«التحرير» تسأل: ما تعليقكم على مطالب الإخوان بعودة المعزول إلى الحكم؟ والخارجية الأمريكية ترد: الأمر يرجع إلى الشعب المصرى واشنطن تترقب المواجهة فى رابعة والنهضة وتأمل أن لا تحدث المصادمة أبدا، لأن هذه المصادمة إذا أتت (حسبما ترى) ستكون عنيفة ودموية وستكون لها فى ما بعد أيضا عواقب وخيمة تقوض مبادرات المصالحة الوطنية وجهود العملية الانتقالية فى مصر. والخارجية الأمريكية من جانبها حثت من جديد على ضرورة الحوار وبناء الثقة وتفادى العنف. كما أن سيناء وأمنها وأمن المنطقة تأتى ضمن القضايا المثارة فى زيارة رئيس الأركان الأمريكى لإسرائيل. وأهل واشنطن وصحفها وهم يتابعون المشهد المصرى المتأزم يتساءلون من جديد: ماذا حدث لليبراليين فى مصر؟! ولمن يهمه الأمر فإن الرئيس الأمريكى باراك أوباما يقضى إجازته السنوية مع أسرته فى جزيرة «مارتاز فينيارد» بشرق الولاياتالمتحدة. وقد ذهب إليها مساء السبت الماضى ويعود إلى واشنطن يوم الأحد المقبل. وترافقه هناك سوزان رايس مستشارة الرئيس للأمن القومى وأيضا روب نابورز نائب كبير موظفى البيت الأبيض. ومن خلالهما يطلع الرئيس ويتابع المواقف المحلية والعالمية. وقد تابعت وسائل الإعلام الأمريكية فى الأيام الأخيرة باهتمام مكثف تطورات الاعتصامات من جانب مؤيدى مرسى واحتمالات فضها وحدوث مصادما، غالبا ستكون دموية.. وقد تناولت الصحف الكبرى المشهد وهى ترصد «العد العكسى» المنتظر للمواجهة. «نيويورك تايمز» منذ يومين قدمت وصفا تفصيليا مدعما بالخرائط للحالة فى رابعة والنهضة. أما «وول ستريت جورنال» أمس وهى تصف المشهد الاعتصامى والمشاركين فيه فنقلت عن جهاد الحداد المتحدث باسم الإخوان قوله «لقد تم اختطاف مرسى وإنهم يحاولون إيجاد سند قانونى لكى يتم تبرير ذلك» وأكد الحداد أيضا «نحن فى اعتصام سلمى وإذا قاموا بالهجوم علينا سنبقى كما نحن، مضيفا: ووقتها أناس أكثر سينضمون إلينا إذا قُتل عدد أكبر منا». وبما أن الجنرال مارتن ديمبسى رئيس الأركان الأمريكى يقوم بزيارة لكل من إسرائيل والأردن فقد نقل عن مسؤول أمريكى كبير أن ديمبسى سيناقش خلال زيارته لإسرائيل التزام أمريكا غير المزعزع تجاه أمن إسرائيل والأخطار المحتملة من إيران والحرب الأهلية القائمة فى سوريا وعدم الاستقرار فى سيناء. صحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» فى تقرير لها أمس عن المواجهة العسكرية ضد الميليشيات الجهادية فى سيناء أشارت إلى ما قاله الجيش المصرى الأسبوع الماضى بأنه تم قتل 60 واعتقال 103 إرهابيين فى الشهر الأول منذ أن تم عزل مرسى. ونقلت الصحيفة ذاتها عن دانييل نيسمان من مكتب الاستشارى الأمنى «ماكس سيكيوريتى سوليوشنز» بأن هناك نحو ألف و500 جهادى فى سيناء. وهم منقسمون إلى من 15 إلى 20 خلية بتوجهات أيديولوجية مختلفة، البعض منها