الكنائس الأرثوذكسية الشرقية تجدد التزامها بوحدة الإيمان والسلام في الشرق الأوسط من القاهرة    إسرائيل تواصل تصعيدها.. استشهاد 171 فلسطينيا في قطاع غزة    طقس اليوم: حار نهارا معتدل ليلا.. والعظمى بالقاهرة 32    الجرافات الإسرائيلية تهدم سور المستشفى الإندونيسي في قطاع غزة    موعد مباراة ليفربول وبرايتون في الدوري الإنجليزي.. القنوات الناقلة والمعلق    سعر الدولار أمام الجنيه الإثنين 19-5-2025 في البنوك    بعد فرز الأصوات.. رئيس بلدية بوخارست دان يفوز بانتخابات الرئاسة    المجلس الرئاسي في ليبيا يشكل لجنة هدنة بدعم أممي    تفاصيل حرائق مروعة اندلعت فى إسرائيل وسر توقف حركة القطارات    الأغنام والماعز.. أسعار الأضاحي 2025 في أسواق الشرقية (فيديو)    منافس الأهلي.. إنتر ميامي يتلقى خسارة مذلة أمام أورلاندو سيتي    سعر الذهب في مصر اليوم الاثنين 19-5-2025 مع بداية التعاملات    عمرو دياب وحماقي والعسيلي.. نجوم الغناء من العرض الخاص ل المشروع x    هل هناك فرق بين سجود وصلاة الشكر .. دار الإفتاء توضح    اليوم.. الرئيس السيسي يلتقي نظيره اللبناني    من بين 138 دولة.. العراق تحتل المرتبة ال3 عالميًا في مكافحة المخدرات    بتهمة فعل فاضح، حجز حمادة عزو مشجع مالية كفر الزيات    خلل فني.. ما سبب تأخر فتح بوابات مفيض سد النهضة؟    نجل عبد الرحمن أبو زهرة يشكر للرئيس السيسي بعد اتصاله للاطمئنان على حالة والده الصحية    شيرينجهام: سأشجع الأهلي في كأس العالم للأندية    طريقة عمل صوابع زينب، تحلية مميزة وبأقل التكاليف    تأجيل محاكمة المتهمين بإنهاء حياة نجل سفير سابق بالشيخ زايد    فرنسا تطالب إسرائيل بالسماح بدخول المساعدات لقطاع غزة بشكل فوري وواسع دون أي عوائق    تعرف على موعد طرح كراسات شروط حجز 15 ألف وحدة سكنية بمشروع "سكن لكل المصريين"    تحرير سعر الدقيق.. هل سيكون بداية رفع الدعم عن الخبز؟    على فخر: لا مانع شرعًا من أن تؤدي المرأة فريضة الحج دون محرم    مصرع شخص وإصابة آخر في حادث تصادم أعلى كوبري الفنجري    ملف يلا كورة.. أزمة عبد الله السعيد.. قرارات رابطة الأندية.. وهزيمة منتخب الشباب    ترامب يعرب عن حزنه بعد الإعلان عن إصابة بايدن بسرطان البروستاتا    الانَ.. جدول امتحانات الترم الثاني 2025 بمحافظة المنيا ل الصف الثالث الابتدائي    محمد رمضان يعلق على زيارة فريق «big time fund» لفيلم «أسد».. ماذا قال؟    بعد إصابة بايدن.. ماذا تعرف عن سرطان البروستاتا؟    نجل عبد الرحمن أبو زهرة لليوم السابع: مكالمة الرئيس السيسي لوالدي ليست الأولى وشكلت فارقا كبيرا في حالته النفسية.. ويؤكد: لفتة إنسانية جعلت والدي يشعر بالامتنان.. والرئيس وصفه بالأيقونة    تعرف على موعد صلاة عيد الأضحى 2025 فى مدن ومحافظات الجمهورية    شيكابالا يتقدم ببلاغ رسمي ضد مرتضى منصور: اتهامات بالسب والقذف عبر الإنترنت (تفاصيل)    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    أحكام الحج والعمرة (2).. علي جمعة يوضح أركان العمرة الخمسة    تقرير التنمية في مصر: توصيات بالاستثمار في التعليم والصحة وإعداد خارطة طريق لإصلاح الحوكمة    مصرع شابين غرقا أثناء الاستحمام داخل ترعة بقنا صور    قرار تعيين أكاديمية «منتقبة» يثير جدلا.. من هي الدكتورة نصرة أيوب؟    