جلسة اليوم، من قضية قتل المتظاهرين، المتهم فيها الرئيس السابق حسنى مبارك ونجلاه ووزير داخليته وكبار مساعديه، كانت أكثر الجلسات سخونة وإثارة، منذ بدء المحاكمة فى 3 أغسطس الماضى، إذ بدأت بالاستماع إلى شهادة رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة المشير حسين طنطاوى، وانتهت بطلب لأحد محامىّ الحق المدنى لرد المحكمة، الأمر الذى أحدث خلافا واضحا بين بقية زملائه، وبينهما كانت هناك مشاهد كثيرة، فيها إجراءات أمنية غير مسبوقة، واحتكاكات ومشادات بين الأمن وبعض المحامين. رئيس محكمة جنايات القاهرة، المستشار أحمد رفعت، قرر وقف السير فى الدعوى، وتحديد جلسة بعد غد،(الإثنين)، ليتمكن طالب الرد من تقديم طلبه. كما حددت المحكمة جلسة 30 أكتوبر المقبل، لاستئناف نظر الدعوى، فى حال رفض طلب الرد. الجلسة بدأت مبكرة، على غير المعتاد، فى الثامنة و45 دقيقة، وتم إغلاق باب القاعة، عقب دخول القاضى مباشرة، فلم يتمكن عدد كبير من المحامين عن المدعين بالحق المدنى من الحضور. المشهد داخل القاعة كان مختلفا تماما عن أى جلسة سابقة، إذ تم إعداد منصة خاصة للمشير، ليدلى بشهادته عليها، وسأله القاضى عما إذا كان يريد الجلوس فى أثناء إدلائه بشهادته، إلا أنه فضل الوقوف. واحتل الصفوف العشرة الأمامية ضباط المخابرات، الذين لم يسمحوا لأحد بالجلوس فيها. وفى أثناء انعقاد الجلسة، ومع دخول مجموعات من المحامين القاعة، حدثت مشادات بين الضباط والمحامين، وقام أحد الضباط بدفع المحامى عبد المنعم عبد المقصود، وأوقعه أرضا، لكن تم احتواء الموقف بسرعة. وعلى مدار 40 دقيقة، استمعت المحكمة إلى شهادة المشير طنطاوى، وبدأت المحكمة فى توجيه نحو 20 سؤالا إليه، فى حين سألته النيابة سؤالين فقط، إلا أن المحكمة اعترضت عليهما، لتبدأ بعدها أسئلة دفاع المتهمين، على عكس الترتيب الذى كانت تسير عليه الجلسات السابقة. وكان المحامى عصام البطاوى، من دفاع وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى، الوحيد الذى سأل المشير، ووجه إليه خمسة أسئلة، اعترضت المحكمة على ثلاثة منها، وأجاب المشير عن سؤالين، وقال بعدها المستشار أحمد رفعت إن المحكمة تكتفى بهذا القدر من الأسئلة، بعد أن تعالت هتافات داخل القاعة، من بعض الحضور، فى الدقائق الأخيرة من شهادة المشير، قائلة «باطل.. باطل» و«يسقط يسقط حكم العسكر»، فرفع القاضى الجلسة. المحكمة اضطرت لرفع الجلسة نتيجة ما شهدته القاعة من هتافات من بعض الحضور فى الدقائق الأخيرة من شهادة المشير، حيث هتفوا تعليقا على شهادة المشير «باطل باطل» كما هتفوا «يسقط يسقط حكم العسكر». هذه الهتافات التى خرجت من بعض الحضور تعليقا على شهادة المشير جعلت القاضى يسرع فى إنهاء الجلسة، التى رفعها بالفعل فى العاشرة والنصف، وفى أثناء دخول القاضى غرفة المداولة هتفت القاعة بصوت عال «باطل باطل». المشير انتهى من شهادته وغادر القاعة والأكاديمية، إلا أن المستشار أحمد رفعت عاد للجلسة، وكانت القاعة أقل حضورا مما كانت عليه فى حضور المشير، حيث غادر الضباط الموجودون فى القاعة عقب انتهاء المشير من شهادته. وما إن استأنف رفعت الجلسة حتى تقدم أحد المحامين ويدعى قاسم عمر، وهو وكيل عن ابنه المصاب فى أحداث الثورة، بطلب رد المحكمة، كما تقدم محام آخر يدعى عبد العزيز عامر محامى أحد المصابين بطلب رد أيضا، وهنا حدثت خلافات بين المحامين عن المدعين بالحق المدنى حول طلب الرد، مما اضطر القاضى إلى رفع الجلسة للمرة الثانية نتيجة هذه المشادات والخلافات، لكنه تسلم طلبات الرد قبل أن يغادر القاعة. بعد ذلك أرسل المحامى قاسم عمر تنازلا للقاضى عن طلب الرد، ليبقى طلب واحد فقط، وبعد ساعة من المداولة خرج القاضى معلنا قراراته بوقف السير فى الدعوى وتحديد جلسة غد الإثنين حتى يتمكن طالب الرد من تقديم طلبه لقلم كتاب محكمة الاستئناف، وهى الجهة المختصة بطلبات الرد، كما قرر القاضى تحديد جلسة 30 أكتوبر المقبل لاستئناف نظر الدعوى فى حال رفض طلب الرد. المتهمون فى جلسة، اليوم، مثل كل جلسة كانت أماكنهم محفوظة، لم يتغير شىء داخل القفص، بخلاف ردود أفعالهم، جمال مبارك كان أكثرهم توترا وتركيزا مع شهادة المشير، فلأول مرة يظهر ممسكا بعض الورق، وقام بتسجيل بعض ما قاله المشير فى شهادته، أما أخوه علاء فظل طوال شهادة المشير ساكنا لم يتحرك، ومبارك كالعادة نائم على سريره الطبى يتابع ما يدور، أما حبيب العادلى فكان يتبادل الحوار مع اللواء إسماعيل الشاعر بين الحين والآخر. الوضع خارج الأكاديمية لم يكن هادئا، إذ حضر من يطلقون على أنفسهم أبناء مبارك وحملوا صورا ولافتات تأييد له، حتى إنهم أطلقوا الزغاريد، حين تسربت إليهم معلومات تفيد بأن شهادة المشير جاءت لصالح مبارك، وهو ما استفز أهالى الشهداء الذين كانوا موجودين خارج الأكاديمية أيضا، لكن قوات الأمن حالت بين وقوع أى اشتباكات بينهم.