صفقة «بوينج» فى الكونجرس.. وقصة تدخين الماريجوانا فى الشوارع الطيران الداخلى فى أمريكا متوسط الخدمة بامتياز، طائرة صغيرة الحجم كراسيها متلاصقة حتى تكاد تجلس على ساق جارك، الممر شديد الضيق يزيد من إحساسك بالاختناق والشعور بأنك راكب خط «جامع عمرو، الهضبة»، ويجعلك تحسب بأن الطائرة لن تتحرك إلا إذا حملت فوق طاقتها، واصطف الزبائن فى الممر محشورين قبل أن يظهر أحدهم ليبيع لعبة لحمادة ومشط لميادة! حتى المضيفات غالبيتهن «كشرات» متجهمات يخاصمن الرشاقة والجمال، ولهذا كان منطقيًّا جدًّا أن تشخط فى واحدة منهن محذرةً إياى من التقاط الصور عبر نافذة الطائرة التى تشبه نوافذ الحمامات البلدى، وكان طبيعيًّا أن أنصاع إلى أمرها خوفًا بعد أن تحولت «الزغرة» إلى «شخطة»، ولم يعد ناقصًا سوى أن تطرق بيدها على جانب الطائرة الأيسر، وهى تصرخ فى قائدها «على جنب يا أسطى.. هانزل الكابتن ده هنا.. مش راضى يدفع النص جنيه اللى عليه»! استقبلنا مطار سياتل على طريقته، رائحة قهوة تنعش الروح، وجو شديد البرودة يجمد روحك نفسها، استلهمت سياتل اسمها من «سيلث» أحد زعماء الهنود الحمر الذى وافق على وضع اسمه على المدينة مقابل 16 ألف دولار عام 1851، تخيل لو أن أحد أجدادنا كان من المهاجرين الأوائل فى أمريكا فى هذا الزمن الذهبى، وعمل نفسه من الهنود الحمر، كان بعضنا ورث أموالًا طائلة، ولكنا وجدنا مدنًا فى أمريكا تحمل اسم «الجعبيرى»، و«أبو دومة»، و«الشكرخوم»، لكن لسوء حظنا ولحسن حظ الأمريكان فإن هذا لم يحدث! كنتُ أعرف سياتل قبل زيارتها من حدثين رئيسيين، الأول عبر فيلم «Sleepless in Seattle»، الذى يلعب فيه توم هانكس دور أرمل، بينما تظهر ميج رايان فى دور امرأة تسمعه على نداء إذاعى فى أحد البرامج، وتقرّر بأنّها يجب أن تقابله، أما الثانى فهو تلك الاحتجاجات الفارقة فى تاريخ التظاهرات العالمية التى ضجت بها المدينة عام 1999، ضد اجتماع لأعضاء منظمة دول التجارة العالمية، هذا حدث تسعينياتى بارز، تجمع فيه نحو 40 ألفًا من مناهضى العولمة من جميع أنحاء العالم فى هذه المدينة الساحلية، لتعطيل عقد اجتماع المنظمة التى ينظرون إليها باعتبارها «جامعة كل شرور رأس المال المتوحش»، الاحتجاجات العنيفة عطلت الاجتماعات بالفعل حينها، واضطر «وحوش رأس المال» إلى نقل الاجتماعات إلى مكان آخر بعد أن تلطخت سمعتهم، عقب أن دخل المحتجون فى اشتباكات عنيفة مع الشرطة الأمريكية استخدمت فيها الأخيرة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطى ردًّا على إغلاق الشوارع وحرق السيارات وإلقاء المولوتوف والحجارة من قبل المتظاهرين، هوليوود جسدت هذه المعركة النادرة فى فيلم عام 2007 بعنوان «Battle in Seattle» «معركة فى سياتل»، لو أردت أن تعرف المزيد من التفاصيل الدرامية. لكن سياتل ليست هذا الوجه فحسب، فالمدينة التى كان أول من استوطنها قاطعو أخشاب الشجر والصيادون كونها تطل على المحيط الهادى، يوجد بها الآن مقرات أكبر الشركات الأمريكية على الإطلاق، أولها عملاق الإنترنت «أمازون»، وثانيها «ستاربكس» عملاق القهوة فى العالم، وثالثها «بوينج» عملاق الطائرات فى العالم، كما يوجد بها منزل «بيل جيتس» مؤسس شركة «مايكروسوفت» عملاق أجهزة الكمبيوتر فى العالم، واضح أننا نضع أقدامنا فى مدينة للعمالقة دون أن ندرى! خارج المطار كان المطر ينهمر بكرم زائد، انتظرنا بضع دقائق، حتى وصل الأوتوبيس الذى سيقلنا إلى الفندق، الأوتوبيس من النوع الذى يظهر فى