رسميًا.. الحد الأقصى للسحب اليومي من البنوك وATM وإنستاباي بعد قرار المركزي الأخير    القومى للاتصالات يعلن شراكة جديدة لتأهيل كوادر مصرفية رقمية على أحدث التقنيات    في أول زيارة رسمية لمصر.. كبير مستشاري الرئيس الأمريكي يزور المتحف المصري الكبير    البابا لاوون الرابع عشر: العقيدة ليست عائقًا أمام الحوار بل أساس له    مجمع السويس الطبي.. أول منشأة صحية معتمدة دوليًا بالمحافظة    حزب "مستقبل وطن" بسوهاج ينظم قافلة طبية مجانية بالبلابيش شملت الكشف والعلاج ل1630 مواطناً    وزير الرياضة يشهد تتويج جنوب أفريقيا بكأس الأمم الإفريقية للشباب    بتول عرفة تدعم كارول سماحة بعد وفاة زوجها: «علمتيني يعنى ايه إنسان مسؤول»    أحمد العوضي يثير الجدل بصورة «شبيهه»: «اتخطفت سيكا.. شبيه جامد ده!»    أكرم القصاص: نتنياهو لم ينجح فى تحويل غزة لمكان غير صالح للحياة    ننشر مواصفات امتحان مادة الرياضيات للصف الخامس الابتدائي الترم الثاني 2025    دراما في بارما.. نابولي يصطدم بالقائم والفار ويؤجل الحسم للجولة الأخيرة    تعيين 269 معيدًا في احتفال جامعة سوهاج بتخريج الدفعة 29 بكلية الطب    بحضور رئيس الجامعة، الباحث «أحمد بركات أحمد موسى» يحصل على رسالة الدكتوراه من إعلام الأزهر    الأهلي ضد الزمالك.. مباراة فاصلة أم التأهل لنهائي دوري السلة    مشروب طبيعي دافئ سهل التحضير يساعد أبناءك على المذاكرة    البابا لاون الثالث عشر يصدر قرارًا بإعادة تأسيس الكرسي البطريركي المرقسي للأقباط الكاثوليك    ما لا يجوز في الأضحية: 18 عيبًا احذر منها قبل الشراء في عيد الأضحى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خرافة توجيه ضربة عسكرية أمريكية لمصر طارق الحريري
نشر في التحرير يوم 06 - 09 - 2013

تنفيذ ضربة نوعية وذات طبيعة خاصة ومحدودة ضد مصر قائم نظريا وشكليا لكنه غير قابل للتنفيذ واقعيا
أمريكا تعى أن الرد سيكون بإلغاء التسهيلات الممنوحة للقوات الأمريكية وهو ما يؤثر على قدرتها فى المناورة الاستراتيجية
طالبت وناشدت واستحثت بعض القيادات من جماعة الإخوان المسلمين الولايات المتحدة الأمريكية بالتدخل لإعادة الجماعة المشبوهة -التى لفظتها الإرادة الشعبية- إلى سدة الحكم وتدمير الجيش الوطنى الذى يراه الإخوان حجر عثرة فى طريقهم لتحويل مصر إلى إمارة منزوعة المواطنة فى مشروعهم الأممى للخلافة، هذه الدعوة الخائنة يجب أن يحاكم بتهمة الخيانة العظمى كل من أطلقها، لأنه لا ينتمى إلى هذا الشعب الذى انتصر، وبطبيعة الحال دارت عجلة الإرادة الشعبية فى مجراها الصحيح رغم أنف الإخوان وكل من يستقوون بهم من الخارج، ثم بدأ الشرق الأوسط يموج بالأحداث التى تستدعى تطوراتها فى المنطقة العربية تساؤلا افتراضيا مع استمرار تفاعلات الربيع العربى واحتدام الموقف الدولى إزاء الأزمة السورية وعزم الولايات المتحدة الإمريكية على توجيه ضربة عسكرية لدمشق، هذا التساؤل الافتراضى هو هل تقوم واشنطن فى ما بعد بتوجيه ضربة مماثلة لمصر؟
