المشكلة أن ما وصل إليه حال التعليم فى مصر من خربأة على كافة المستويات لا يؤهل أى شعب لإدارة أى ثورة بنجاح كما أنه فى الوقت نفسه يعد سبباً كافياً فى حد ذاته للقيام بثورة من أجل إصلاحه .. إنها مشكلة معقدة و عقدة بشنيطة تشبه كثيراً تلك المعضلة التى لم تستطع البشرية التى تسعى بحماسة إلى سبر غور الفضاء و الوصول إلى حدود المجرة حلها حتى الآن و المتمثلة فى ذلك السؤال الإشكالية .. البيضة الأول ولَّا الفرخة ؟! فالتعليم بحاجة إلى ثورة شاملة لإصلاحه كما أن الثورة فى الوقت ذاته بحاجة إلى عقول واعية للقيام بها .. فلكى ينصلح حال التعليم ينبغى أن ينصلح حال الطالب و المدرس .. و لكى ينصلح حال الطالب و المدرس ينبغى أن تنصلح أحوال المجتمع .. ولكى تنصلح أحوال المجتمع ينبغى أن تنصلح احوال الأسرة .. و لكى تنصلح أحوال الأسرة ينبغى أن تنصلح الأحوال الإقتصادية و الصحية .. و لكى تنصلح الأحوال الإقتصادية و الصحية ينبغى أن تنصلح الأحوال السياسية .. و لكى تنصلح الأحوال السياسية ينبغى أن تنصلح ظروف إختيار رجال السياسة و لكى تنصلح ظروف إختيار رجال السياسة ينبغى أن يرتفع وعى المواطنين .. و لكى يرتفع وعى المواطنين ينبغى أن ينصلح حال التعليم .. و هو ما يعود بنا إلى سؤال البداية مرة أخرى .. البيضة الأول ولَّا الفرخة ؟! ربما الآن نستطيع ان نفهم السر الحقيقى وراء كل تلك الأزمات الحياتية التى تخص رغيف الخبز والسولار وارتفاع الأسعار وانخفاض الأجور وغياب ابسط تفاصيل الحياة و التى يحرص أى حاكم فاسد – سواء كان تاجر إستقرار كمبارك و حزبه الحرامى أو كان تاجر دين كمرسى و جماعته الإرهابية - على استمرار معاناة الشعب منها طوال الوقت .. فتلك الأزمات هى ضمانتهم الوحيدة لإستمرار المواطن المطحون مشدوداً طوال الوقت إلى ساقية محاولاته اليومية للإستمرار على قيد الحياة .. تلك المحاولات التى تتسبب بدورها فى إعلاء الغريزة على العقل لتعطله عن التفكير السليم أو الإحساس بالقيم و بالتالى الإبتعاد عن نموذج المدنية الراقية .. و عندها يصبح الحديث عن قيم مثل الحرية و العدالة الإجتماعية حديثاً عبثياً من منطلق أنه حرية إيه اللى بتتكلموا عنها إذا كان الشعب أصلاً مش لاقى ياكل .. و يصبح الحديث عن الفن و الجمال ترفاً و مبالغة و فرفرة و كلام ناس رايقة .. كما يصبح الحديث عن النهوض بالتعليم مدعاة للسخرية فى دولة تفككت عناصرها إلى الدرجة التى لم يعد المواطن فيها آمناً على نفسه أثناء مشاوير معاناته اليومية .. كما يصبح الحديث عن الأخلاق درباً من دروب الهرتلة فى ظل مجتمع أصبحت الشتيمة هى أساس و محور حواراته العادية و اليومية .. إنها دوامة لا تنتهى و تفاصيل مترتبة على تفاصيل أخرى بشكل متداخل و ملعبك إلى الدرجة التى قد لا تستطيع معها فصل كل تفصيلة لوحدها .. حتيجى تحل مشكلة أساليب التعليم حتطلعلك مشكلة العقول الخربانة غير القادرة على التفكير بطريقة علمية أو منطقية .. حتيجى تحل مشكلة العقول حتطلعلك مشكلة الأجساد المتخربأة و الصحة المتدهورة بسبب سوء التغذية و تلوث الطعام و المياه .. حتيجى تحل مشكلة الأجساد المتخربأة و الصحة المتدهورة حتطلعلك مشكلة الأجور .. حتيجى تحل مشكلة الأجور حتطلعلك مشكلة الأسعار .. حتيجى تحل مشكلة الأسعار حتطلعلك مشكلة البطالة .. حتيجى تحل مشكلة البطالة حتطلعلك مشكلة إحتياجات سوق العمل .. حتيجى تحل مشكلة إحتياجات سوق العمل .. حتطلعلك مشكلة غياب الكفاءة .. حتيجى تحل مشكلة غياب الكفاءة حتطلعلك مشكلة إنهيار التعليم تانى .. و هو ما يعود بنا من جديد إلى سؤال البداية ذاته .. البيضة الأول ولَّا الفرخة ؟! السؤال الآن .. ما الذى ينبغى علينا أن نفعله حيال كل تلك اللخبطة و اللعبكة والمشاكل المتداخلة و المتراكمة .. هل نقر بعدم وجودها فنكون غير واقعيين بس مرتاحين أم نقر بوجودها فنكون واقعيين بس مكتئبين ؟! الإجابه فى مقولة العم جبران خليل جبران .. " الرجل الحر حقاً هو من يتحمل فى صبر نير العبد المقيد " .. فالحياه بكل تفاصيلها و قواعدها الكثيره لم تخلق لنفهمها بشكل كلى لأننا جزء منها و الجزء لا يدرك الكل .. و إنما لنحاول التعايش مع عدم فهمنا ذلك و التصرف فى ضوئه بأفضل ما يمكننا كبشر يعلمون أنهم لن يعلمون كنه تلك الحياه سوى بعد مغادرتها .. و هو ما لا نستطيع فعله بخلايا مخ متخربأه غير قادره على ربط التفاصيل ببعضها أو على التفكير تبعاً لأبسط قواعد المنطق .. و هو ما يعود بنا إلى نقطة بداية ذلك المقال مره أخرى .. التعليم الأول ولَّا الثورة ؟! .. البيضة الأول ولَّا الفرخة ؟!