تنسيق الجامعات 2025.. 100 ألف طالب يسجلون لأداء اختبارات القدرات    مؤتمر جماهيري ل"مستقبل وطن" في دمياط    مصرع سيدة وإصابة زوجها في تصادم سيارتين بالمقطم    استقرار سعر الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري اليوم    محادثات «أوروبية - إيرانية» بإسطنبول ومطالب بضمانات للعودة للاتفاق النووي    جهود مصرية مكثفة لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة    بقيمة 5 مليارات دولار.. الإدارة الأميركية توافق على بيع أنظمة دفاع جوي لمصر    أحمد هشام يحصد برونزية بطولة العالم لسلاح السيف    مودرن يعلن التعاقد مع مدافع الانتاج الحربي    إخماد حريق بمصنع مواد غذائية في القطامية    الليلة.. حفل الفنان تامر حسني بمهرجان العلمين في دورته الثالثة    كلية التربية بجامعة قناة السويس تعلن قواعد التنسيق الداخلي للالتحاق بقسم التربية الفنية للعام الجامعي    وزير العمل عن دمج وتوظيف ذوي الهمم: قضية تحتاج تكاتف المؤسسات    افتتاح مسجدين جديدين بالفيوم وسط استقبال شعبي واسع    الجيش اللبناني يُشارك في إخماد حرائق بقبرص    ترامب يطلب من رئيس الفيدرالي خفض أسعار الفائدة من جديد    بالانفوجراف| الحصاد الأسبوعي لوزارة الزراعة    وزير الخارجية يؤكد دعم مصر الكامل لخطة التنمية الخمسية ورؤية السنغال الوطنية 2050    نيابة باب شرقي تطلب تحريات اتهام شخص بهتك عرض طفل في الإسكندرية    غدا.. ضعف المياه بحى شرق وغرب سوهاج لأعمال الاحلال والتجديد    وزير الثقافة يهنئ المبدعين بيوم الثقافة العربية ويدعوهم لتعزيز الهوية وصون التراث    مبادرة "مصر تتحدث عن نفسها" تحتفي بالتراث في أوبرا دمنهور    ب"فستان قصير"..أحدث ظهور ل نرمين الفقي بمنزلها والجمهور يغازلها (صور)    هل يقبل عمل قاطع الرحم؟ د. يسري جبر يجيب    وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يلتقي مسؤولي 4 شركات يابانية لاستعراض مشروعاتها وخططها الاستثمارية بالسوق المصري    وكيلة "الصحة" توجه بتوسيع خدمات الكُلى بمستشفى الحميات بالإسماعيلية    طريقة عمل الكيكة، هشة وطرية ومذاقها لا يقاوم    الكابتشينو واللاتيه- فوائد مذهلة لصحة الأمعاء    محافظ الجيزة يوجه بضبط «الاسكوتر الكهربائي للأطفال» من الشوارع    برنامج تأهيلي مكثف لنجم الهلال السعودي    استشهاد شخص في استهداف طائرة مسيرة إسرائيلية لسيارة في جنوب لبنان    مصرع شخصين وإصابة آخرين إثر حادث تصادم في الطريق الزراعي بالشرقية    عامل يقتل زوجته ويدفنها خلف المنزل تحت طبقة أسمنتية بالبحيرة    رحيل هالك هوجان| جسد أسطوري أنهكته الجراح وسكتة قلبية أنهت المسيرة    نائب وزير الخارجية الإيراني: أجرينا نقاشا جادا وصريحا ومفصلا مع "الترويكا الأوروبية"    باستقبال حافل من الأهالي: علماء الأوقاف يفتتحون مسجدين بالفيوم    «100 يوم صحة» تقدّم 14.5 مليون خدمة طبية مجانية خلال 9 أيام    ضبط 596 دراجة نارية لعدم ارتداء الخوذة خلال 24 ساعة    شقيقة مسلم: عاوزة العلاقات بينا ترجع تاني.. ومستعدة أبوس دماغة ونتصالح    أسعار الأرز في الأسواق اليوم