كما يقول المثل الشعبى المصرى الشهير دعونا نتكلم بدون لف ولا دوران وبدون تنظير ولا تقعير ولا مثاليات غير واقعية، وننظر إلى الأسئلة المحورية التى تشغل بال المصريين على اختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم ليل نهار فى هذه الفترة الحرجة من التاريخ المصرى الحديث، وهى بلا شك تدور وتتمحور وتتعلق فى بدايتها ونهايتها وفقًا لترتيبها الزمنى المتوقع حول ثلاث قضايا رئيسية، أولًا ماذا سيحدث فى استفتاء الدستور، هل سيمر بأمان وسلام وبأغلبية كبيرة موافقة عليه كما يتمنّى مؤيدو هذا الدستور والمقتنعون به أم على العكس من ذلك ستشهد أيامه اضطرابات ومظاهرات وحوادث عنف وسيرفضه غالبية المصوتين عليه كما يأمل أعداؤه ومعارضوه؟ وظنّى الشخصى أن هذا الدستور سيمر بأغلبية كبيرة، ولكن أيام الاستفتاء ستشهد اضطرابات لا مفرّ منها، فهذه هى «المعركة الحاسمة» كما ينظر إليها الإخوان ومؤيدوهم ونجاحها يعنى إضفاء شرعية على النظام القائم والذى يناصبونه العداء والكراهية لأسباب لا تخفى على كل ذى عينين، ولكن السؤال الجوهرى هنا بغض النظر عما نحب أو نكره، هو: ما الخيار المطروح فى نظر رافضى هذا الدستور؟ وماذا يقترحون بعد سنوات ثلاث من المعاناة؟ أهى عودة مرسى، عودة مجلس الشورى أم عودة الإخوان، وبفرض تحقق المستحيلات وظهور الرّخ والعنقاء والخل الوفى، وبالتالى عودة الإخوان ومرسى، فما الخطوة التالية المقترحة من جانبهم؟ هل هى عقد انتخابات رئاسية مبكرة؟ طيب ما كان هذا معروضًا عليكم وفى أيديكم وأنتم رفضتم! الآن موافقون؟! طيب خير وبركة، ونبشّركم أننا بالفعل سنعقد انتخابات رئاسية خلال الفترة القليلة القادمة، والمجال مفتوح للشعب، ليقرر ماذا يريد، أليس هذا مبتغاكم؟ ما ثانى مطالبكم؟ عايزين إعادة النظر فى الدستور وإعادة مجلس الشورى؟ يسعدنا إبلاغكم أننا قد أعدنا النظر بالفعل فى الدستور وتم إلغاء مجلس الشورى وسنصوّت على الدستور المعدل الأسبوع القادم وننتظر قرار المصريين، إذن ما الطلب الثالث، عودة الإخوان للحكم؟ الحقيقة كان غيركم أشطر، فواقع الأمر أن الخسارة الحقيقية للإخوان لا تتمثل فى إعلانهم كجماعة إرهابية، ولكن فى صورتهم الحالية لدى الرأى العام وخسارتهم الشارع المصرى وارتباط اسمهم بالشغب والاضطرابات والقلاقل، وهذا ما يجب أن يقلقهم أولًا وأخيرًا! وغنى عن القول أن السؤال الأول الخاص بالدستور ليس نهاية تساؤلات المصريين القلقة، فبعده سيواجهون الأصعب حول القضية الثانية، وهى ما إذا كانت الانتخابات الرئاسية ستأتى قبل البرلمانية، كما تدل الشواهد أم لا، وفى حالة الاستقرار على البدء بالانتخابات الرئاسية، سنجد أن الأسئلة المتوقعة ستتحول إلى اتهامات وتصنيفات ومعسكرات وتصفيات حسابات و«بلاغات للنيابات العموميات» على رأى عمنا نجيب الريحانى، وهذا كما نعرف جميعًا سيعتمد على شخصية فرس الرهان فى هذا السباق الرئاسى، وبعبارة أوضح: هل سيحسم الفريق السيسى أمره ويتقدم للترشح ويكتسح الساحة كما يتوقع الكثيرون أم سيفضّل الاحتفاظ بمنصبه الحالى وبالتالى سيتم فتح الباب على مصراعيه لينزل إلى الحلبة الكثيرون من الساعين إلى المنصب الرفيع سواء كانوا من المرشحين السابقين أو من الوجوه الجديدة التى ستطرح نفسها على ساحة المشهد السياسى المصرى الملتهب بطبيعته؟ ويثور هنا القلق عما إذا كنا سنشهد مرة أخرى انقسامًا فى داخل المعكسر الواحد ثوريًّا، مدنيًّا، دينيًّا أو غيرها، كما تتصاعد المخاوف حول ما إذا كنا سنتعلّم من الدروس المستفادة سابقًا أم سنصمم على تكرار أخطائنا المأساوية كأبطال التراجيديات الإغريقية القديمة؟ أما بالنسبة إلى القضية الثالثة أو الرقم الصعب فى معادلة خريطة الطريق أو الأمل وهو المتعلق بالانتخابات البرلمانية فهذا حديث ذو شجون له بداية وليست له نهاية، حيث تجتمع فيه جميع سوءات المشهد السياسى المصرى، وكل ما ظهر على السطح من تداعيات سياسية واقتصادية واجتماعية منذ زلزال يناير 2011 وتوابعه حتى زلزال يونيو 2013 وما تلاه، وبالتالى فمن الآخر وباختصار، فأنا أعد حضراتكم، ووعد الحرّ دين عليه، أننا إذا عبرنا إن شاء الله بسلام سباق قفز حواجز الدستور ثم الانتخابات الرئاسية، سأحدثكم فى حينه بدون لف ولا دوران أيضًا حول الخريطة المعقدة لموزاييك توازنات القوى فى البرلمان القادم، إن عشنا وكان لنا عمر بإذن الله.