خدعوك فقالوا: إن أكتوبر هى آخر الحروب!! كان السادات يريد أن يقدّم رسالة طمأنة لأمريكا وإسرائىل، ولكنه لم يتلقَّ فى المقابل الرد الذى يؤكّد أن إسرائىل لن تواصل عربدتها، أو أن أمريكا ستتوقّف عن التآمر من أجل أن تظل المنطقة تحت هيمنتها وتظل أوراق اللعبة فى يدها!! الآن.. نخوض حربًا لا تقل ضراوة عن حرب أكتوبر، وإذا لم ننتبه إلى ذلك ونرتب أوضاعنا لمواجهة هذا التحدّى.. فسوق ندفع الثمن غاليًا. حربنا الآن ليست ضد إخوان الإرهاب والمولوتوف فقط.. فهؤلاء رغم كل ما يلقونه من دعم خارجى لن ينجحوا فى مواجهة شعب يزداد كرهه لهم يومًا بعد يوم. بينما يتحولون هم إلى مجرد عصابة إرهابية يختفى فيها الرجال وراء النساء فى تظاهرات متهافتة، ويذهب فيها الغلمان المخدوعون لإلقاء عبوة ناسفة هنا أو إشعال سيارة هناك.. بينما القيادات المجرمة «تناضل» فى الدوحة وإسطنبول.. حيث يتجمّع العملاء مع الحكام رغم أنف الشعوب التى لا نشك فى محبتها لمصر واحترامها لثورته. وحربنا أيضًا ليست ضد باقى عصابات الإرهاب التى وطّدت أقدامها فى ظل حكم الإخوان الفاشى، والتى تستغل الدين الحنيف لكى تأخذ شبابًا مخدوعًا إلى طريق لا يرضاه الله، ولا يجيزه الإسلام، ولا يستفيد منه إلا أعداء الأمة. حربنا أكبر من ذلك.. وليس الإخوان وغيرهم من عصابات الإرهاب إلا أدوات تستخدم لخدمة المخطط الأكبر الذى تنفّذه أجهزة مخابرات دولية وإقليمية تلقّت صدمة عمرها بثورة مصر فى 30 يونيو، لكنها لم تتراجع عن مخططاتها، ولم تتوقف عن التآمر على مصر وعلى باقى الدول العربية. حربنا تفرضها علينها الإدارة الأمريكية التى راهنت على حكم الإخوان، وما زالت تدعم إرهابهم. والتى تنسج المؤامرات وتمارس الضغوط لتمنع إرادة شعب مصر أن تتحقق، ولتوقف استكمال طريقنا لبناء الدولة التى نريدها، ولتحاصر دور مصر وتمنع استكمال التحالف العربى الجديد الذى بدأ مع دعم السعودية والإمارات لمصر، لأن هذا التحالف يمكن أن يمثّل العقبة الحقيقية أمام المؤامرة التى لا تريد واشنطن أن تتراجع عنها. حربنا سوف تحدّد مستقبل المنطقة لسنوات طويلة. لذلك ترمى واشنطن بكل أوراقها، ومعها الحلفاء والأذناب والعملاء الذين يجمعهم العداء لمصر والعرب، وتحركهم المصالح التى تتضارب مع مصالحنا، وتدفعهم أحلام قديمة تتجدّد بأن يتم تحديد مصير المنطقة فى غياب مصر والعرب. حربنا تأخذ أبعادًا جديدة وخطيرة بالتحركات التى تجرى حولنا، فجأة أصبح «الشيطان» الأمريكى صديقًا لإيران!! وأصبحت «طالبان» هى الطرف الذى تريد أمريكا أن تعيده للحكم فى أفغانستان.. ولا عزاء للضحايا من المسلمين أو الأمريكان!! وفجأة.. تنفتح الجسور بين تركيا وإيران، ويبدآن فى نسج تحالف جديد (برعاية أمريكية بالطبع!!).. وفجأة تصبح إثيوبيا هى مركز اهتمام الحلفاء الجدد جميعًا (تركيا وإيران.. ومن قبلهما إسرائىل وأمريكا). عودة إلى الوراء قليلًا.. فى الخمسينيات من القرن الماضى كنا نشاهد هذا التحالف. كان بن جوريون (الإرهابى المؤسس لإسرائىل) قد أكد نظرية (حصار الحصار).. بمعنى أنه إذا كان العرب سيحاصرون إسرائىل، فعلى إسرائىل أن تسعى لحصارهم مع القوى الإقليمية غير العربية.. أى مع تركيا وإيران أساسًا، وإثيوبيا وباكستان إن أمكن. وكانت أمريكا تشارك فى هذا المخطط.. ليس فقط من أجل أن إسرائل، ولكن أيضًا من أجل الهيمنة على البترول العربى، والسيطرة على مقدرات المنطقة. وكان جوهر الصراع كما تصوّره أمريكا هو التصدّى للخطر السوفييتى يومها، بينما كان جوهر القضية عند عبد الناصر (وهو يقود المعركة يومها) هو وحدة العرب وتقدّمهم ونهضتهم وسيطرتهم على ثرواتهم البترولية، كما نجحت مصر فى السيطرة على قناة السويس يومها. ما نريد أن نقوله إن هذه الحرب قد كسبناها مرة قبل ذلك، ولا خيار لنا على الإطلاق إلا أن نكسبها مرة أخرى الآن.. فالنيل فى خطر، وأمن الوطن فى خطر، والوطن العربى يُراد له أن يُحكم كما يريد أعداؤه. وساحة المعركة كبيرة.. من سوريا والعراق، إلى ليبيا والسودان ومنابع النيل. لكن الحسم سيكون هنا فى مصر، كما كان الأمر دائمًا عبر التاريخ. ما بدأ فى 25 يناير ثم 30 يونيو لا بد أن يكتمل. استئصال الإرهاب الذى يقوده الإخوان لم يعد صراعًا على حكم. إنه الأساس لكى نهزم المؤامرة ونحمى الوطن ونضمن مياه النيل، ونعيد تركيا وإيران وإسرائىل إلى حدودها، ونقول لأمريكا إن أوراق اللعبة لم تعد فى يدها، وأن مستقبل مصر لن يقرره إلا شعبها وحده، وأن جيش مصر لن يكون له ولاء إلا لمصر وشعبها. جرّبت أمريكا هذا الرهان مع ثورة يوليو وفشلت. وجرّبت مرة أخرى بعد ثورة يناير حين تحالفت مع الإخوان لسرقة الثورة فكان الرد فى 30 يونيو صاعقًا. تستمر أمريكا فى نفس الطريق ونفس المخطط ونفس «الأدوات» المستعملة. لا تستطيع أمريكا أن تنسى، ولا أن تتعلّم. فتكون النتيجة أن تهرب من حرب خاسرة.. إلى حرب أخرى هى بالقطع.. خاسرة!!