صحيفة أمريكية: رسائل واشنطن المشوشة خلال شهر أغضبت قيادات الحكومة المصرية لقاء بيرنز خيرت الشاطر بالتأكيد أثار اهتمام كثيرين فى واشنطن. وأيضا «عدم نية» وليام بيرنز نائب الوزير الخارجية الأمريكى فى لقاء مرسى، أثار التساؤلات وعلامات الاستعجاب. والخارجية الأمريكية من جانبها حرصت من جديد على التأكيد أنها تريد أن تساعد كل الأطراف فى مصر للخروج من الأزمة وذلك ك«وسيط نزيه». إلا أنها لم تعلق على ما قيل وتردد حول صفقة محتملة تضمن الخروج الآمن للرئيس المعزول وقيادات الإخوان. صحيفة «واشنطن بوست» فى تقرير لها عن زيارة بيرنز ولقاء الشاطر أشارت ضمنا أن واشنطن تتعامل مع الأمر الواقع والقائم حاليا، وتسعى لإقناع الإخوان بقبول هذا الأمر والتحرك قدما. ولم تعلق الخارجية فى الموجز الصحفى اليومى على خبر اختيار روبرت فورد سفيرا لأمريكا لدى مصر، واكتفت مارى هارف نائبة المتحدثة باسم الخارجية فى القول بأن ليس لديها أى إعلان بخصوص أى تعيينات أشخاص، وأن مثل هذا الإعلان سوف يأتى من البيت الأبيض. ولم تنس هارف أن تكرر الأوصاف فى ثناء فورد وخبرته وبيان احترامه لدى زملائه فى الخارجية. ولم يعد سرا كما يقال إن واشنطن من خلال بيرنز وأيضا من خلال مبعوثى الرئيس أوباما السيناتورين جون ماكين ولينسى جراهام تزيد وتكثف انخراطها فى التشاورات مع الأطراف المصرية والشركاء العرب والأوروبيين، للوصول إلى مخرج من الأزمة وتفادى المصادمة وإراقة الدماء وإزهاق الأرواح. سيناريو امتداد المواجهة أو تفجرها واشتعالها عنفا وموتا لا تريده واشنطن ولا أحد بالطبع. ولا شك أن إدارة أوباما سعت (وتسعى بالفعل) لنزع فتيل التوتر بين حكومة مصر المؤقتة والإخوان المسلمين. هذا ما أكدته «واشنطن بوست» بالأمس مشيرة إلى أن الإدارة «أرسلت دبلوماسيا كبيرا لكى يدفع ويضغط بهدوء أن احتجاجات الشوارع والمأزق السياسى لن يعيدا محمد مرسى إلى الحكم». وأشارت الصحيفة إلى أن أسابيع من «رسائل مشوشة» من واشنطن تركت حكومة مصر المؤقتة غاضبة وغير راضية. وعكست الصحيفة أيضا حرص المسؤولين الأمريكيين على القول بأنهم يحثون كل الأطراف فى مصر على الهدوء. «نحن نشجع المصريين أن يكونوا جزءا من عملية تشمل الكل وتتضمن الإخوان المسلمين»، قالتها مارى هارف نائبة المتحدثة باسم الخارجية. وبما أن هارف ذكرت أن الولاياتالمتحدة تلعب أو تحاول أن تلعب دور «الوسيط النزيه»، فقد سألت «التحرير» عما تعنيه بهذا التوصيف للدور الأمريكى، وكيف يمكن أن يفهمه المصريون فقالت هارف: «نحن لدينا شراكة تاريخية ممتدة مع الشعب المصرى والحكومة المصرية. ونحن سنعمل معهم ونساعدهم بكل ما نستطيع من أجل مساعدتهم فى العودة إلى عملية ديمقراطية لا إقصاء فيها تنتخب حكومة مدنية وهى بالفعل مستدامة تتحرك للأمام»، وأضافت هارف: «نائب الوزير بيرنز يناقش تحديدا هذه الأمور فى هذا الوقت. كيف يمكن أن نقدم أفضل مساعدة فى تلك العملية. لكن هناك أمرا ما أعتقد أنه هام جدا لنا وهو القول باستمرار بأننا لا ندعم حزبا واحدا أو مجموعة واحدة، ونحن لا نحدد كيف يجب أن يكون شكل الحكومة المصرية. ليس هذا دورنا بأى حال من الأحوال». وعن رد الفعل الأمريكى على ما جاء فى حوار الفريق أول السيسى مع «واشنطن بوست» وإشارته إلى ضرورة قيام واشنطن باستخدام ما لديها من نفوذ لدى الإخوان لإنهاء الأزمة، سألت «التحرير» فجاءت إجابة هارف كالتالى: «نحن رأينا ذلك الحوار. وأعتقد بأننا سنقول نفس التعليقات التى قلناها منذ فترة. بأننا ندعو علنا ومن خلال اتصالاتنا الخاصة كل المجموعات أن تكون جزءا من هذه العملية. ولهذا نريد الاستمرار بتلك العلاقات. ولهذا السبب أناس مثل نائب الوزير