منذ أن دخلنا معركة إقرار دستور الثورة ونحن نشهد حالة من الجنون تستولى على جماعات الإرهاب بالداخل بقيادة «الإخوان» وعلى الدول والأنظمة وأجهزة المخابرات الداعمة لها، والتى ترى فى عودة مصر واستقلال إرادتها وانتصار ثورتها المخاطر الكبرى على مصالحها والضربة الأقوى لمخططاتها المتآمرة على مصر والعرب. وكان طبيعيا أن تزداد حالة الجنون بعد إعلان «الإخوان» جماعة إرهابية، ومع المخاوف من أن تكشف محاكمة المعزول مرسى وجماعته بتهم الخيانة العظمى عن أسرار يعرف الجميع أنها ستتجاوز حدود مصر، وستصل إلى دول كبرى كانت تتصور أنها امتلكت مصير المنطقة، فإذا بشعب مصر فى 30 يونيو يقلب المعادلة ويسقط الأقنعة ويضع المتآمرين فى قفص الاتهام. ما نراه الآن أن الفشل العظيم قد أصاب محاولات عصابات الإرهاب بقيادة الإخوان، وأن مصر تمضى فى طريقها الذى حددته لبناء الدولة واستعادة الاستقرار. وما نراه الآن أيضًا أن كل محاولات الضغط وكل مؤامرات التدخل التى قادتها الإدارة الأمريكية لمنع تنفيذ إرادة شعب مصر، أو لإنقاذ الحليف الذى جاؤوا به للحكم فأسقطه الشعب.. كل ذلك قد سقط إلى غير رجعة أمام شعب استعاد ثورته، وجيش انحاز لشعبه كما كان دائمًا على مدى تاريخ مصر. الآن يتغير المشهد، ونجد أنفسنا فى مواجهة عدو داخلى وخارجى يواجه الإفلاس ويتعرف بمنطق «أسبوع البواقى» الذى تلجأ إليه المحلات التجارية بعد أن تنتهى من مواسم الأوكازيون، لتحاول أن تقلل من خسائرها بقدر المستطاع! أسبوع البواقى هو الفرصة الأخيرة أمامهم، إلا إذا كانوا- مثل بعض محلات الأقمشة- ينظمون فى النهاية «أسبوع الفضلات» للتخلص من القطع الصغيرة بأى شكل.. وبأى ثمن! فى «أسبوع البواقى.. والفضلات» ستجد أن مظاهرات «الإخوان» قد اختفى منها المتظاهرون، ولم يبق إلا بواقى المستأجرين الذين يتجمعون لقطع طريق أو حرق سيارة، بينما من كانوا يهددون الشعب بالقتل يفرون كالصراصير إلى قلعة الديموقراطية فى قطر! أو إلى مملكة أردوغان التى تتهاوى بفعل سوس الفساد الذى ينخر فيها، أو إلى حماية البشير الذى يبحث عن حماية من المحاكمة الدولية! وفى «أسبوع البواقى.. والفضلات» تتحول عصابات الإرهاب بقيادة الإخوان إلى مجرد عملاء مكشوفين لأمريكا التى كانوا يقولون إنها الشيطان الأعظم، فإذا بهم يجلسون على حِجر مخابراتها، ويتحولون من ميزانية مخابراتها، وينفذون، بكل نذالة، مؤامرتها ضد مصر والعرب والإسلام. وإذا بالملايين التى قالوا إنها ذاهبة لتحرير القدس وتتحول، فى أسبوع البواقى إلى بضعة إرهابيين يواجهون إرهابهم المنحط إلى الأبرياء من أطفال المصريين، وإلى أشجع جنود الأرض من جيش مصر وأجهزة أمنها. وفى «أسبوع البواقى.. والفضلات» تدرك واشنطن حجم الهزيمة التى ألحقها بها شعب مصر حين أسقط الحكم العميل فى 30 يونيو واستعاد الثورة، واستعاد معها القرار المستقل والإرادة التى لا تخضع إلا لشعب مصر وحده. وبعد أن فشلت كل محاولات الضغط المباشرة على القاهرة وعلى الأشقاء العرب الذين دعموا إرادة شعب مصر، لا تجد واشنطن إلا طريق «البواقى.. والفضلات» فى محاولة يائسة لدعم إرهاب الإخوان، ولتعطيل مسيرة شعب مصر التى انطلقت ولن تقف إلا مع بناء الدولة الحديثة المستقلة صاحبة الدور والمكانة فى المنطقة. فى طريق «البواقى.. والفضلات» تلجأ واشنطن لاستخدام الحكام الصغار فى القاعدة الأمريكية المسماة ب«قطر»! وتلجأ إلى النظام الذى يجثم فوق صدور الشعب فى نصف السودان بعد أن تخلى النظام عن النصف الآخر، وبدأ يستعد لتنفيذ مخططات تقسيم ما تبقى من السودان الحبيب! ثم تتلاقى واشنطن مع طهران التى لا تخجل وهى تتحدث عن الديمقراطية فى ظل نظام قام على القتل، وطارد المعارضين فى كل أنحاء الدنيا. ثم يقف الآن ليلتقط الصور التذكارية وهو يعقد صفقته المشبوهة مع أمريكا، ويريدها أن تكون على حساب الخليج العربى وفى غياب مصر. المعنى الأساسى لعبث الصغار فى أسابيع البواقى والفضلات، أن الموسم الجديد على الأبواب، وأن المفلسين سيخرجون بهزيمتهم، وأننا قد عبرنا الصعب وسنكمل المشوار، وأن الملايين التى ستخرج للاستفتاء على الدستور سوف تنهى إلى الأبد هذا الفصل من عبث الصغار وتآمر الكبار على شعب كانت هوايته منذ الأزل- وما زالت- أن يقهر المستحيل.