يتماشى فى الخط والتوجه مع القاعدة. ولم يعد بالأمر الخفى ما قيل فى الأيام الأخيرة ضمنا وسط تقارير صحفية بأن «لا عودة لمرسى إلى السلطة». وهذا ما أكده وكتبه أيضا السيناتور جون ماكين فى «واشنطن بوست» بعد عودته من القاهرة موجها كلامه لمؤيدى مرسى. وقد طرح الأمر من جديد أول من أمس، فى الموجز الصحفى للخارجية الأمريكية عندما سألت «التحرير» هل لدى الخارجية من تعقيب أو تعليق حول ما يطالب به مؤيدو مرسى حتى الآن من عودة للرئيس المعزول؟ فقالت مارى هارف نائبة المتحدثة باسم الخارجية: «الأمر يرجع إلى الشعب المصرى فى أن يقرر كيف سيكون شكل حكومتهم وهى تسير قدما. لقد أوضحنا مرارا أن الأمر لا يخصنا لكى نقرر. الأمر يخصهم لكى يقرروا. وبالتالى ما شددنا عليه دائما هو أن هناك حاجة فى أن توجد عملية ديمقراطية لا إقصاء فيها، تتقدم إلى الأمام. أما ما تركيبة هذه الحكومية وكيف تبدو فى نهاية المطاف فهو أمر لا أنا ولا أى شخص آخر فى الحكومة الأمريكية عليه أن يتوقع». وعندما تابعت «التحرير» بالسؤال عما إذا كان هذا المبدأ نفسه بأن الأمر يخص المصريين ينطبق أيضا على ما يمكن فعله فى فض اعتصامات رابعة والنهضة؟ قالت هارف: «فى ما يخص هذا السؤال تحديدا فإننا أوضحنا مرارا أن على السلطات المصرية تقع المسؤولية الأخلاقية والقانونية فى أن تحترم حقوق الأفراد فى التجمع السلمى. ونحن قلقون بالذات قلقون للغاية اليوم حول العنف المحتمل فى مصر. ونحن بكل تأكيد رأينا تلك التقارير ومنذ البداية شددنا على من فى مصر بأن العنف يعطل فقط القضية النهائية التى يعملون من أجلها، وأن هناك حاجة للسماح للشعب بالتظاهر سلميا». وتعرضت أيضا المتحدثة باسم الخارجية لما يقال بأن الحوار قد فشل ومحاولة الوساطة ومن ثم المصالحة فشلت وقالت: «لا أريد أن أستخدم هذا اللفظ. وأعتقد أن كل شخص كان واضحا بأن هذه عملية صعبة جدا. وكنا واضحين بأن الوقت للحوار لم يفت. ونحن نريد أن نوضح تماما أن هذه هى عملية قائمة ومستمرة. وبأن الوقت للحوار ما زال متاحا وبأن هذه الأمور أمور معقدة للغاية. هناك الكثير من الاستقطاب السياسى. ونحن جميعا على إدراك تام بذلك» مضيفة: «ولهذا نريد الاستمرار فى أن نلعب دورا يسهل ويجمع كل المجموعات معا. ولكن أريد أن أشدد على أن وقت الحوار بأى شكل من الأشكال لم ينته، لأن نائب الوزير بيرنز عاد إلى واشنطن الأسبوع الماضى. وفى الحقيقة هو عكس ذلك بالفعل». وقالت هارف أيضا وهى تتحدث عن المشهد المصرى: «نحن نحث على إجراءات بناء الثقة التى تحدثنا عنها الأسبوع الماضى ومنها بيانات عامة تدين العنف والالتزام بمفاوضات ذات جدوى. وهناك مجموعة من إجراءات بناء الثقة نحن نعمل مع كل الأطراف للموافقة عليها. ولكن مرة أخرى هذا وضع معقد وصعب جدا. إلا أن هدفنا يبقى كما هو ونحن سنعمل مع كل المجموعات