بيرنز وأيضا دبلوماسيينا فى مصر منخرطون فى هذه العملية كل يوم، يتحدثون لأحزاب ومجموعات وقيادات مختلفة فى محاولة لدفعهم كى يكونوا جزءا من العملية، لأن هذا فى النهاية من مصلحة الشعب المصرى». وبما أن تعددت التعليقات وكثرت فى الفترة الأخيرة بأن النفوذ الأمريكى فى مصر وفى المنطقة تلاشى أو تقلص، فسألت «التحرير» عما تراه الخارجية حول هذا الأمر، فأجابت نائبة المتحدثة باسم الخارجية مارى هارف: «سوف لا أتفق مع ما يشار بأن ليس لنا نفوذ أو تأثير. فنحن لدينا شراكة تاريخية ممتدة مع المصريين. جزء منها بوضوح هو مساعداتنا، إلا أن الأمر يتجاوز ذلك. وبالتالى هذه علاقات مديدة لدى ممثلينا مع قيادات مصرية مختلفة. وأعتقد أنك رأيت ذلك من خلال التفاعل الذى يحدث بين قيادات أمريكية ومصرية. ونحن سنواصل العمل معهم والتحرك قدما»، وعادت هارف لتقول من جديد: «ولكن سأختلف بشدة مع هذه الفكرة بأننا فقدنا نفوذنا فى مصر. بكل وضوح نحن لدينا شراكة وثيقة وسوف نستمر فى العمل معا». وفى المشهد السياسى الأمريكى تتوالى التعليقات حول ما يحدث فى مصر وبالتالى قد يحدث فى المنطقة. نيوت جنجريتش القيادى الجمهورى البارز وأحد المرشحين للانتخابات الرئاسية فى عام 2012 ذكر فى حوار مع صحيفة «واشنطن تايمز»: «من الصعب الجدل بأن ديكتاتورية الإخوان كانت أفضل من مبارك؟» جنجريتش وهو يتأمل المنطقة وما حدث فيها من تطورات وتوترات لا يعرف مداها أحد.. تحدث عن سوريا قائلا بأنه يرى بأن أى عمل عسكرى أمريكى فى سوريا فيه المخاطرة بتكرار أخطاء السياسات الخارجية الداعمة للتدخل. «أنا صراحة لن أذهب إلى سوريا»، مضيفا «سوف أنظر إلى الأمر كله وكيف نفكر حول الحكومات فى دول أخرى». وذكر القيادى الجمهورى أيضا فى ما يخص الوضع الحالى بأن النتيجة قد تكون ديكتاتورية عسكرية أخرى فى مصر، وهذا أفضل (فى رأيه) من حكم من جانب الإخوان المسلمين المنتخبة ديمقراطيا. ذاكرا أيضا فى الحوار «من الصعب الجدل بأن الفوضى فى سوريا والعراق وليبيا ولبنان سوف تأخذنا إلى مستقبل أفضل». ولم يتردد جنجريتش فى الإشارة إلى أن خوف كثيرين فى الولاياتالمتحدة وإسرائيل هو أن الربيع العربى يأتى ليس بديمقراطية مثل النموذج الغربى بل يستبدل ببساطة مستبدين علمانيين بحكومات دينية إسلامية متشددة ومعادية لإسرائيل والولاياتالمتحدة. مضيفا «ولست أنا الوحيد الذى يتساءل: (هل نحقق تقدما بعد الربيع العربى)». من جهة أخرى، طالب النائب إليوت أنجل، كبير الديمقراطيين بلجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، بعدم قطع المعونة لمصر على أساس أن أضرار هذه الخطوة أكبر. وقال فى حديث مع أنردو باراسيليتى، رئيس تحرير «المونيتور» الإلكترونية: «إن أى وضع ينشأ من الوضع القائم الآن بعد التدخل العسكرى سيكون أفضل لمصر من الاتجاه الذى كان يأخذه مرسى بحكومته الإخوانية، وأفضل للمنطقة، وبالتأكيد أفضل للولايات المتحدة من خلال منظور استراتيجى. وهذا لا يعنى أننا نعطى شيكا على بياض ونقول افعلوا ما تشاؤون وأنكم دائما ستنالون دعمنا»، وأضاف أنجل: «بكل وضوح نحن نريد انتقالهم إلى حكومة مدنية فى أقرب وقت ممكن. وبكل تأكيد لا نريد إطلاق النار على المتظاهرين فى الشارع، وهذا الأمر يزعجنى جدا. وأعتقد أننا يجب أن نتعامل معهم بأسلوب الجزرة والعصا، لأننى لا أعتقد بأن أسلوب اليد الثقيلة سوف يأتى بنتائج إيجابية». وبالطبع الحديث عن مصر ووضعها المائع والمتقلب والمتوتر والمستقطب لن يتوقف غدا أو بعد غد، خصوصا أنه كلما توهم أحد بأنه توصل إلى الإجابة لسؤاله المطروح، يجد إجابات أخرى تطارده أو أسئلة أخرى «تطير النوم من عينيه». وكل هذا يحدث فى أغسطس 2013!!