قدمت شخصية «نتاشا» فى «الرجل العناب» بعفوية وذكاء وحماس كان عاما دراميا مليئا بالمفاجأة أبرزها مجموعة من شباب الممثلين، الصغار سنًّا فقط، بينما موهبتهم تضاهى وتناطح الكبار، من بين أبرز مواهب هذا الموسم ميريت أسامة التى اتخذت خطا مختلفا تماما عن خط والدتها الفنانة شرين، فبينما الأم انطلقت فى نجوميتها عن طريق دور أرستقراطى فى مسرحية «المتزوجون» التى قدمتها أمام سمير غانم عام 1981، حيث كانت «لينا» تغسل الفرخة بالشامبو، ولا تعرف طريقة عمل الشوربة، وتنهار عندما ترى «صوريصار»، نجد الابنة تقدم دورا يتسم بالخشونة فى مسلسل «الرجل العناب»، فشخصية «نتاشا» هى فتاة تعيش فى منطقة شعبية تحب «عصفور» المطرب الشعبى شبه الفاشل الذى لا يشعر بها «لكنه يتزوجها فى النهاية»، تتصرف «نتاشا» بطريقة ذكورية وتتسم بقوة الشخصية، وحِدّة المزاج، ولا تستغنى أبدا عن الصراخ، دون أن تفتقر إلى مكر وذكاء الأنثى، كل هذه الصفات تتسم بها «نتاشا» مع بعض المبالغة التى تتناسب مع طبيعة العمل الكوميدى اللافت. أكثر ما يلفت النظر إلى أداء الشابة الصغيرة «والدها هو المخرج والممثل محمد أسامة» هو ذلك الانطلاق، والحماس، وحب الشغلانة، وهى صفات تصلك سريعا بمجرد أن تتابع مشهدا واحدا لتلك النتاشا الموهوبة، فقليل جدا ما نجد ممثلة شابة صغيرة تتألق فى دور من هذا النوع بهذا الشكل. فميريت حسب دورها ترتدى ملابس غير منسقة طوال الوقت، ولا تفك تكشيرتها إلا فى ما ندر، ودائمة السخرية من كل الأوضاع، فعلى الرغم من أن الشخصية فى حد ذاتها ليس بها ابتكار وقُدمت مئات المرات، لكن الممثلة الشابة نجت فى أن تجعلها غير تقليدية من خلال اجتهادها الواضح فى اللزمات والإكسسورات، وحتى طريقة النظرات. كان أول ظهور سينمائى لميريت أسامة قبل خمس سنوات من خلال فيلم «حسن ومرقص» أمام عادل إمام وعمر الشريف، بينما شهد العام الماضى ظهورها فى دور صغير آخر ضمن فيلم «حلم عزيز» أمام أحمد عز، ثم جاء مسلسل «الرجل العناب»، وقدم لها الفرصة الكبرى التى اقتنصتها، وأثبتت من خلالها أن لديها موهبة لا تمتّ بصلة من قريب أو من بعيد إلى موهبة والديها، فميريت نجحت فى أن تؤكد أن لديها خطًّا مختلفا تماما، ولديها طاقة تمثيلية تمكّنها من تحقيق نجومية فى وقت قصير. كان اختيار فريق «الرجل العناب» لميريت أسامة ذكيًّا للغاية، فالدور كان بحاجة إلى وجه غير محروق، وإلى ممثلة لديها القدرة على الاعتناء بالشخصية حتى لا تفسدها، وتجعلها نسخة مكررة من عشرات الشخصيات التى حملت تفاصيل مشابهة من قبل. وعلى الرغم من أن ملامح ميريت تبدو بعيدة قليلا عن الملامح المعروفة للفتاة التى تعيش فى حارة شعبية، حتى إننا يمكن أن نطلق عيلها صفة شقراء، فإن التقمص لا يعترف بمثل تلك الأشياء. ومقدرة «نتاشا» التمثيلية ألغت كل تلك التفاصيل، وقدمت الفتاة نموذجا مميزا جدا للفتاة الشعبية فى الدراما. ورغم نجاح نجاح ميريت أسامة فى تقديم الشخصية بكل تلك الانفعالات الظازجة، وبكل هذا العنفوان، والصدق، فإن عليها أن تنتبه جيدا إلى باقى خطواتها، وإلا ستقع فى فخ المخرجين والمنتجين، وأهل الصنعة، حيث من الممكن أن يُسندوا إليها أدورا مشابهة، حتى تجد نفسها سجينة تلك النوعية من الشخصيات، لذا فيجب أن تفكر جيدا قبل أى اختيار، وأن تدرك مدى قيمة موهبتها، وأن لا تضيّعها فى أدوار قد تندم عليها فى ما بعد، خصوصا أن النجاح الأول هو الأسهل، وفى ما بعد يجب أن تكون الخطوات محسوبة جيدا جدا.. فهل ستنجح «نتاشا» فى الحفاظ على هذا النجاح الأول غير العادى؟