مسؤول عسكرى مصرى ل«نيويورك تايمز» عن مظاهرات الإخوان: ما حدث كان ابتزازا بالإرهاب مراقبون: استمرار أزمة الإغلاق الحكومى و«الشلل السياسى» بواشنطن سيدفع الجمهوريون ثمنه باهظا فى انتخابات الكونجرس عام 2014 مصر بمواجهاتها الدموية وتفجيراتها المقلقة عادت من جديد على شاشة رادار الاهتمام الأمريكى. مشاهد القتلى والجرحى والدمار والدخان سيطرت على التقارير التليفزيونية المتتالية القادمة من مصر على شاشات التليفزيون الأمريكى. وصور وتفاصيل المواجهات الأمنية احتلت الصفحات الأولى من «نيويورك تايمز» و«واشنطن بوست» فى اليومين الماضيين. الخارجية الأمريكية من جانبها أكدت من جديد أنها تتابع الأحداث وتراقب الموقف عن كثب وباهتمام وأنها تدين أعمال العنف. وذكرت مارى هارف نائبة المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية فى تصريحاتها للصحفيين عقب الإيجاز اليومى بأن الخارجية تسعى للحصول على المزيد من التفاصيل حول ما جرى ويجرى فى اليومين الأخيرين. و«الحصول على المزيد من المعلومات والتفاصيل» بالمناسبة هو التعبير المستخدم عادة عندما تتزايد الأحداث تلاحقا ويشتد التوتر حدة وبالتالى تزداد الأمور تعقيدا وتشتد الحاجة إلى تفاصيل أكثر من أجل معرفة أو إلمام بالأمر أشمل وصورة أكمل. صحيفة «نيويورك تايمز» «المعروفة بمساندتها القوية لجماعة الإخوان المسلمين» اهتمت بنشر تفاصيل ما وصفته ب«المواجهة المتصاعدة» وأيضا «المأزق الدموى» بين «الحكومة» و«معارضيها الإسلاميين». وذكرت الصحيفة أن توسع الهجمات ضد أهداف حكومية يشير إلى أن السلطات فشلت فى ضمان أمن الشوارع وأن الطرفين يرفضان التراجع عن موقفهما. وزعمت الصحيفة فى تقريرها المطول من القاهرة والمنشور أمس على صفحتها الأولى إلى أن بعد مرور ثلاثة أشهر على الإطاحة بمرسى الإخوان فإن العنف الذى حدث لهو دليل آخر على أن الحكومة الجديدة التى تم وضعها يوم 3 يوليو من جانب الجنرال السيسى فشلت فى إبطال فاعلية المعارضة الإسلامية حتى بعد أن تم القبض على قياداتها وأبدت (الحكومة) استعدادها لاستعمال القوة القاتلة. وإن الأمر بالنسبة للكثيرين فى الحكومة بأن المظاهرات والهجمات تبدو أنها فقط تؤكد الحاجة إلى مضاعفة معركتها ضد الإخوان، التى اتهمها المسؤولون وبسرعة بأنها كانت وراء هجمات أول من أمس الإثنين. ونقلت الصحيفة عن أحد المسؤولين العسكريين المصريين قوله بأن «ما حدث كان ابتزازا بالإرهاب». كما أنها أشارت إلى الاعتقاد العام السائد أن ما حدث كان عملا إرهابيا قام به إسلاميون غاضبون من الإطاحة بمرسى. أما بالنسبة «للمعارضة الإسلامية» فترى «نيويورك تايمز» بأن الإقبال الأكثر على المظاهرات يوم الأحد رغم ما يواجهونه من مواجهة أمنية أكد أصرار الحركة «المضادة للانقلاب» وذلك على الرغم من عدم وجود قيادة واضحة. و«نيويورك تايمز» فى وصفها للمشهد المصرى تجد «المأزق الدموى» الذى وصلت إليه مصر فى الوقت الحاضر مع «عدم خضوع الإسلاميين» للواقع الجديد. وأن الأمور تزداد تعقيدا والمواجهة تشتد حدة. ولا شك أن أهل واشنطن فى مراقبتهم للوضع المصرى المتوتر سيتابعون فى الأيام المقبلة تطورات وتقلبات الموقف «لحظة بلحظة» والخوف والقلق تجاه استقرار مصر لم يتغير ولم يتبدل، كما أن قيام السلطات المصرية بتحقيق ذلك الهدف هو المطلوب والمرتقب والمأمول والمنتظر أيضا. وفى العاصمة الأمريكية أيضا عادت مواجهة الإرهاب ومطاردة الإرهابيين من جديد إلى المشهد الأمريكى أخيرا مع العمليتين العسكريتين