الحكم الصادر بحبس فتيات الإسكندرية لمدة 11 عامًا، كان فرصة لجماعة الإخوان الإرهابية لكى تحاول الظهور كنصير للمرأة ومدافع عن الأطفال!! الجماعة هى التى احتقرت المرأة، وهى التى حرمتها من كل حقوقها فى دستورها الذى عطّلته الثورة، وهى التى رفضت أى حديث عن المساواة وحقوق المواطنة، وهى التى أسعدتها جرائم التحرش بفتيات الثورة فى ميادين التحرير، معلنة شعار «يستاهلوا» وملقية اللوم على الفتيات اللائى يخرجن للمشاركة فى تحرير الوطن!! والجماعة هى التى قاتل لنا إن مهمة المرأة فى الحياة هى «حسن التبعل»!!.. أى التفرّغ لتلبية رغبات زوجها، ولا شىء غير ذلك!! وهى التى تحالفت مع جماعات تعامل المرأة كالحيوان، حتى إذا أسقطنا الجدل حول صحة وقائع «جهاد النكاح» الشهيرة!! والجماعة هى التى تحوّل رجالها الأشاوس بعد سقوط حكمهم الفاشى إلى كائنات تجمع بين الجبن والإرهاب، وتختبئ خلف النساء فى مظاهرات التخريب، لتستطيع أن تنفّذ مخططاتها الدنيئة، ثم تهرب من المسؤولية، تاركة النساء فى مواجهة القانون!! وجود فتيات قاصرات شملهن الحكم الصادم أعطى الفرصة أيضًا لنسمع أصواتًا إخوانية تتحدث عن حقوق الأطفال!! منتهى البجاحة أن الذين رفضوا فى دستورهم الذى تم تعطيله أن يجرموا الاتجار بالطفل هم الذين يتحدثون اليوم عن حقوقه!! ومنتهى الإهانة للعقل أن يتصوّر هؤلاء أننا نسينا مشهد إلقاء الأطفال من على أسطح المنازل «وفى الإسكندرية أيضًا» أو أننا سنتسامح مع الذين جاؤوا بالأطفال اليتامى من الملاجئ ليضعوهم فى الصفوف الأولى من رابعة!! أو أنه سيغيب عن الذاكرة أن كل مظاهرة لهم فى الأسابيع الماضية كانت تشهد ضحية من الأطفال تسقط برصاصهم الإجرامى، ثم يحاولون -كعادتهم- ممارسة الخداع والادعاء بأن الضحايا منهم، بينما هم المجرمون والقتلة!! وبعيدًا عن انتهازية الإخوان، نقف أمام الحكم الصادم.. لا تعليق بالطبع على أحكام القضاء ولا تشكيك فى نزاهته، فقط نقول: إن البنات هن فى البداية والنهاية ضحايا لقيادات الجماعة الإرهابية. وإنه إذا كان الردع بالقانون مطلوبًا فى مواجهة ما يُرتكب من جرائم، فإن الصحيح أيضًا أن علينا مهمة أساسية وهى إنقاذ الشباب المخدوع بأفكار الجماعات الإرهابية واستعادته إلى أحضان الوطن.. وليس العقاب القاسى هو الطريق الوحيد، أو حتى الطريق المطلوب فى هذه الظروف!! ولا أريد هنا أن أعقد مقارنات بين الحكم الصادم الصادر بحق فتيات الإسكندرية، وبين أحكام أقل صدرت بحق مجرمين عتاة، فالحكم الخاص بالفتيات ما زال حكمًا ابتدائيًّا قابلًا للطعن والاستئناف، وقد قال المستشار علِى عوض المستشار القانونى لرئاسة الجمهورية، إن الرئيس لا يستطيع -بحكم القانون- النظر فى العفو عن الفتيات، إلا إذا كان الحكم نهائيًّا. ومن هنا، وما دمنا قد شهدنا السرعة الفائقة فى نظر القضية فى مرحلتها الأولى، فإن المطلوب الآن تحديد جلسة عاجلة لمحكمة الاستئناف، لكى تنظر فى الحكم الابتدائى الذى لا أظن أنه سيصمد طويلًا أمام عدالة قضائنا، حين تتضح أمامه كل الحقائق. ويبقى السؤال: إذا كانت «العدالة» يمكن أن تكون فعالة وسريعة كما حدث فى هذه القضية، فلماذا تتلكأ فى قضايا أخرى أخطر وأهم؟! وإذا كانت محاكمة فتيات الإسكندرية قد تمت بلا تأخير، رغم أن الفتيات «حتى لو أخطأن» هن فى النهاية ضحايا لتنظيم إرهابى وقيادات مخادعة.. فلماذا تظل هذه القيادات تأكل البط بالفريك، والفطير المشلتت، وتهذى حول «الشرعية» أو «المصالحة»، ثم نعطيها الفرصة لتمارس البجاحة، وتحدثنا عن احترام المرأة وحقوق الطفل، بدلًا من أن تدفع ثمن ما مارسته من قتل وإرهاب، وخداع للناس، وتآمر على الوطن؟! أجيبونا.. يرحمكم الله.