أفلام السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضى، يليق به تمامًا لفظ «بوسطة» الذى يطلقه اللبنانيون على الباصات، طويل، بوجه كلاسيكى، وكراسٍ حديدية مبطنة بجلد أكل عليه الدهر وشرب ونام وقضى حاجته، وصوت شكمان قادر على إيقاظ الجثامين فى مقابرها. الأوتوبيس لم يكن وحده القادم من الثمانينيات، الطريق من المطار وحتى الفندق كان كذلك تمامًا، موديلات السيارات التى أغلبها أمريكى ثمانينى بامتياز، المبانى الكبيرة المهيبة، ناطحات السحاب الكئيبة، هل كانت كئيبة لأننا رأيناها لأول مرة فى شتاء مسائى؟! الشوارع التى يلمع فيها المطر، وأضواء المحلات الصفراء الهادئة، وحركة البشر التى تتحرك على الأرصفة فى مشهد لا ينقصه سوى خروج سلفستر ستالونى، وهو يقود سيارته بجنون من أحد الشوارع الجانبية هاربًا من العصابة التى تطاردها، وهو يطلق الرصاص بيد، ويمسك مقود السيارة بيد أخرى. The Warwick Hotel الفندق ذاته كان بدوره موديل 1980، ارتفاع خرسانى شاهق، بواجهات زجاجية لامعة، ومدخل كلاسيكى دافئ بفضل المدفأة التى تستحوذ على الجانب الأيمن من مكان الاستقبال. السمة اللافتة هنا بالفندق مرتبطة بكثرة عدد العاملين العرب، المغاربة منهم على وجه الخصوص، لا يوجد تفسير واضح لتدفق العمالة المغربية إلى هنا تحديدًا، الأمر يشبه هجرة المصريين إلى إيطاليا، واحد يجرب المغامرة فتنجح فيغرى ذلك آخرون بالتجربة. يجب علينا أن ننام مبكرًا هذا المساء لأننا فى الغد سنذهب فى الثامنة صباحًا إلى مدينة «أوليمبيا» عاصمة الولاية، حيث ينتظرنا يوم طويل فى الكونجرس الخاص بالولاية. لكن من هذا الذى يأتى إلى سياتل أو أى مدينة أمريكية أخرى ويقرر النوم كطفل وديع دون أن يكتشف الشوارع والأماكن التى قد لا يزورها لاحقًا؟ لكن الجو شديد البرودة فعلًا، بجانب أن زخات المطر لا تتوقف أساسًا، هذا يضفى أجواءً أكثر لطفًا، «مطر فى سياتل» يصلح عنوانًا لفيلم جديد يجمع بين توم هانكس وميج رايان، نبدأ التحرك فى مجموعة كبيرة فى الشوارع المحيطة بالفندق، نعرف أن المحيط الهادى على بعد «فركة كعب» من هنا، عشر دقائق تقريبًا سيرًا على الأقدام. إلى المحيط يا شباب. فى الطريق إلى المحيط كنا «نتكتك» عمليًّا من البرد ومن الوحدة، شوارع سياتل شبه خالية من البشر والسيارات، محلات قليلة التى لا تزال تعمل حتى الآن رغم أن الوقت بلغ التاسعة مساءً بالكاد، سنعرف أن هذا طابع المدينة التى ينام أهلها مبكرًا باستثناء البارات وأماكن السهر الليلى طبعًا، فى يوم آخر ستأخذنا أقدامنا إلى أحد الشوارع التى تمتلئ بمثل هذه الحانات، وستكون الأجواء مجنونة وصاخبة للغاية فى الشارع حضرتك فماذا عن الداخل، سيدات ورجال سكارى يترنحون ويغنون وبعضهم يغنى سعيدًا ومنتشيًّا غير مبالٍ بأنه يسير حافيًّا ويدوس بقدميه فى برك مياه الأمطار، هناك خناقات بين رجال سود البشرة تندلع وتهدأ فجأة، صوت الموسيقى القادم من الداخل يوحى بأنهم يتصارعون رقصًا، أجواء قد تبدو تقليدية لأهل البلدة، لكنها قد تثير القلق فى نفوس الزائرين رغم وجود سيارات شرطة منتشرة فى الشوارع، وأصحابها متحفزون للتدخل فور حدوث أى خروج زائد على النص. ظهرت ملامح المحيط من أعلى ونحن نهبط عبر أحد الشوارع المؤدية إليه، كثير من شوارع سياتل المؤدية إلى المحيط الهادئ تشبه شوارع الإسكندرية المطلة على البحر، منحدرة بزاوية 45 درجة، قد تزيد فى بعض الأحيان وتكاد تصبح زاوية قائمة، كنا نتدحرج فى الطريق للمحيط متسائلًا عن قوة