رغم تعرضها لحادث... مسنة تصمم على الإدلاء بصوتها على العكاز بقنا    انضباط ونظافة.. محافظ الإسماعيلية يطلق رسائل حازمة من قلب شارع السلطان حسين ( صور )    وزير التموين: توافر السلع الأساسية بالأسواق وتكثيف الرقابة لضمان استقرار الأسعار    أخبار الإمارات اليوم.. محمد بن زايد وستارمر يبحثان الأوضاع في غزة    من المعاهدة حتى مدخل الدولي الساحلي.. بدء أعمال إنارة طريق بورسعيد الإسماعيلية بالطاقة الشمسية    الصحة العالمية: 16 ألف مريض في غزة ينتظرون الإجلاء    العلاقات الأمريكية الصينية.. أين هى وأين تتجه؟    ميليسا فيلمنج: طلبت لقاء بعض اللاجئين السودانيين الذين استضافتهم مصر بسخاء    منظمات المرأة في الدول العربية على حافة الانهيار مع تفاقم خفض التمويل الإنساني.. تفاصيل    بمشاركة ممثلين عن 150 دولة.. مؤتمر ومعرض الحج 2025 يناقش تطوير خدمات ضيوف الرحمن    منتخب مصر لسيدات تنس الطاولة يتوَّج بالميدالية الذهبية في دورة ألعاب التضامن الإسلامي    طلاب مدرسة بالقناطر الخيرية يؤدون صلاة الغائب على ضحايا حادث 3 سيارات    غرفة عمليات الجيزة: لا شكاوى من حدوث تجاوزات في انتخابات مجلس النواب حتى الآن    إصابة 3 من أسرة واحدة بطلقات نارية بسبب خلافات عائلية بطهطا فى سوهاج    أسماء جلال: خوفت من دورى فى السلم والثعبان وثقتى فى طارق العريان حمستنى    من سائق «توك توك» إلى صاحب «سألت كل المجروحين».. معلومات عن المطرب إسماعيل الليثي    مراسل إكسترا نيوز بمطروح: إقبال وزحام أمام اللجان بانتخابات النواب 2025    هل الحسد سبب وفاة إسماعيل الليثى وابنه؟.. عالم أزهري يفجر مفاجأة    الانبا بافلى يدلى بصوته بانتخابات مجلس النواب فى الإسكندرية    طعمها غني أوي.. طريقة تحضير شوربة المشروم لليالي الباردة    فيلم عائشة لا تستطيع الطيران يمثل مصر في المسابقة الرسمية لمهرجان مراكش السينمائي    وكيل أمين الأمم المتحدة: افتتاح المتحف الكبير يعيد الحماس للتعرف على تاريخ مصر    خارجية روسيا تنتقد «بي بي سي» بعد استقالة مديرها العام: زورت الحقائق في أوكرانيا وسوريا    نماذج ملهمة.. قصص نجاح تثري فعاليات الدائرة المستديرة للمشروع الوطني للقراءة    شقيق الفنان محمد صبحي: حالته الصحية مطمئنة ويغادر المستشفى غداً    العمل تسلم 36 عقد توظيف للشباب في مجال الزراعة بالأردن    أول رد من الأهلي على واقعة زيزو ونائب رئيس الزمالك    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    الآثار: المتحف الكبير يستقبل 19 ألف زائر يوميًا    كرة سلة - الكشف عن مواعيد قبل نهائي دوري المرتبط رجال    هيئة الدواء: التطعيمات تساهم في منع نحو 3 ملايين وفاة سنويًا    «حارس النيل» ينطلق من القاهرة قريبا.. أول قطار سياحي فاخر يجوب معالم مصر    تشييع جثماني شقيقين إثر حادث تصادم بالقناطر الخيرية    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    علاء إبراهيم: ناصر ماهر أتظلم بعدم الانضمام لمنتخب مصر    الأربعاء.. فن الكاريكاتير وورشة حكى للأوبرا فى مركز محمود مختار بمناسبة اليوم العالمى للطفولة    انتخابات مجلس النواب 2025.. إقبال كثيف من الناخبين على اللجان الانتخابية بأبو سمبل    تاجيل محاكمه 17 متهم باستهداف معسكر امن مرغم بالاسكندريه    البنك المركزي: ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 12.1% بنهاية أكتوبر 2025    تعرف على مدة غياب كورتوا عن