الرد الموضوعى على هذا التساؤل المفترض جدلا هو: لا. ولا يعنى النفى فى هذه الإجابة بمنطق عملى وإجرائى عدم القدرة على تنفيذ ضربة نوعية وذات طبيعة خاصة ومحدودة عن بُعد ضد مصر، أى أن هذه الإمكانية قائمة نظريا وشكليا لكنها غير قابلة للتنفيذ واقعيا لعدة أسباب:
أولا: رغم فارق القوة الهائل بين الولايات المتحدة الأمريكية ومصر يجب الأخذ فى الاعتبار أن القوة فى الواقع الدولى ليست ذات طبيعة مطلقة بل نسبية، ولقد أثبت درس التاريخ أن تحديد قوة الدولة لا يتم مقارنة بقوة الدول الأخرى وإلا لما انتصرت فيتنام على أمريكا، وهزم غاندى (ومعزته) الإمبراطورية التى لا تغرب عن أملاكها الشمس، وبهذا القياس تعرف واشنطن أن تداعيات مثل هذه الضربة سوف تكون مكلفة وبدون مبالغة فوق ما تتحمله طاقة الإدارة الأمريكية، لأن هذا التصرف يعنى القطيعة الكاملة مع القاهرة، مما يترتب عليه عسكريا على سبيل المثال لا الحصر: إلغاء التسهيلات الممنوحة للقوات المسلحة الأمريكية مما يؤثر على قدرات المناورة الاستراتيجية إقليميا وعالميا، مع رفض مرور القطع البحرية التى تعمل بالطاقة النووية من قناة السويس طبقا لقواعد القانون الدولى. سوف تتجه مصر شرقا للتسلح والتعاون العسكرى مع كل من روسيا والصين وفى بعض الجوانب الهند أيضا، وهذا يعنى أنها تتحول من حالة التعاون مع واشنطن إلى حالة الاستغناء.
لن تكون الفترة الانتقالية لتغير منظومة التسليح طويلة، لأن لمصر تجربة وخبرة طويلة وعميقة مع السلاح الروسى الذى حاربت به مصر فى السادس من أكتوبر، وعلى سبيل المثال فإن العيار السائد فى المدفعية ما زال روسيا.
لن تشكل فترة التحول للسلاح الشرقى تهديدات مؤثرة على الأمن القومى المصرى، لأن متخذ القرار فى مصر حاليا أو مستقبليا لا يفكر بتاتا فى أى أعمال تعرضية ضد إسرائيل، وبالمثل فإن تل أبيب تميل فى الأغلب إلى نفس المنهج وهى تعرف أن حربا فى مثل هذه الظروف تكسب منها فى المدى القريب سوف تخسر كثيرا بسببها فى المدى البعيد.
تمتلك الكوادر العلمية فى القوات المسلحة المصرية ومؤسسات التصنيع الحربى كفاءة عالية فى تطوير السلاح وتصنيعه، ومع تحرر الإرادة السياسية يمكن تحقيق قفزة كبيرة فى مجالات تحقق الردع، وكانت هذه الإرادة المقيدة فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك قد تسببت فى تعطيل مشروع إنتاج الصواريخ الباليستية الذى حقق مستويات متقدمة للغاية فى وقته.
يفقد توقف التدريب المشترك ميزة لا تعوض فى الوقوف على بعض مستويات التدريب واستيعاب الأحدث من أجيال السلاح لدى المصريين وضبط التكتيكات والاستخدامات المتوافقة مع البيئة المحلية.
ثانيا: مع انتهاء اختلال التوازن الدولى فى أعقاب سقوط الاتحاد السوفيتى والتراجع المتزايد لهيمنة القطب الأوحد يتزايد هامش المناورة المستقلة للدول التى تقف فى خندق المواجهة مع الولايات المتحدة.
ثالثا: النظام السياسى الحالى هو الأكثر قبولا ورضا من الغالبية الكبرى من المصريين للمرة الأولى منذ 25 يناير 2011، وبذلك لن تجنى أى ضربة أمريكية خلخلة للأوضاع الداخلية، بل سوف تزيد التلاحم مع النظام وتخلق ميراثا عميقا من العداء والكراهية ضد الولايات المتحدة الأمريكية وبيئة مواتية لضرب المصالح الأمريكية فى المنطقة.
