محمد الجندى: الحكم واجب النفاذ.. ووزير الداخلية المسؤول ومعرض لتهمة الامتناع عن تنفيذ حكم قضائي طالبت المهندسة هبة سعيد، شقيقة الشاب سعد سعيد، الذي لقي مصرعه جراء التعدي عليه بالضرب، والتعذيب داخل قسم شرطة الجيزة قبل نحو 4 سنوات، بتنفيذ حكم محكمة الجنايات، الصادر يوم 22 مارس الجاري، وهو حكم واجب النفاذ بالسجن سنة لنائب مأمور القسم، وخمس سنوات لضابط معاون مباحث بالقسم، والسجن 3 سنوات لأربع أمناء شرطة. وقالت «هبة» ل«التحرير» إن حكم الجنايات واجب النفاذ، حتى إذا استأنف المتهمون على الحكم، فإنه يجب أن يكونوا محبوسين، حتى تصدر محكمة النقض قرارها، بقبول الاستئناف وإعادة المحاكمة من عدمه. وأوضحت شقيقة المجنى عليه: أن الضباط المتهمين تم إخلاء سبيلهم على ذمة القضية بضمان وظيفتهم، كضباط وأمناء شرطة فى وزارة الداخلية، بينما الآن وقت تنفيذ الحكم "لا حس ولا خبر ولا كأن الداخلية تعرف عنهم شيء" -على حد وصفها-، مؤكدة عدم اقتناعها بحجة أنهم هربوا بعد الحكم ولم تتمكن الأجهزة الأمنية من القبض عليهم، قائلة: "دول بتوعكوا تحت إيد الوزارة تقدروا تجيبوهم وتحبسوهم فى أي وقت، وملزمين بفعل ذلك مع أى مجرم آخر، ومن باب أدعى أن تنفذوا الحكم على من هم منكم". وكشفت "هبة" عن أن وسيط عن الضباط تواصل مع أسرتها، محاولة لطالب التصالح مقابل دية أو ما يرتأونه لكن الأسرة رفضت بكل تأكيد، وتابعت: "لو كنا عايزين نتصالح كنا اتصالحنا من زمان، وموجعناش قلبنا سعى فى النيابات والمحاكمة 4 سنوات علشان حق أخويا، والقضية تتحفظ ونستأنف ونحارب علشان حقه، وسنوات طويلة عشناها فى خوف وقهر وموت والدى كمدًا بعد فترة وجيزة من سماع مرافعات دفاع المتهمين وخوفه من أن يضيع حديثهم حق سعيد رحمه الله. وتضيف: "الحكم ليس قاسى، فهم لم يحكم عليهم بالإعدام أو السجن المؤبد جراء الروح التى أزهقوها، لكن حكم عليهم بسنوات معدودة من السجن، ونحن راضون بذلك، لأن هذا هو حكم القانون، فكيف يستكثرون علينا الحق فى رؤيتهم يحاسبون على ما اقترفوه من ضبط أخى من على باب شقتنا دون ذنب أو إذن من النيابة العامة لمجرد وجود مشاجرة في الشارع بين طرفين آخرين لا صلة لنا بهم، علاوة على سحله وتعذيبه، والزيادة فى التنكيل والتعذيب عليه بعدما اشتكاهم فى النيابة العامة، ورفضهم تنفيذ قرار النيابة العامة بتحويله للكشف الطبى "علشان يسيبوه يموت" وهو ما أمرت المحكمة بفتح تحقيق منفصل فيه بعد حكمها فى القضية. وتتابع: "الله أعلم كانوا هيعملوا فيه إيه ولا يبفكروا فى ايه يتخلصول به من الجثة، فزوج شقيقتى وهو محامى ذهب إليه فى قسم الشرطة، ووجده ميتًا وقد جردوه من ملابسه المدممة وأخذوا كافة متعلقاته حتى دبلة خطوبته، وحينما شاهده بذلك الوضع وقد فارق الحياة عاد إلى بيته وأخذ "ترنج" ليلبسه إلى جثة أخى، وبعد كل دا ميتحبسوش وعايزين تصالح. "إحنا مش مسامحيين فى حق أخويا وأبويا اللى مات قهرًا عليه، وفلوس الدنيا مش هتعوضنا عنهم، فخلال القضية عرضوا علينا 3 ملايين جنيه للتصالح، والأن يطلبون التصالح بأي مقابل نريده، لكننا أبدًا لن نفرط فى دم أخينا الوحيد وقهرنا عليه قبل أسابيع معدودة من عقد قرانة، وكانت شقته جاهزة، وأعد وخطيبته صور كتب الكتاب واتخذنا الترتيبات اللازمة للعرس، ولن نسامحهم أبدًا حتى فى محكمة الآخرة، لنشاهد جزائهم فى الدنيا بحكم القانون وننتظر جرائهم فى دار الحساب أيضًا. وناشدت شقيقة المجنى عليه بالقبض على الضابطين وأمناء الشرطة المتهمين، باعتبارهم مجرمين مطلوبين للعدالة وتنفيذ أحكام القضاء، علاوة على أن عملهم بوزارة الداخلية كان شفيعًا لإخلاء سبيلهم، فينبغى أن يكون هناك إلزامًا لتلك الجهة الضامنة بتسليمهم للعدالة، بخلاف كون ذلك واجبها المطلق بغض النظر عن كون الجناة ضباط من عدمة.