ريال مدريد بسبب الإصابة    الاتحاد الأفريقي يدعو لتحرك دولي عاجل بشأن تدهور الوضع الأمني في مالي    بث فيديو الاحتفال بالعيد القومي وذكرى المعركة الجوية بالمنصورة في جميع مدارس الدقهلية    المفتي: الشائعة زلزال يهز الثقة وواجبنا بناء وعي راسخ يحصن المجتمع من الاضطراب    كشف هوية الصياد الغريق في حادث مركب بورسعيد    بالصور| سيدات البحيرة تشارك في اليوم الأول من انتخابات مجلس النواب 2025    بعد 3 ساعات.. أهالي الشلاتين أمام اللجان للإدلاء بأصواتهم    نفذوا جولات استفزازية.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى    وزير النقل التركي: نعمل على استعادة وتشغيل خطوط النقل الرورو بين مصر وتركيا    ماذا يحتاج منتخب مصر للناشئين للتأهل إلى الدور القادم من كأس العالم    حالة الطقس اليوم الاثنين 10-11-2025 وتوقعات درجات الحرارة في القاهرة والمحافظات    تأجيل محاكمة «المتهمان» بقتل تاجر ذهب برشيد لجلسة 16 ديسمبر    الرعاية الصحية: لدينا فرصة للاستفادة من 11 مليون وافد في توسيع التأمين الطبي الخاص    وزارة الصحة: تدريبات لتعزيز خدمات برنامج الشباك الواحد لمرضى الإدمان والفيروسات    انطلاق قوافل التنمية الشاملة من المنيا لخدمة المزارعين والمربين    جامعة قناة السويس تحصد 3 برونزيات في رفع الأثقال بمسابقة التضامن الإسلامي بالرياض    تنوع الإقبال بين لجان الهرم والعمرانية والطالبية.. والسيدات يتصدرن المشهد الانتخابي    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    شيكابالا عن خسارة السوبر: مشكلة الزمالك ليست الفلوس فقط    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوثائق البريطانية كشفت أن الاحتلال الإنجليزى لمصر لم يكن ممكنا دون الخيانة الداخلية التى تعرض لها عرابى
نشر في التحرير يوم 23 - 11 - 2013

لكن أخطر ما دار على الجبهة الداخلية، وما كشفت عنه الوثائق البريطانية التى أفرج عنها بعد 50 عاما من تلك الأحداث هو الخيانة الداخلية التى غابت عن كثير من مؤرخى الثورة العرابية. ففى الوقت الذى أمر فيه الخديو عرابى فى 17 يوليو بعد استيلاء الإنجليز على الإسكندرية، وبالمخالفة لقراره مع مجلس الوزراء ردا على الإنذار الإنجليزى قبل الضرب، بالكف عن مقاومة الغزو الإنجليزى بعدما انتقل إلى عمل استحكاماته فى كفر الدوار، ولما رفض عرابى الأمر عزله وعين عمر باشا لطفى فى 20 يوليو بدلا منه. أصدرت الملكة فيكتوريا أمرا بتعيين سير جارنت ولسلى (Sir Garnet Wolseley 1833-1913) لخبرته العسكرية الطويلة فى بورما والهند وإفريقيا وحرب القرم، كى يتولى قيادة الحملة على مصر. ولما وصل إلى مصر غيَّر استراتيجية الحملة، وتوجه بها شرقا إلى قناة السويس، التى كان الفرنسيون قد أكدوا لعرابى حيدتها، بصورة لن تستخدمها أى قوة للعدوان على مصر. فى هذا الوقت، وكما اكتشف الشعب المصرى بحدسه الصادق، الذى كانت له قدرته الباهرة على كشف الحقيقة، إذ ظل يردد بأن «الولس كسر عرابى». دارت واحدة من أكبر الخيانات المصرية القذرة، ليست تلك التى نعرفها جميعا عن خيانة الأميرالاى على يوسف خنفس لجيشه، وإنما خيانة أفدح وأشد تأثيرا. فقد كشفت الوثائق البريطانية ذاتها، أن نجاح بريطانيا فى احتلال مصر ما كان ممكنا دون هذا «الولس» أى الخيانة الحقيرة. فهناك ملف مذهل فى مكتب المحفوظات البريطانية العامة Public Record Office يكشف عن كثير من وقائع ما جرى، وأدعو المؤرخين إلى ترجمة