رابعا: تسير خارطة الطريق التى أعلنت فى الثالث من يوليو حثيثا كما خطط لها على خلفية تجذر جوهر الدولة الحديثة فى مصر، ومع اتساع هامش الديمقراطية وحرية التعبير يصبح استدعاء أى ذريعة وهمية لتوجيه ضربة عسكرية اعتداء مكشوفا على القانون الدولى والأعراف والقيم الإنسانية، وهو ما يزيد من عمق ازدواجية السياسة الأمريكية وأزمتها المثارة فى هذا الشأن.
خامسا: يلعب الموروث الحضارى والروابط الاجتماعية بين المصريين دورا مهما فى تعميق رؤية سياسية متماسكة دون الحاجة إلى تعبئة دائمة من أجهزة الدولة، لذا يفشل أى عدوان خارجى فى خلق أى درجة من درجات الانقسام، ويزيد توحد قوى الشعب ضد أى صورة من صور التدخل الخارجى، وكان موقف الكنيسة والمصريون المسيحيون كافة فى الفترة الأخيرة إشارة بالغة الدلالة للخارج بعد اعتداء عناصر إرهابية من تيارات الإسلام السياسى على أعداد كبيرة من الكنائس وممتلكات المصريين المسيحيين، فقد رفضوا جميعا بسمو وطنى الاستقواء بالخارج أو السماح لأى جهة أجنبية بحسن أو سوء نية التدخل فى هذا الشأن الداخلى، من أجل تفويت الفرصة على من كانوا يخططون لادعاء أن مصر تنزلق إلى صراع طائفى يجرها إلى حرب أهلية، ولا شك أن هذا النموذج الفذ فى الوعى السياسى والوطنى يشكل انعكاسا لتاريخ ملىء بأمثلة لا حصر لها على فشل العدوان والتدخل الخارجى فى إحداث الفرقة أو ترك آثار جانبية بين المصريين.
سادسا: تمثل الإرادة الوطنية الراسخة لدى المصريين حائط صد لم ينكسر على مدار التاريخ من أى عدوان، ويحمل المصريون ثقافة للمقاومة تجلت عبر التاريخ فى كل مناحى حياتهم، لأن الثورة هى الإيقاع الثابت للشعب المصرى الذى حقق أول مشروع فى التاريخ الإنسانى للدولة الأمة التى ما زالت تتصف بهذه الخاصية وتتفرد بها حتى الآن فى إقليم الشرق الأوسط، لذلك تفشل أى قوى داخلية أو خارجية على النيل من هذه الأمة العجوز، وكل محاولة للنيل من كبريائها أو تفتيتها ترتد على صاحبها حتى ولو كانت الإمبراطورية الأمريكية، وكم من إمبراطوريات ذاقت هذا من قبل.
كل ما تقدم كان قراءة عن افتراضية ضربة عسكرية سريعة وعن بُعد لمصر، لكن تبقى فى الافتراضية جزئية أخرى: هل يمكن أن تغزو أمريكا مصر بقوات أرضية؟ نظريا ممكن، وواقعيا فهذا هو ما بعد المستحيل، والدليل على ذلك هو الفشل الذريع الكامل لإعادة إنتاج النموذج السورى فى مصر على أيدى عملاء أمريكا من الإخوان، فمصر الدولة الأمة التى ترسخت فيها مفاهيم الدولة الوطنية الحديثة منذ عهد محمد على أكبر من أن يعاد تكرار نماذج مسبقة معها، فهى ليست كسوريا منقسمة عرقيا وطائفيا ومذهبيا، وجيشها ليس طائفيا، وأجهزتها الإدارية والسيادية كلها خاضعة الآن لإرادة الشعب عكس ما كان فى العراق مثلا قبل الغزو الأمريكى، أى أن مصر هى دولة المقومات المتكاملة والمتماسكة، ومن السفه والجنون أن تقدم أى قوة مهما بلغ جبروتها على المغامرة بأن تطأ أقدام جنودها أرض مصر فى رحلة وصول بلا عودة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.