الجمعة 25-7-2025    وزارة الداخلية تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق والتصدى الحاسم لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز الحر    الحكومية والأهلية والخاصة.. قائمة الجامعات والمعاهد المعتمدة في مصر    بعض الليالي تترك أثرا.. إليسا تعلق على حفلها في موسم جدة 2025    بطابع شكسبير.. جميلة عوض بطلة فيلم والدها | خاص    إزالة 196 حالة تعدٍ على أراضي أملاك الدولة بأسوان خلال 20 يومًا - صور    واشنطن تدعو إلى وقف فوري للاشتباكات بين تايلاند وكمبوديا    انخفاض أسعار الحديد وارتفاع الأسمنت اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    وزير الخارجية يسلم رسالة خطية من الرئيس السيسي إلى نظيره السنغالي    بعد إثارته للجدل.. أحمد فتوح يغلق حسابه على "إنستجرام"    مواعيد مباريات الجمعة 25 يوليو - الأهلي ضد البنزرتي.. والسوبر الأردني    عالم أزهري يدعو الشباب لاغتنام خمس فرص في الحياة    نجم الزمالك السابق يوجه رسالة خاصة ل عبد الله السعيد    شديد الحرارة والعظمى 44.. حالة الطقس في السعودية اليوم الجمعة    «مشتغلش ليه!».. رد ناري من مصطفى يونس بشأن عمله في قناة الزمالك    لا ترضى بسهولة وتجد دائمًا ما يزعجها.. 3 أبراج كثيرة الشكوى    الآلاف يحيون الليلة الختامية لمولد أبي العباس المرسي بالإسكندرية.. فيديو    سعاد صالح: القوامة ليست تشريفًا أو سيطرة وإذلال ويمكن أن تنتقل للمرأة    دعاء يوم الجمعة.. كلمات مستجابة تفتح لك أبواب الرحمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عملية « الخروج» الصعبة! نبيل عمر
نشر في التحرير يوم 26 - 01 - 2014

تخيلوا معى سفينة متهالكة، ركابها يبحرون بها فى مياه عميقة مضطربة، وهم أنفسهم مرتبكون وحائرون ومنقسمون وعقلهم الجمعى مأزوم لأسباب كثيرة يطول شرحها والخوض فيها الآن وتفسيرها قد يخرجنا من السياق، ولأنهم غير راضين عن رحلتهم الغامضة فى بحر الظلمات، تمردوا على قبطان السفينة ومعاونيه، وألقوا بهم فى البحر، لعلهم يعثرون على من يقودهم إلى اليابسة ويرسو بهم على بر الأمان، فهل يمكن أن يحدث هذا فى وقت قصير يقلل من معاناتهم الطويلة؟!
قطعًا لا..
أولا: هى ليست سفينة عفية متماسكة، بل هى ضعيفة متهالكة، ولا يمكنها الإبحار بسرعة عالية بين أمواج صاخبة متلاطمة، وإذا سارت بتوازن دون أن تنقلب على رأسها ستأخذ وقتا أطول نسبيا للوصول إلى هدفها.
ثانيا: تضارب مصالح الركاب فى «تحديد» البر الآمن أو الوطن الأمن، وهو تضارب ناتج عن تخلف وجهل وصراع أجيال وتكالب على المكاسب كالذباب الجائعة حتى لو غرقت السفينة نفسها، وبالطبع يعطل حركة السفينة وأحيانا ينحرف بها إلى مسارات وخطوط ملاحة فاسدة.
ثالثا: عدد كبير من ركاب المركب استغل حالة السيولة التى على متنها وراح يعبث بكل شىء. ويقتطع مناطق فيها وتحجزها باسمه أو يستثمرها لحسابه.
رابعا: عدد من البحارة الذين كانوا يعملون مع القبطان القديم يسعون للاستيلاء على السفينة والاحتفاظ بامتيازات قديمة كان ينهبها بطانة ذلك القبطان وعائلته وحزبه من ثروة أصحاب السفينة.
