«خبل المصالحة مع المخبولين، هو الذى وضع فى رأس مسؤول مصرى حالى، فكرة الالتجاء إلى الدكتور كمال أبو المجد.. الداعية الإخوانى نصف المستتر، لكى يجمع رأسين فى الحرام: شعب مصر وعصابات الإرهاب! كفاكم جنونًا.. كفاكم خبلًا وتخبُّطًا. المصيبة أن هذا الوسيط يمكن أن يبيعنا ويبيع الإرهابيين فى نفس الوقت.. لأن راسبوتين المعاصر ثنائى القوى! باختصار.. حذار!».. أنتهى كلام الأستاذ راجى عنايت. ولا تعليق. الجيش يدرك طبيعة هذه الحرب ويدرك خطورتها خصوصًا بعد استهداف سفن قناة السويس بصواريخ، وشل السياحة، وتعطيل قرض صندوق النقد، وتحريض الغرب على الجيش، ومحاولة وقف المعونات الغربية، وتمويل وتسليح وتهريب الإرهابيين إلى عمق سيناء، وشل الطرق، وتعطيل المؤسسات، وتخويف وإرهاب المسؤولين، والتلويح بالاغتيالات للشخصيات العامة، إلخ. المشكلة والعقبة تتمثل فى بعض القيادات السياسية المدنية وبعض أنصار الإخوان داخل النظام الذين يسعون لتشتييت الرأى العام والجيش وأجهزة الدولة بمثل هذه المبادرات فى الوقت الذى يصعدون هم فيه حربهم بكل الطرق. إن تطويل فترة الفوضى والمعاناة يكمن فى إمساك العصا من المنتصف أو سياسة اليد الرخوة أو الجرى وراء أوهام المصالحة أو خوف بعض السياسيين على أنفسهم من الإخوان وتنظيمهم أو الاستماع إلى الطابور الخامس داخل مصر الذى يعمل لصالح المحور الإخوانى الدولى. وهناك مجموعة أخرى متوهمة بأن المصالحة كفيلة بحقن الدماء، هذا الكلام هو وهم كبير، وقد رأينا أن مصر لم تعِش فى هدوء إلا عندما تم قمع الإخوان عقب اغتيال النقراشى باشا وعقب محاولة اغتيال عبد الناصر، وأن السادات الذى أفرج عنهم وأعادهم إلى مصر قتلوه، ومبارك الذى هادنهم أسقطوه، وأن الجماعات الجهادية اخترعت مبادرة وقف العنف عندما هزمتها قوات الشرطة المصرية فى عهد مبارك، ولكن عندما عاد مرسى اتضح أنهم لم ينبذوا العنف وأنما كانت مبادرتهم تقيَّة من مهزومين، فإيمان كل تيار الإسلام السياسى بالعنف هو إيمان عقَدِىّ لا يتزعزع، وهدف أسقاط الدول لإحياء الخلافة هدف أساسى مشترك لجميعهم.ولنتذكر أن الإخوان عقب أغتيال النقراشى ومواجهة الدولة لهم كانوا يتخفون فى زى النساء، وعقب صدامهم مع عبد الناصر هربوا إلى الخارج، أما حاليا فهم يواجهون الدولة ويحاولون إسقاطها، لا لأنهم أقوياء، ولكن لأنهم يستقوون بمحور إخوانى دولى يخطط ويمول ويغذّى ويعطى الأوامر لهذه الحرب. المسألة إذن واضحة، إنها الحرب، ولا طريق للفوز بها إلا المواجهة الشاملة القوية، ولن يشكم هؤلاء سوى سيف الشرعية وقوة القانون وحسمه وسرعته ولو تم استخدام القانون الاستثنائى، فالحرب على هذا الإرهاب الدولى الواسع يلزمها سلطات استثنائية وقوانين استثنائية، يحدث ذلك فى أعرق الديمقراطيات، ولا ننسى قانون الوطنية فى أمريكا الذى صدر عقب أحداث 11 سبتمبر الذى وفقا لوزارة الأمن الداخلى ساهم فى تجنيب أمريكا عشرات الحوادث الإرهابية. ولا ننسى كذلك مدى الصعوبة فى أثبات الإرهاب بأدلة قاطعة أمام القاضى الطبيعى، فكل قادة تنظيم القاعدة سيخرجون براءة لو تمت محاكمتهم أمام القاضى الطبيعى، فالعقول الثعبانية ترتكب أفظع الجرائم دون ترك أدلة قاطعة، وفى حين تشير أصابع الجميع إلى الفاعل لا يستطيع القاضى إثبات ذلك قانونيا.. الحرب التى تقودها مصر حاليا تحتاج إلى تفكير جديد وأدوات جديدة وطرق جديدة للمواجهة وتعبئة عامة ويقظة مجتمعية وتماسُك المجتمع خلف دولته وجيشه، وقبل كل ذلك نحتاج إلى الاعتراف بأنها حرب حقيقية وخطيرة، وقد تمتد إلى سنوات طويلة إن لم نسارع بمواجهتها بكل الأسلحة الممكنة.