مراقبون: واشنطن تسعى للحفاظ على علاقتها بالمؤسسة العسكرية المصرية دون مجازفة أو مخاطرة بقطع أو تعليق المساعدات لم يعد الأمر المطروح عما إذا كانت واشنطن تريد أن تستمر فى تقديم المساعدات لمصر وإنما كيف يمكن تحقيق ذلك وربما كيفية إزالة العراقيل القانونية والتشريعية الموجودة أمامها فى الكونجرس. منذ أيام وقبل نهاية الأسبوع تم اتخاذ خطوة مهمة فى الكونجرس تعكس رغبة الإدارة الأمريكية فى استمرار المساعدات العسكرية لمصر «كما هى 1.3 مليار سنويًّا» إذ اشتملت المسودة المقترحة من الجمهوريين بمجلس النواب لميزانية وزارة الخارجية والعمليات الخارجية للعام المالى 2014 هذا الرقم دون المساس به. مسودة الميزانية تم اقتراحها وعرضها أمام لجنة الاعتمادات المالية بمجلس النواب. وللجمهوريين الأغلبية فى هذا المجلس. ومنذ يوم الجمعة بدأت التشاورات حول بنود الميزانية، ومن المرجح أن تستمر المناقشات حولها خلال الأسبوع الجارى. وبما أن المشهد المصرى لا يزال يثير المزيد من علامات الاستفهام والاستعجاب. هكذا يحاول المهتمون بما يجرى فى بر مصر رصد ما يحدث ومحاولة فهمه و.. ربما استقراء المستقبل. ما يسمى بالعملية الانتقالية أو الحكومة المؤقتة باختياراتها وتوجهاتها وقراراتها هو الشغل الشاغل الآن، ومن ثَم الأمر المقلق أحيانًا. ومن هذا المنطلق كان الاهتمام بتصريحات نبيل فهمى وزير الخارجية الجديد، والأخبار الخاصة بصياغة الدستور الجديد أو إجراء التعديلات الضرورية بالإضافة إلى كل ما يحدث فى ما يخص عملية الحوكمة من إدارة شؤون البلاد وتحقيق الاستقرار والأمن. وبالتأكيد ما يحدث من مواجهة مع الإخوان المسلمين كان ولا يزال موضع متابعة وتساؤل ومحاولة استقراء للأيام المقبلة. ومن هنا ينبّه ويتعجب ويتساءل بالأمس جاكسون ديل المعلق السياسى والمهتم بالشأن المصرى فى «واشنطن بوست»، كيف أن «ديمقراطيى» مصر تخلّوا عن الديمقراطية!! فى المقابل، لم يتردد المراقبون للشأن المصرى فى القول بأن الكثير من المسؤولين الأمريكيين يريدون الحفاظ على الروابط القوية والمديدة مع العسكرية المصرية، ومن ثَم لا يريدون المجازفة أو المخاطرة بقطع أو تعليق المساعدات العسكرية.. وما قد يكون لهذه الخطوة من تبعات استراتيجية وأمنية تزيد من تأزم الموقف أو تدهور أوضاع الأمن وفرص الاستقرار. وفى جلسة عقدت بالكونجرس الخميس، قال الجنرال مارتن ديمبسى رئيس هيئة قادة الأركان، أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ بأن المساعدات العسكرية لمصر يجب أن تستمر. وقال ديمبسى «إنها استثمار يستحق العمل به». وذكّر ديمبسى أعضاء اللجنة بضرورة وأهمية استمرار المساعدات وأنه «يوصى بإيجاد سبيل لها فى أقرب فرصة ممكنة». والإدارة الأمريكية فى الأيام الأخيرة تحديدًا تتفادى الوقوع فى فخ التسمية أو التوصيف لما حدث فى مصر يوم 3 يوليو-ثورة أم انقلاب؟ وكلما استنتج الخبراء أو المعلقون السياسيون موقفًا ما فى محاولة ما لإحراج الإدارة، أو طرح الصحفيون أسئلتهم حول هذا الأمر، يأتى المتحدث أو تأتى المتحدثة باسم إدارة البيت الأبيض أو الخارجية لكى تقول بأن الإدارة لا تزال تقوم بمراجعة الأمر وتبحث فى القضية وتتشاور بشأنها. هكذا تقول دون الدخول فى المناقشات المطروحة والشائعات المترددة والأكاذيب المتفشية وبكثرة.. خصوصًا فى المشهد المصرى، ومن جانب وسائل ووسائط الإعلام المصرية!! حول الحكومة الجديدة ومهامها المنتظرة، قالت مارى هارف نائبة المتحدثة باسم الخارجية، منذ أيام، «نحن نساند العمل مع الحكومة المؤقتة وشركاؤنا يعملون مع الحكومة المؤقتة من أجل مساعدتها فى الوصول إلى ديمقراطية مستدامة وشاملة للكل». وبما أن تشكيل الحكومة لم يشمل الإخوان (كما نبّه الصحفيون)، قالت هارف «نحن لسنا هنا لكى ندعو لتشكيل بعينه. الأمر لا يرجع للولايات المتحدة لكى تقول للمصريين كيف يجب أن تتشكل حكومتهم؟ وبما أننا قلنا ذلك نحن نبّهنا مرارًا بأن العملية تحتاج إلى أن لا يكون فيها إقصاء، كما أن الحكومة المؤقتة وأيضًا الحكومة الديمقراطية يجب أن تحكم بطريقة لا إقصاء فيها». وفى السياق ذاته، وعندما سأل المتحدث باسم البيت الأبيض عمن تعتبره الولاياتالمتحدة حاكم مصر فى الوقت الحالى؟ قال جاى كارنى «نحن منخرطون مع السلطات المؤقتة والسلطات الانتقالية. ونحن نحثّهم على الوفاء بعهدهم والعودة بمصر إلى حكومة مدنية منتخبة ديمقراطيًّا فى أسرع وقت ممكن. ما نفعله من خلال تمثيلنا فى القاهرة وفى دول أخرى هو أننا نلتقى السلطات الحاكمة وأيضًا الأحزاب المعارضة ومجموعات وقطاعات من المجتمع المدنى»، وأضاف كارنى «وهذا التناول كان موجودًا من قبل مع الحكومة السابقة والتى كانت قبلها، وسوف يكون فى التحرك للأمام، لأن مصلحتنا ودعمنا ليس لشخص ما أو حزب ما أو مجموعة ما. وإنما لعملية نحن نؤمن بها، وإذا تم اكتمالها سوف تقود مصر للخروج من الأزمة الراهنة والتوجّه نحو مستقبل أفضل». وسواء تم وصف موقف الإدارة أو موقف الرئيس أوباما من مصر بأنه «متردد» أو «متخبّط» أو «مزرى»، كما يقول منتقدوه، فإن تلاحق الأحداث فى مصر بتداعياتها فى المنطقة يتطلب بالتأكيد موقف أكثر وضوحًا وحزمًا وحسمًا.. وهذه الاختيارات لا شك تعد اختبارًا حقيقيًّا لما يريده أوباما أو يستطيع فعله. وشتان ما بين الأمرين!!