خامسا: عدد من الركاب تحولوا إلى بحّارة جدد أرادوا قيادة السفينة وتغيير مسارها وهويتها، وحين فشلوا راحوا يحطمون فيها، لعلها تغرق بهم جميعا، أو يجبرون ركابها على التسليم لهم بالعودة إلى كابينة القيادة.
سادسا: حماة السفينة من غزو القراصنة المبحرين فى سفن عملاقة هائلة غزوًا مباشرًا، وهؤلاء الحماة كانوا يعلمون مع القبطان القديم بالضرورة وما زالوا فى أماكنهم، ولا بديل لمنع سقوط السفينة أو غرقها، وهم بالفعل حريصون عليها حبًّا وانتماءً، وإن كانوا يتمتعون بامتيازات فى الثروة والسلطة يصعب التنازل عنها أو تقليصها، وتثير غضب عدد فاعل من الركاب.
سابعا: أصحاب الميكروفونات على متن السفينة الذين يخاطبون الركاب صنعوا ما يشبه سوق عكاظ، فوضى عارمة اختلط فيها الجاهل بالعالم، المدّعى بالمفكر، الكاذب مع العارف، المهرج مع الشتام، الداعرات والنُّساك، فتفتت طاقة السفينة بين المشارب والاتجاهات، ولم تركز فى عملية الإنقاذ الأولية، فتعطلت ماكينات وتمزقت بعض الأشرع فأبطأت من عملية الإبحار.
ثامنا: عدد قليل من المتمردين على السفينة أو من شاركوا فى صناعة التمرد ضد القبطان القديم، لهم مصالح خاصة مرتبطة بالقراصنة الطامعين فيها، يثيرون شعبًا واضطرابات وتوترات على متنها، ممولة من هؤلاء القراصنة حتى تسقط بين قبضتهم.
تاسعا: ركاب الدرجة الأولى للسفينة بكل تياراتهم لا يملكون أى تصور عن كيفية إصلاح هذه السفينة إصلاحا شاملا يحميها من أخطار البحر الهائج، كلهم يقول كلاما متعارضا ومتناقضا وتافها.
هذا بالضبط حال مصر فى الذكرى الثالثة لثورة 25 يناير، وهو حال طبيعى جدا وليس مستغربا، فالمصريون يدفعون ثمن الإبحار فى بحر الظلمات عشرات السنين، دون أى صيانة أو تحسين فى سفينتهم أو فى أساليب الملاحة الحديثة، وجلسوا ينظرون إلى السماء يدعونها أن تنقذهم وتنتشلهم من الغرق فى لُجة المشكلات المحيطة بهم، دون أى عمل حقيقى، كما لو أنهم لا يعرفون أن الله لا يغير أوضاع جماعة إلى الأفضل إلا إذا غيروا من أنفسهم، وحولوا كسلهم عملًا، وتواكلهم تُوكلًا وعلمًا ومعرفة.
وهم الآن يبحثون عن الطريق، والطريق الصحيح ليس سهلا ومتاحا، لكل من هب ودب، وإنما له مشقة وثمن وتضحيات ودماء ودموع، حتى يحافظوا عليه حين يصلون إليه، هذا هو تاريخ البشرية منذ خلقها الله، وخبرة الحضارات الإنسانية، وقد بدأ المصريون السير والتنقيب، وهى عملية يحدث فيها غربلة لكل شىء فى حياتهم، فتطفو على السطح أسوأ ما فيهم وأيضا أفضل ما فيهم، وقد تكون هذه أول مرة منذ فترة طويلة يلعب فيها المصريون مع أنفسهم على المكشوف وبكل جرأة وأيضا بكل وقاحة، الأفكار عارية والمشوش مفضوحة، وهذه عملية صحية جدا، مثل صهر الحديد، يتطهرون فيها من حقائق كثيرة ويتعلمون صناعة المستقبل أكثر من الحسرة وراء الماضى. نعم هذه عملية ولادة متعثرة، نزيف وأوجاع وصراخ وعويل، والوليد دائما ما يخرج إلى الحياة وسط «دماء ملوثة»، كما ينشق الفجر فى أحلك لحظات الليل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.