كل وثائقه. فبه وثيقة سرية من وثائق الخارجية البريطانية تحمل الرقم (F.O. 141/160 N104) أرسلها سير إدوارد ماليت، قنصل بريطانيا فى مصر وقتها، والذى لعب دورا خطيرا فى عملية احتلال مصر، ورقشت بريطانيا اسمه فى خريطة عاصمتها، حينما سمت شارعا صغيرا خلف المتحف البريطانى باسمه، كى تظل سيرته حيّة فى ذاكرة بلاده. وقد بعث بها من الإسكندرية يوم 23 أغسطس 1882 إلى سير جارنت ولسلى قائد الحملة البريطانية التى جاءت لاحتلال مصر، وفى أثناء عملية تحول المعارك الاستراتيجية من الجبهة الغربية التى فشل الإنجليز فى إحداث أى تقدم بها، إلى الجبهة الشرقية، التى أكد ديليسبس نفسه لعرابى استحالة أن يستخدمها الإنجليز، يبلغه فيها حرفيا:
«يرغب الخديو أن يلحق بكم -بصفة مندوبين مدنيين- على باشا مبارك المعين وزيرا للأشغال العمومية، وسلطان باشا رئيس مجلس شورى النواب، وستكون مهمتهما استمالة الأهالى حينما يتقدم الزحف، وإعطاء معلومات عن سلطة ومنزلة الأشخاص الذين يأتون إليكم فى ظل البيان الخاص بعصيان عرابى، وكلاهما رجل كبير الشأن والتأثير فى البلاد، وأرى أن هذا الاقتراح اقتراح وجيه، فهل توافق على إرسالهما؟» ثم برقيتان بالشفرة من نفس القنصل الرهيب فى 28 أغسطس 1882 إلى الأميرال سيمور، وإلى نائب الأميرال سير فرانسيس سولوين يوصيهما خيرا بسلطان باشا مندوب الخديو، ويرجو تيسير وصوله إلى الإسماعيلية فى أسرع وقت (وثيقتان: 141/160 N118 & N119 F.O) ثم نص رسالة التوصية التى حملها سلطان بيده من مالت إلى ولسلى، وهى أيضا بتاريخ 28 أغسطس: «سوف يسلمك هذه الرسالة سلطان باشا رئيس مجلس شورى النواب الذى عينه جناب الخديو مندوبا مدنيا ليصحب سعادتكم فى زحف الجيش على القاهرة. وإذ أوصى سعادتكم بإيلاء سلطان باشا آيات كرمكم، فإننى لست بحاجة إلى إطالة الحديث عن خدماته، أو تذكير سعادتكم بما أبدى من الوطنية، بوصفه رئيس مجلس النواب، فى مناصرة الخديو. وفى معيته فريد باشا مدير الشرقية سابقا، وزكى بك أحد رؤساء تشريفات الخديو ليقوم بالترجمة، وستة سكرتيرين، وستة قواسين» (F.O. 141/160 N120).
وما يؤلمنى فى هذا كله ليست خيانة محمد سلطان باشا، وهو الإقطاعى الذى كون ثروته بالتجارة فى الحشيش وخيانة ثوار المنيا الأوائل حينما كان مجرد أفندى يعمل فى أبعديات السراى، وبيعهم للخديو إسماعيل مقابل إقطاعه أبعديات المنيا له، مع أنه كان من الذين تصدروا الحزب الوطنى الذى أسسه عرابى، ومن الذين تزعموا خيانته أيضا. ولكن انضمام مثقف مصرى مرموق، هو على مبارك الذى كان له فضل إدخال لفظة المواطن ومفهوم المواطنة إلى اللغة العربية، فى الوقت الذى لم يستطع فيه رفاعة رافع الطهطاوى (الذى عمل حفيده فى مكتب محمد مرسى) أن يعثر على كلمة ثورة، ليصف بها ما شاهده بأم عينيه وهو فى فرنسا عام 1830. وهى واحدة من أبرز حلقات الثورة الفرنسية التى عمّدت بالدم مفهوم الحرية، ولا تزال أسماء شهداء أيامها الثلاثة مرقوشة بماء الذهب فى عمود الباستيل الشهير وسط باريس، فدعاها بالفتنة على أولى الأمر. ألا يذكرنا هذا كله بما يدور فى مصر هذه الأيام، وبتصدر جعجعات من قالوا بأن الخروج على أولى الأمر فتنة، لمنصة الحديث باسم الثورة الجديدة الآن وهم يجهضونها عن طريق الحديث باسمها؟!
فهل ثمة أمل فى أن تنتصر ثورة بعد كل تلك الخيانات؟ هذا ما سنتعرف عليه عندما نصحب عرابى فى رحلته إلى سرنديب فى المقال القادم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.