ومن الناحية القانونية، يوضح الدكتور محمد الجندى، المحامى، أن الذى يملك تنفيذ أحكام القضاء والمسؤل الأول عنها، هو وزير الداخلية، بصفته الرئيس الأعلى لجهاز الشرطة، فضلًا عن أن الضباط المحكوم عليهم، يقعون تحت رئاسته ومن السهل جدًا تنفيذ تلك الأحكام بمجرد مكالمة تليفونية، وأوامر بذلك. وتابع "الجندي" إنه إذ لم يقم وزير الداخلية بتنفيذ أحكام الإدانة ضد أى متهم معلوم له مكان إقامة، فإنه يمكن مساءلته قانونيًا عن الامتناع عن تنفيذ أحكام القضاء والإخلال بعمل من أعمال وظيفته. وقال الجندى إن ما أشار إليه هو قواعد القانون، إلا أن الأمور يجب ألا تؤخذ على ظاهرها، فقد يكون هناك فى بعض الحالات مانع قانونى لتنفيذ الحكم، بكونه غير واجب النفاذ وتمت المعارضة أو الاستئناف عليه أو بإعادة إجراءات المحاكمة بالنسبة لأحكام محكمة الجنايات، وفى هذه الحالة إذا ما أمرت السلطة القضائية بإخلاء سبيل المتهم، وتأخرت إجراءات التقاضى لأى سبب أيًا كان، فإنه فى تلك الحالة لا يُسأل وزير الداخلية، ويجب السعى للحصول على أحكام نهائية واجبة النفاذ لمساءلة وزير الداخلية عن تنفيذ الحكم. وبشأن واقعة تعذيب قسم الجيزة المشار إليها، أوضح دكتور القانون، أن حكم محكمة الجنايات واجب التنفيذ على المتهمين، لأن محاكمتهم أمام الجنايات كانت حضورية، وذلك طالما لم يصدر قرار أو حكم قضائى بإيقاف التنفيذ لحين الفصل فى النقض، مشددًا على أن التقرير بالنقض على الحكم وايداع مذكرات الدفاع بذلك لا يوقف تنفيذ حكم محكمة الجنايات، بل يظل المتهم مطلوب للعدالة لتنفيذ الحكم عليه. كانت الدائرة 15 جنايات الجيزة، أصدرت يوم 22 مارس الجارى، حكمها على ضابطين و4 أمناء شرطة، متهمين بتعذيب المواطن سعد سعيد، حتى الوفاة بقسم الجيزة، بالسجن ما بين سنة واحدة وحتى 5 سنوات. صدر الحكم برئاسة المستشار علاء الدين سليمان شوقي، وعضوية المستشارين أحمد بكري، وأشرف فايز اللمساوي، وأمانة سر هشام حافظ وأحمد الهادي. وعاقبت المحكمة هشام عبد الجواد محمد ربيع، نقيب شرطة ومعاون مباحث قسم الجيزة بالسجن 5 سنوات، وياسر فاروق فتحي عبد المجيد، ٤٣ سنة، مقدم نائب مأمور قسم شرطة الجيزة، سنة، والحبس 3 سنوات لكل من وائل عربي أبو المكارم بيومي، ٣٧ سنة، أيمن أحمد عبد الحفيظ عياد، ٢٩ سنة، وهاني فاروق أبو سريع، ٣٠ سنة، وأشرف عبد النبي محمد، ٣٧ ، جميعهم أمناء شرطة. ونسبت النيابة إلى المتهمين أنهم ضبطوا الشاب سعد سعيد -كان يعمل محاسبًا- دون وجه حق ومارسوا التعذيب بحقه داخل قسم شرطة الجيزة، حتة الوفاة وذلك في عام ٢٠١٢، واستمرت التحقيقات على مدار سنوات وانتهت بالحفظ ثلاث مرات إلى أن تم إحالة المتهمين إلى الجنايات.