسئلة يحرم من الامتحان وتلغى امتحاناته في جميع المواد الدراسية، شأنه في ذلك شأن استخدام أية وسائل إلكترونية أخرى في تسهيل عمليات الغش، كأن يتم استخدام السماعات وغيرها، بينما يتم حرمان الطالب من الامتحان في المادة فقط وإلغائها في حالة ضبط الهاتف المحمول بحوزته دون استخدامه . وحددت وزارة التربية والتعليم في وقت سابق، الحالات التي يحرم الطالب فيها من الامتحان مع إلغاء امتحانه في جميع المواد الدراسية وهي حيازة الهاتف المحمول واستخدامه في تصوير ورقة الأسئلة أو استخدام أي وسيلة إلكترونية أخرى كأن يتم استخدام السماعات، أو قيامه بمحاولات نشر وإذاعة الأسئلة وإجاباتها أثناء الامتحانات، أو يقوم الطالب بالغش أو الاستفادة منه من خلال المساعدة بأي وسيلة، كما يلغى امتحان الطالب في حالة مساعدة الغير بأداء الامتحان بدلا منه، وفي حالة ارتكاب أية أعمال تخل بسير الامتحانات، وفي حالة قيامه أيضًا بإخفاء كراسة الإجابة الخاصة به أو الهروب بها، أو ارتكاب أعمال شغب داخل اللجنة بما يؤثر على سير الامتحانات . وعن الحالات التي يحرم فيها الطالب من المادة ويلغى امتحانه بها فقط دون بقية المواد، أعلنت الوزارة أنه من موجبات ذلك حيازة الطالب للهاتف المحمول دون استخدامه، أو حضوره إلى مقر لجنته متأخرًا، وفى حالة رفضه التفتيش أثناء دخول اللجنة أو الاعتداء على أحد المراقبين ومسئولي اللجنة، وفي حالة قيامه بتمزيق ورقة الإجابة خاصته أو محاولة الخروج بها من اللجنة، أو كتابة أي عبارات مميزة تكشف عن هويته في ورقة الإجابة، أو الخروج عن السياق المألوف في الإجابة كأن يتطرق للحديث عن موضوعات سياسية أو دينية أو حزبية . من جهته، رفض الدكتور كمال مغيث، الكاتب والباحث التربوي، التعليق على عملية التشويش من الناحية القانونية، وترك ذلك لخبراء القانون، إلا أنه عاد وأكد على رؤيته لها على أنها تعد جريمة، إذ أن التعاقد مع شركات المحمول يكون على أساس اتصال الخدمة طوال الوقت دون انقطاع، ولعل خير دليل على ذلك الاعتداد بها كواحدة من الجرائم التي حوكم بسببها مبارك ونظيف والعادلي للتشويش على هواتف الثوار بميدان التحرير، لافتًا إلى أن التشويش لا يختار المدارس البالغ عددها نحو 5 آلاف مدرسة تؤدي بها الامتحانات، وتقع في نطاق سكني إلى جوار المستشفيات والمنازل، الأمر الذي يجعل عملية التشويش على الهواتف المحمولة أمرًا صعبًا حفظًا لحقوق الأهالي من جيران ذلك التشويش. وقال مغيث ل "التحرير" إن تسريب الامتحانات للأسف الشديد تحدث في مصر منذ 4 سنوات فشلت خلالها الدولة "بجلالة قدرها" بكل جهاتها في منع تلك التسريبات، وبدلا من أن تحاول الدولة الوصول لحلول حقيقية وجذرية لعلاج المشكلة فإنها تلجأ لأساليب التهديد والترهيب، على حد تعبيره، إذ قام مجلس النواب قبل عدة أشهر بمناقشة تغليظ العقوبات على المشاركين في تسريب الامتحانات، والتي تصل في حالة الكبار إلى السجن أو فرض 100 ألف جنيه حد أدنى و200 ألف جنيه حد أقصى كغرامة، وتصل في حالة تورط الطالب إلى الفصل من التعليم. مشيرًا إلى أنه لا يعلم إن كان ذلك قد تم تفعيله، لكنه يثبت أن الدولة لا تفكر في حل جذري لقضية الامتحانات التي أصبحت في مصر "كلام ملوش معنى" . وأضاف أن الامتحان بات بعيدًا عن قياس قدرات الطالب الحقيقية ولا كم المعلومات التي حصلها، الأمر الذي حول العملية التعليمية إلى مراكز الدروس الخصوصية وبالتالي فإن ذلك يحتم على الدولة أن تعالج المشكلة من جذورها. وأشار مغيث إلى أنه "في كل الحالات ماعندناش ما يؤكد بنسبة كبيرة أن الامتحان مش هيتسرب"، لافتا إلى أن عضو فاسد كفيل بتسريب الامتحان من خلال تأمين الطلبة في لجانهم لالتقاط صورة سريعة لورقة الأسئلة وإرسالها، ولن تستغرق العملية أكثر من دقيقة. وأوضح مغيث أن إصلاح نظام التعليم من الأساس هو الحل، إذ أن الجزء الأساسي من المشكلة أن يتم تقييم الطالب في الوقت الأخير بعد نهاية العام الدراسي، وهو ما يفتح الباب أمام الجميع للاحتشاد من أجل الغش، في الوقت الذي نجد فيه نظم التعليم الحديثة تعتمد على أن التقييم عملية تعليمية تتم أثناء العام الدراسي، وتكون في يد المعلم الذي يمكنه امتحان الطلبة شفويًا مقابل درجات، أو مطالبتهم ببتنظيم مناظرات أو كتابة مقالات فضلا عن مراجعة كراسة الواجبات ويكون كل هذا مقابل درجات يحصدها الطالب على مدارا لعام الدراسي، ولكن يتطلب لتنفيذ ذلك تطوير طرق التدريس والمناهج وأهداف العملية التعليمية بجانب تطوير المعلمين أنفسهم بما يجعلهم راضين عن مهنتهم دون النظر إلى أنها مصدر للدخل فقط . واختتم مغيث تصريحاته بأنه لا يعلم إذا كان هناك قانون يمكن أن تستند إليه الدولة فى طلب التشويش والاستئذان من الجهات القضائية لتنفيذ ذلك، لكنها كطريقة لن تؤتي ثمارها، إذ أنه في حالة منع تصوير أوراق الأسئلة داخل اللجان فإن ذلك لن يمنع الغش في لجان "أولاد المحاسيب"، ولن تمنع الميكروفونات التي تثبت على الأشجار أمام المدارس لإذاعة الأسئلة والإجابات، ولن تمنع الطالب الذي يلقى بورقة الأسئلة من نافذة المدرسة إلى الشارع ليأتيه بعد وقت بسيط عامل المدرسة بالإجابة، وبالتالى ليس أمام الدولة سوى تطوير الامتحان من خلال تطوير العملية التعليمية.