للمساعدة فى تحقيق ذلك». ولم تتكشف بعد تفاصيل الغزوة الإخوانية الجديدة لواشنطن وزيارة القيادى الإخوانى عبد الموجود درديرى للعاصمة الأمريكية التى حرص البعض على وصفها ب«زيارة ولقاءات سرية» ربما لإضفاء الغموض عليها وإثارة الأقاويل بشأنها. البرلمانى السابق عن الأقصر كان فى مؤتمر صحفى يوم الجمعة الماضى مع قيادات منظمات ومراكز مصرية أمريكية إسلامية عقد فى نادى الصحافة القومى بواشنطن. وقد تم التنديد فيه ب«الانقلاب العسكرى» و«المذابح التى ارتكبت» و«اغتيال الديمقراطية». والأهم المطالبة ب«قطع المعونة عن الجيش الذى يقتل شعبه» والتساؤل «كيف يقبل أوباما والإدارة بهذا الأمر». ولم ينس درديرى أن يندد بالإعلام الذى شوه الرئيس وإنجازاته ولعب دورا هداما. ثم كانت التظاهرة يوم السبت وشارك فيها مئات من مختلف الولايات حسبما تم الترحيب بهم. وقد دعت إليها مجموعة من منظمات أمريكية مصرية وأيضا إسلامية. والبعض منها أعلن عنها خلال الشهر الماضى. وخلال المظاهرة تم تكرار القول والصراخ بأن مرسى هو الرئيس، وعلى السيسى أن يرحل وأن على الرئيس أوباما الذى يؤمن بالديمقراطية ويدعو لها أن لا يقبل ما حدث ويسمى «ما حدث انقلابا» و«يقطع المعونة» وأن «البطة بطة» كما صرح السناتور ماكين خلال زيارته الأخيرة لمصر. التظاهرة كانت فى «فريدوم بلازا» بعدها كانت مسيرة مرت من أمام البيت الأبيض. ولم يكن بالأمر الغريب عندما قال أحد الأمريكيين المصريين، وهو يتابع هذا المشهد الأخير و«هوجة» انخراط المصريين الأمريكيين فى الفترة الأخيرة، ألم تلاحظ أن عدد رؤساء أو منسقى عام المنظمات أكثر من عدد الأعضاء أنفسهم؟! وكم من بيانات تصدر بأسمائهم و«ظهورات» تليفزيونية وإعلامية تلمع أسماؤهم و«تبروزها». وأمام هذا المشهد المصرى الأمريكى «العبثى إذا جاز التعبير» لا بد أن يقوم بعض الباحثين عن الحقائق والتواقين للمعرفة بتسليط الأضواء عن ماهية تلك المنظمات أو المجموعات التى تحمل اسم مصر و«تعمل من أجلها» أو «تتاجر بها» حتى «نتبين الحقيقة» و«نعرف مين بيعمل إيه؟ وليه؟». وبينما تتجه الأنظار واهتمام وسائل الإعلام إلى رابعة والنهضة ك«أراض للمعركة» والمواجهة المنتظرة بين السلطات ومؤيدى مرسى نجد بعض الكتاب والمعلقين السياسيين الأمريكيين يسعون «لتجاوز اللحظة» و«استقراء المستقبل» أو «القيام بمحاولة تحديد معالم علاقة جديدة مع مصر قد تتشكل مع مرور الأيام». ويطرحون كيف يجب أن يتوجه الاهتمام الأمريكى من مجرد التركيز على مجالات المشاركة فى الدفاع والأمن (وهذا هو الأمر القائم بالفعل منذ أكثر من ثلاثة عقود) إلى مجالات تعاون أكبر وأعمق فى الاقتصاد والتعليم والتدريب والتكنولوجيا وإدارة المؤسسات. وأن تتجاوز العلاقة بين الشعبين حدود «التعاون الاستراتيجى» و«استمرار المساعدات أو قطعها». هل هذا ممكن؟!