تشهد عدة مدن جزائرية احتجاجات وإضرابات خاصة في ولايتي البويرة وبجاية، رفضًا للإجراءات الضريبية الجديدة التي تضمنها قانون المالية، الذي دخل حيز التطبيق منذ الأول من يناير الحالي. ويتضمن القانون رسوما وضرائب وزيادة في أسعار مواد ذات استهلاك واسع، كالبنزين والكهرباء ومنتجات غذائية ضرورية. وخرج سكان مدينة بجاية وقرى أخرى في منطقة القبائل في مظاهرات مناهضة للنظام فيما قرر تجار المنطقة غلق محلاتهم احتجاجا على غلاء الأسعار، وبرزت هتافات المحتجين: "ماذا فعلتم بمليارات الدولارات. كيف أنفقتموها وما هي النتائج التي توصلتم إليها؟ أين ذهبت أموال النفط وما هو المستقبل الذي ينتظر أولادنا؟" المظاهرة تلتها اشتباكات عنيفة مع قوات مكافحة الشغب التي استخدمت الغاز المسيل للدموع لتفرقة الشبان الذين أحرقوا بعض المقرات العمومية وشاحنات النقل، وأسفرت المواجهات عن جرح أكثر من 12 شخصا، من بينهم متظاهرون ورجال شرطة حسب الموقع الإلكتروني "كل شيء عن الجزائر". اليد الحديدية وزير الداخلية الجزائري نور الدين بدوي هدد أمس الأول الثلاثاء ب«الضرب بيد من حديد ضد من يحاول زعزعة استقرار الدولة»، واتهم أطرافا، من دون تسميتها، ب«السعي لزعزعة استقرار وأمن البلاد». وقال وزير الداخلية بهذا الخصوص إن قانون المالية لم يلحق ضررا بالقدرة الشرائية للمواطن، أما عن إضراب التجار في هذه الولايات احتجاجا على فرض رسوم جديدة عليهم، فقد أوضح الوزير أن «غلق المحلات تم فرضه بالقوة وبطرق عنيفة... وما حدث هو فرض رأي بالقوة والعنف، وأسلوب غير حضاري»، وتابع متوعدا: «الدولة بكل أجهزتها ستحفظ الملكيات العمومية والخاصة». رد شعبي.. سكان الولايات الثلاث التي تنتمي إلى منطقة القبائل، لم يذعنوا لتصريحات وزير الداخلية واستكملوا إضرابا شاملا بدأوه الاثنين الماضي تميز بشل الحركة التجارية، ورفض الآلاف الالتحاق بمناصب العمل، وخرج المئات إلى الشوارع في مظاهرات تخللتها أعمال حرق وتخريب، وعاشت ولاية بجاية (450 كلم شرق العاصمة) على وجه الخصوص ظرفا غير عادي، حيث تعرضت المرافق العامة للتخريب، وشهدت أحياؤها ما يشبه «عصيانا» من طرف مئات الملثمين الذين غزوا الشوارع في تحد واضح لسلطة الدولة. وبدأت دعوة قوية إلى الإضراب انتشرت على شبكة التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية تدعو إلى الرد على إجراءات قانون الموازنة الذي وصف ب«اللاشعبي»، عن طريق توقيف كل مجالات النشاط في ولايات القبائل التي تعرف بأنها «معقل المعارضة ضد النظام القائم»، واحتج ناشطون في «فيسبوك» على «اتساع الفجوة بين الشعب والمسؤولين، بخصوص مستوى المعيشة». ورغم عدم إعلان أي جهة مسؤوليتها عن شل الحركة في مناطق الاحتجاج، إلا أن منظمات حقوقية أعلنت مع مساعي احتجاجات المواطنين من بينها الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان التي أشادت ب"الإضراب العام" الذي نظمه تجار منطقة القبائل، واصفة إياه ب"الناجح"، فيما دعت المتظاهرين إلى عدم استخدام العنف للتعبير عن مطالبهم والاستمرار في التظاهر بشكل " سلمي". تحديات سياسية وتخشى حكومة عبدالمالك سلال من انتقال عدوى الاحتجاجات إلى مدينة تيزي وزو، وهي عاصمة منطقة القبائل المعروفة بأنها منطقة مسيسة بامتياز وبعدائها للنظام الجزائري منذ الاستقلال، محاولة السيطرة على الاحتجاجات دون وقوع قتلى بين المواطنين خاصة أن البلاد على موعد مع انتخابات تشريعية مقررة في شهر أبريل المقبل.