كلنا بشر نصيب ونخطىء، لكن هناك فئات يفرض عليها عملها ضرورة قصوى لحفظ الوقار والهيبة والنجاة بالنفس من موضع الشبهات، ولعل أكثر تلك الفئات تحفظًا هم القضاة، بحكم مواقعهم فى تحكيم شئون الناس والفصل فى قضاياهم، بما يمثل صدمة حال ضبط أحدهم فى موضع شبهة، أو متلبسًا باركاب جريمة ما، وكان آخرهم قاضى تم ضبطه بحوزته 68 كيلو من مخدر الحشيش. رفع الحصانة عن "قاضى الحشيش" وحبسه بالأمس أعلنت الأجهزة الأمنية القبض على رئيس محكمة جنح مستأنف بالشرقية، بنفق الشهيد أحمد حمدي وبحوزته 68 كيلو حشيش كانت مخبأة داخل سيارته قادما من شبه جزيرة سيناء ، وأحيل للنيابة وخضع للتحقيق بعد رفع الحصانة عنه، وقررت النيابة حبسه. والقاضى تم ضبطه مصادفة بسبب كلاب التفتيش، ففى سياق تشديد الإجراءت على المعديات ونفق الشهيد أحمد حمدي، الرابط بين سيناء والسويس، تزامنا مع دعوات التظاهر في 11 نوفمبر، وأوامر بتوسيع دائرة الاشتباه وفحص جميع السيارات العابرة للنفق خاصة القادمة من المنفذ الشرقى باستخدام الأجهزة الحديثة للكشف عن المفرقعات والكلاب البوليسية المدربة، تم ضبط مستشار رئيس محكمة بمحافظة الشرقية خلال عبوره النفق وبحوزته كمية كبيرة من مخدر الحشيش وزنت 68 كيلو. وتبين أن القاضي يشغل منصب رئيس محكمة جنح مستأنف ، قد خرج من شبه جزيرة سيناء وبحوزته المواد المخدرة التي أخفاها في سيارته، وأثناء فحص السيارات المارة عبر النفق، ظهرت علامات الخوف والارتباك على سائق أحد السيارات بعدما نبح الكلب المدرب على السيارة، واعترض طريقها، وبتفتيشها عثر على كمية بلغت 68 كيلو حشيش. "مدان" حتى تثبت براءته يؤكد الخبير القانونى ياسر سيد أحمد، على وجوب التشدد مع القضاة أو رجال القانون بصفة عامة، حال مخالفتهم القانون، حتى يكونوا عبرة لغيرهم، ويجب عدم التهاون معهم أو مجاملتهم أو حتى إعمال القاعدة القانونية الأصيلة بأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، بل يجب العكس إذا كان المتهم فى موضع مسؤلية حساس، حيث يجب التدقيق بشأنه والتعامل معه على أنه مدان حتى تثبت براءته. وأشار المحامى إلى أن الشبهة حول قاضى تسيء إلى جهة عمله، بما يوجب على رجال القضاء الترفع عن الشبهات تمامًا، ناهيك بمن يضع نفسه فى موضع اتهام جازم بحيازة كمية كبيرة من المخدرات داخل سيارته وضبطه متلبسًا بها، فى حالة تلبس. وقال المحامى إنه لا يجوز تفتيش مواطن سواء كان قاضى أو غيره، إلا بإذن مسبق من النيابة العامة، لكن ذلك لا يسرى على حالات التلبس، فهذه ليس فيها حصانة سواء قاضى أو نائب برلمانى أو وزير أو أيًا من كانت صفته ومنصبه، خاصة إذا كان التفتيش تم فى سياق إجراء قانونى متبع وله مبرره، وهو ما ينطبق على الواقعة الأخيرة، إذ أن كلاب الحراسة ارتابت فى سيارة القاضى ونبحت عليها بما استوجب تفتيشها حتى تم بالفعل العثور على المخدرات بها، وهو أمر لا يمكن معه لأى أحد أن يشكك فى سلامة الإجراءات ليتحصل على البراءة مستغلًا شكليات القانون وثغراتها. موقف القضايا عن التشكك فى الأحكام التى سبق وأصدرها قاضى متهمًا، أكد المحامى ياسر سيد أحمد على أن ذلك أمر لا يجب التوسع والخوض فيه، خاصة أن القاضى لا يحكم منفردًا حتى لو كان رئيسًا لدائرة قضائية، وإنما بعاونه فى الحكم قاضيان آخران، مشيرًا إلى أن القاضى المقبوض عليه مؤخرًا صغير فى السن، ولم يبلغ درجة مستشار وهو رئيس لمحكمة جنح مستأنف، ولم ينظر قضايا مخدرات ولم يفصل فيها، كما أنه متهمًا بجلب المخدرات وعلى الفرض جدلًا أن قاضى يتورط فى أمور معينة سيقضى ببراءة من هم متورطين مثله، وإن حدث ذلك على سبيل الفرض فإن أحدًا لن يكون متضررًا. وتابع المحامى: أنه بالرغم من الاتفاق على وجوب عدم التوسع فى التشكيك بقاضى متهم حتى ينل الأمر من القضايا التى كان ينظرها، إلا أن القانون يجعل كل صاحب قضية وشأنه، إن تضرر أحدًا من ذلك القاضى فيظل له حق التقدم بشكوى أو بلاغ يسرى عليه القانون.