اللتين قامت بهما قوات أمريكية خاصة فى كل من ليبيا والصومال. وواشنطن لم تكشف بعد التفاصيل الكاملة للعمليتين وإن كانت المتحدثة باسم الخارجية فى رد على سؤال حول المدلول السياسى لهذه الخطوة ومدى ارتباطها بالإغلاق الحكومى الذى تشهده واشنطن استبعدت هذه التفسيرات والتحليلات قائلة: «إن توقيت مثل هذه العمليات مرتبط بتحقيق أهداف العملية ولم تؤخذ فى الاعتبار حسابات أخرى». كما أنها رفضت تماما ما ورد فى سؤال صحفى من إشارة تربط بين ما يفعله الأسد كمواجهة مع الإرهاب والقاعدة وما تفعله واشنطن وحربها ضد القاعدة. وفى رد عن مصير «أبو أنس الليبى» الذى تم اعتقاله فى ليبيا ونقله إلى مكان آخر وهل سيتم وضعه فى جوانتانامو قالت المتحدثة باسم الخارجية: «موقف الإدارة من جوانتانامو واضح. وهدفنا ليس زيادة عدد من هم هناك، بل تخفيض عددهم. وهذا ما فعلناه. وسياستنا ليست أى معتقل جديد إلى جوانتانامو». وأمام كل التحديات الخارجية التى تواجهها واشنطن سواء فى إيران أو سوريا أو مصر أو العراق أو آسيا أو حتى أوروبا حذر الكثيرون من أهل واشنطن مما يحدث لمصداقية أمريكا ونفوذها وتأثيرها ووجودها وتفاعلها وكلمتها جراء ما تشهده واشنطن من مأزق سياسى وإغلاق حكومى و«طريق مسدود» هذه الأيام. والمشهد فى واشنطن فى الأسبوع الثانى من الشلل السياسى لم يتغير كثيرا عما شهدناه فى الأيام الماضية، خصوصا أن حالة الاستقطاب تزداد حدة، وتبادل اللوم لم يتوقف وإن كان الوصول إلى الطريق المسدود (والتمسك به) ليس من مصلحة أى طرف. والغضب الجماهيرى يزداد انتشارا كما أن الانقسام داخل صفوف الحزب الجمهورى لم يعد بالأمر الخفى أو الأمر الذى يمكن تفادى التعامل معه أو التغاضى عنه باعتباره «شدة وتزول» أو «ضرورة سياسية من أجل شل حركة الرئيس الديمقراطى». من يقرؤون الطالع (وأيضا النازل) فى السياسة الأمريكية لا يترددون للحظة فى القول خصوصا فى الوقت الحالى بأنه كلما امتدت المواجهة وطال الإغلاق الحكومى ومعه «الشلل السياسى» فإن الثمن الذى سيدفعه الجمهوريون فى انتخابات الكونجرس عام 2014 سيكون باهظا.. وربما مدمرا. وهذا ما يقوله أيضا الكثير من الجمهوريين المحنكين والعارفين بأمور السياسية وشؤون واشنطن. وهم لا يترددون فى القول إن «التطرف الآتى» من السناتور تيد كروز وحزب الشاى أو فلنقل 30 أو 40 عضوا من الجمهوريين «شق انقساما بين صفوف الحزب نفسه» ومع مرور الأيام وتفاقم الشلل قد يجلب الأهوال، وقد يخسر جون بينر رئيس مجلس النواب مع انتخابات 2014 منصبه ومركزه ونفوذه وربما حياته السياسية. مثلما حدث فى الإغلاق الحكومى السابق (عام 1996) مع نيوت جنجريتش الذى قاد ما سمى فى عام 1994 «ثورة الجمهوريين» من أجل استعادة أمريكا «التى أضاعها بيل كلينتون» (كما كان يقال حينئذ). وبالطبع فى المقابل يرى البعض أن هذا لا يقلل من خطأ أوباما (المعتاد!) فى عناده أو فى عدم إظهار مرونة سياسية وتقديم بعض التنازلات من أجل «حلحلة» المواجهة والخروج من الأزمة. ولا يتردد أغلب السياسيين والمعلقين فى القول والتذكير بأن «السياسة هى فن الممكن وليست التمسك الدائم أو التشبث الكامل بالمستحيل». ومثلما تتابع واشنطن وتراقب باهتمام وقلق ما يحدث فى مصر ودول أخرى تشهد التوتر والمواجهات والاستقطاب فإن العالم بلا شك يتابع ويراقب باهتمام وقلق ما تشهده واشنطن من شلل سياسى و«مناطحات حزبية» و«طريق مسدود» و«مأزق له تداعياته».. والكل يتخوف من تبعات أخطاء «أهل واشنطن» وعنادهم وتهورهم!!