شنت أوساط إعلامية مغربية هجوما على مصر بعد استقبالها مؤخرا وفدا عن جبهة البوليساريو؛ وهي الجبهة التي تطالب باستقلال الصحراء الغربية من أيدي المغرب، وقال الإعلامي المغربي ناصر عبد الصمد على حسابه الألكتروني بموقع "تويتر" : "استقبال مصر لأعضاء من الجبهة الانفصالية خطوة استفزازية للمغرب"، مضيفا "أترقب رد المغرب على الخطوة الاستفزازية من طرف مصر التي استقبلت وفدا من جبهة البوليساريو للمشاركة في مؤتمر البرلمان العربي الإفريقي". بدورها قالت صحيفة "بوابة الشروق" الألكترونية المغربية "سمحت الحكومة المصرية، في خطوة سابقة من نوعها، بمشاركة وفد من "البوليساريو" ممثلا لبرلمان الصحراء الغربية في أشغال المؤتمر البرلماني العربي الإفريقي بشرم الشيخ". وأضافت أن هذه المشاركة أثارت الغضب في الرباط؛ موضحا أنه" ما زاد من صدمة البلاط المغربي، هو نص إعلان شرم الشيخ، الصادر في ختام الجلسة المشتركة للبرلمان العربي وبرلمان عموم إفريقيا الاثنين الماضي، والذي أكد على دعم ومساندة حق الشعوب في تقرير مصيرها، والعيش في سلام طبقًا لمبادئ القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية وقرارات الأممالمتحدة" حسب نص الإعلان الصادر عن المؤتمر. ولفتت إلى أن "خطوة استقبال مصر لوفد البوليساريو، يأتي رغم تأكيد أكثر من مسؤول دبلوماسي مصري ومغربي عن متانة العلاقات بين البلدين، كان آخرها الحفل الذي حظي به محمد سعد العلمى سفير المغرب في مصر بمناسبة انتهاء مدة انتدابه بحضور مسؤولين مصريين، بل تزامن مع ترويجات عن حملة تقودها القاهرة لإدماج المغرب في هياكل الاتحاد الأفريقي". وبعنوان "مرة أخرة مصر تطعن المغرب وتستقبل وفدا عن جبهة البوليساريو الوهيمة"، وصف موقع "خبر بريس" المغربي الأمر بأنه "خُطوة إستفزازية جديدة من القاهرة"؛ لافتا إلى أن "الوفد الوهمي أجرى عددا من اللقاءات والأنشطة على هامش أعمال المؤتمر، وشارك في الجلسة المشتركة بين البرلمانيْن العربي والأفريقي، حيث وُضعت لافتة كتب عليها (الجمهورية الصحراوية)". وقالت إن "الوفد حظي برعاية خاصة من طرف رئيس البرلمان المصري علي عبد العال، والتقى أيضا عددا من البرلمانيين المصريين". أما موقع "اليوم 24" المغربي فشارك على خط الهجوم ضد القاهرة بعنوان "الرباط تنتظر توضيحا من مصر بعد استقبالها وفدا من البوليساريو"؛ موضحا أن "موجة من الغضب تسود السلطات العليا بالرباط بعد استقبال مصر، بشكل رسمي، لوفد من جبهة البوليساريو الانفصالية"، ونقل الموقع عما أسماه "مصادر عليمة" قولها إن "الرباط نقلت غضبها العارم لسلطات القاهرة و تنتظر ردا على هذا الاستفزاز" وبعنوان "مصر تلعب بالنار وتصعد التوتر مع المغرب" قال موقع "المغرب 24" الإخباري إن المراقبين للمشهد وصفوا هذه الخطوة من جانب القاهرة ب"استفزاز للمغرب"؛ موضحا أن الوفد الانفصالي "استقبل من طرف رئيس البرلمان المصري علي عبد العال، كما حظي باستقبال من طرف بعض رؤساء البرلمانات الإفريقية الموالية للجبهة". من جانبها قالت صحيفة "لكم المغربية" أن "خطوة استقبال القاهرة لوفد البوليساريو تأتي في ظل التقارب الكبير الذي ميز علاقات الرباط وعدد من دولِ الشرق الأوسط، إلى جانب عودة المغرب القوية للساحة الإفريقية، بحيث باتت القاهرة تلعب على ورقة افتعال الأزمات؛ لإرسال رسالة للخليج والمغرب، مفادها أن مصر لن تقبل بقيادة جديدة لإفريقيا، وترفض أي توافق استراتيجي يهدد مصالحها في المنطقة". ونقلت الصحيفة عن مراقبين قولهم "توقيت الخطوة المصرية مهم للغاية؛ فهو يأتي عقب الانتخابات البرلمانية في المغرب التي فاز بها الإسلاميون، ومعروف أن مصر لها موقف سلبي من الإسلام السياسي بشكل عام ومن الإخوان بشكل خاص"، وأضافوا أن "الخطوة تأتي أيضا في ظل تعقيدات المشهد الليبي ورغبة القاهرة في لعب دور داعم للقائد العسكري خليفة حفتر، وهو دور تتحفظ عليه الجزائر"، لافتين إلى أنه "من شأن استقبال القاهرة للبوليساريو القريبة من الجزائر تقليل أي تصادم بين القاهرةوالجزائر في ليبيا". بدوره قال عبد الفتاح الفاتجي -أكاديمي متخصص بقضايا الساحل والصحراء - إن "إقدام مصر على السماح للبرلمان الصحراوي التابع لجبهة البوليساريو، التي يعتبرها المغرب دولة وهمية ، في أعمال المؤتمر البرلماني العربي الإفريقي بشرم الشيخ، هو سلوك معاد للوحدة الترابية للمملكة المغربية". وأضاف في تصريحات لموقع "هافنجتون بوست" الأمريكي أن "الموقف المصري من شأنه أن يؤثر كثيراً على مستقبل العلاقات بين البلدين، لاسيما أن مصر وبكل تأكيد تستوعب حجم تداعيات موقفها هذا على مستقبل البلدين"، لافتا إلى أن الأمر "سيلقى ردود فعل جد غاضبة من الجانب الشعبي والرسمي على حد سواء، وهو ما يضع علاقات البلدين على كفّ عفريت". يذكر أنه خلال تقديم المغرب طلبا للعودة لمنظمة الاتحاد الإفريقي، وقعت مجموعة من الدول على طلب تعليق مشاركة البوليساريو في جميع هياكل الاتحاد الإفريقي، ولم تكن القاهرة من الدول الموقعة على الطلب. وعلق وقتها إيهاب جمال الدين -السفير المصري بالمغرب - في ظل استياء المغرب من عدم توقيع القاهرة بأن مصر "تأمل في رؤية المغرب مستعيدًا دوره ضمن الأسرة الإفريقية في أقرب الآجال"، مشيرًا إلى "وجود تنسيق دائم بين المغرب ومصر حول هذا الموضوع وغيره من الأمور التي تهم البلدين والشعبين الشقيقين"، كما عبر السفير في تصريحه لوكالة الأنباء المغربية الرسمية عن ترحيب بلاده وتأييدها الكامل لرغبة المغرب في العودة إلى منظمة الاتحاد الإفريقي.