أعصاب سائقى السيارات هنا الذين يتزحلقون كل يوم فى هذه الشوارع دون أن تنقلب بها السيارة رأسًا على عقب. مررنا على سوق سمك ساكنة وخاوية، كأن عاصفة مرت من هنا فاقتلعت الجميع من أماكنهم، عرفنا أن السوق تغلق أبوابها فى السابعة مساءً، لكن رائحة السمك العالقة فى المكان تؤكد جودة مذاق سمك المحيط. عندما وصلنا إلى «كورنيش المحيط»، كدنا نتجمد من البرد، الهواء شديد يكاد ينتزعنا من أماكننا، ورزاز المطر يخترق الوجه، والبشر المجانين غيرنا هنا قلائل، والمحيط مخيف بهدير أمواجه وسواد لا يكسره سوى أضواء قادمة من بعيد، لكن الأجواء كانت تستحق، لمحت على بعد 500 متر، ساقية كبيرة من تلك الموجودة فى مدن الملاهى، كانت مضيئة بلون أبيض وأزرق، وأطرافها على المحيط مباشرة، عرفنا أنها إحدى أشهر معالم سياتل، قلت للزملاء «موجودة دى عندنا فى دريم بارك.. لكن الصراحة الشعور بأنك تركب المحيط فى ساقية قلابة أسطورى»، اتفقنا على أن نجربها فى طقس أهدأ إذا سمحت الظروف بذلك، لأن الصعود إليها الآن وهى كانت متوقفة بالأساس، يعنى تجمد الدم فى عروقنا فعلا بردًا وخوفًا. فى طريق العودة، مال على زميلنا جاد اللبنانى قائلًا «أول مرة منذ وصولنا إلى أمريكا أشعر ب(homeless)»، جاد مجنون سفر لكنى تفهمت ما قاله، سياتل استقبلتنا استقبالًا عنيفًا نوعًا ما، جعل البعض يشعر بالحنين إلى دفء وطنه، برد ومطر وشوارع مظلمة ومحلات مغلقة وسيارات تسعينية، النقلة من تشابل هيل الريفية الطيبة الحنونة كانت شديدة بعض الشىء. اشترينا عشاءً من محل مقابل للفندق، أحد الاستثناءات التى تعمل فى المدينة 24 ساعة، الخارجية الأمريكية توفر لنا الإقامة والإفطار والواى فاى فى الفندق فحسب، بعد ذلك عليك أن تتعامل مع نفسك، برنامج الغد يتضمن غذاءً مع سيناتور بكونجرس ولاية واشنطن، نام بعضنا يحلم بغذاء أسطورى، مثلما يحدث عندما يعزمك عضو مجلس شعب كده فى عزبته، وتاه عن ذهننا أننا فى أمريكا. المسافة من سياتل إلى أوليمبيا استغرقت نحو ساعة وربع، ثمة بطء كان ملحوظًا فى سرعة الأوتوبيس بسبب المطر الذى لا يزال متمسكًا بالاحتفاء بنا، لكن أوليمبيا غيّر فعلا، فيها ملامح من أناقة واشنطن العاصمة ويغلفها وقار ورسمية يليقان بعاصمة ولاية، لم يكن أمامنا وقت للتجول فى شوارعها، توجهنا رأسًا إلى مقر الكونجرس الخاص بولاية واشنطن، الكونجرس فى هذا التوقيت «نوفمبر 2013» كان فى عطلة سنوية، لكن جرى استدعاء نوابه هذا اليوم تحديدا بطلب من حاكم الولاية لتمرير قانون شديد الأهمية يتعلق باستثمارات شركة بوينج فى الولاية، وخلف ذلك كانت هناك قصة مثيرة. مصانع بوينج، أكبر مصنع للطائرات فى العالم، موجودة فى سياتل رغم أن الإدارة فى شيكاجو، فى هذا الشهر، وصل الخلاف بين الشركة وولاية واشنطن إلى أقصاه، شركة الطيران تريد مزيدًا من الإعفاء الضريبى، والولاية فعلت ذلك من قبل أكثر من مرة آخرها قبل عشر سنوات، وكان حينها هو الإعفاء الضريبى الأكبر فى تاريخ الولاية، ومع ذلك فإن بوينج لا تشبع وتريد المزيد، بل وتريد إنهاء هذا الجدل قبل أن تشارك فى معرض دبى للطيران، الذى ستعلن فيه عن أكبر صفقة لشراء الطيران فى التاريخ لصالح طيران الإمارات، الذى سيشترى 150 طائرة بوينج بقيمة 956 مليار دولار، مما دفع شركة الطيران الكبرى فى العالم، لأن تلجأ إلى سلاحها الأخير «حسنًا إذا لم تتم الموافقة على إعفاء ضريبى جديد، سننقل مصانعنا إلى خارج الولاية»، هنا وجد كونجرس الولاية مضطرًا ليس فقط للاجتماع والمناقشة فى غير الموعد المحدد لكن أيضًا للموافقة على طلب بوينج، التى سيمثل خروجها من الولاية ضربة قوية لاقتصادها، وستؤثر على سمعتها بقوة. هذه قصة تظهر بوضوح طبيعة الضغوط التى تمارسها الشركات الأمريكية الكبرى على أهل السياسة فى الولاياتالمتحدة، تسأل أنت عن المنتصر فى المعركة؟ غريب أنت.. بوينج انتصرت طبعًا، وبعدما نجحت فى استدعاء النواب من بيوتهم ومن إجازاتهم أجبرتهم على الموافقة على إعفاء ضريبى جديد لصالحها، من يستطيع تحمل إغلاق مصنع يعمل فيه عشرات الآلاف سيدقون على أبواب حاكم الولاية يطلبون عملًا بعدما «قطع أرزاقهم»؟ لم تكن هذه هى القضية الواحدة التى كان على كونجرس ولاية واشنطن حسمها، فقبل ذلك بأسابيع حسم قضية أخرى لا تقل أهمية، وتتعلق بالسماح بتعاطى الماريجوانا لأسباب ترفيهية لا لأغراض طبية فحسب، أى أن يصبح بيع ذلك المخدر علنًا ولدى محلات مرخصة دون أن يعنى ذلك تدخينها فى الأماكن العامة.. التدخين ممنوع بالأساس فى الأماكن العامة فما بالك بالماريجوانا؟ السيناتور كارين كيسر، وهى عضو بمجلس الشيوخ بولاية واشنطن من 2011، وهى بالأساس صحفية، شرحت لنا قصة «تقنين تعاطى الماريجوانا»، قائلة إن الأمر بدأ مثلما حدث مع الموافقة على زواج المثليين عام 1999، طلب يتقدم به عدد من المواطنين إلى الكونجرس فتتم مناقشته، ثم يعرض على استفتاء شعبى، فإذا حاز الموافقة، يعود ثانية إلى الكونجرس للتصديق عليه، لا صوت هنا يعلو على صوت الشعب، هكذا مر قانون زواج المثليين، وفى عام 2011، مرر استفتاء شعبى مماثل قانون يبيح استخدام الماريجوانا «الاسم الشعبى لها فى مصر والعالم العربى هو الحشيش لو لم تكن أخدت بالك حتى الآن!»، فى العلاج الطبى، ويبدو أن شعب الولاية أعجب بالأمر، فشارك فى استفتاء شعبى جديد للموافقة على بيع الماريجوانا لأسباب ترفيهية فى المحلات، مر الاستفتاء بالموافقة والحمد لله، ولم يعد أمام الكونجرس سوى أن يضع القوانين المنظمة لعملية البيع والشراء، وهكذا أصبح من حق كل مواطن مقيم فى ولاية واشنطن شراء الماريجوانا علنا بدءًا من شهر ديسمبر عام 2013، لكن هناك قيودًا قانونية على عملية تداول ونقل المخدر نفسه إلى الولايات الأخرى التى تحظر تداوله لأسباب ترفيهية. كان السؤال المنطقى التالى «معنى هذا أن المواطنين يمكن أن يطالبوا فى يوم ما بالسماح بتداول الكوكايين أو المخدرات الأكثر فتكًا بشكل قانونى ولأسباب ترفيهية أيضًا.. فرصة بقى»، تهز السناتور كارين رأسها بالنفى قائلًا «صعب أن يحدث ذلك، حتى يناقش الكونجرس طلبًا تقدم به المواطنون يجب أن يكون هذا الطلب مشفوعًا بتوقيعات من 200 ألف مواطن على الأقل. هذا العدد من الصعب أن تجمعه لإقرار أمر مثل حرية تداول الكوكايين». صمتت لحظة قبل أن تضيف «المواطنون يتعاملون كمشرعين.. وبالتالى هم يدركون خطورة وتأثير ما يقومون به من تحرك». ربما تكون السناتور على حق، هذه عمومًا ضريبة الحرية وحكم الشعب لنفسه، زواج مثليين ثم حرية تعاطى المخدرات وبيعها وشرائها، قد تراها أنت أشياء صادمة وتصنع مجتمعًا منحلًا سكيرًا، لكن آخرين يرونها ذروة نمط الحياة الأمريكية التى تمنحك الحرية فى أن تفعل ما تريد حتى لو كان تماس ذلك مع خطوط حمراء عدة. هكذا عرفنا كيف يمكن للمرء أن يمرر قانونًا فى أمريكا، أن تكون لديه شبكة علاقات قوية مع 199999 شخصًا آخر للحصول على توقيعاتهم، أو أن يكون صاحب إمبراطورية رأسمالية ضخمة ذات أنياب دامية مثل «بوينج»! الحرية ليست مجانية فعلًا.