ليس عيبًا أبدًا أن ثلاثتهم ذابوا فى كتلة واحدة، فلا يمكن أن تستدل عليهم إلا بهذا التعبير «أحمد فهمى وهشام ماجد وشيكو»، فقط العادة هى التى وضعت ترتيب النطق، ليس عيبًا أيضًا أنهم ينجحون سويًّا، وليس عيبًا أن ثلاثتهم يكملون بعضهم بعضًا. التحدى الأصعب أن يحافظوا على تلك الحالة الاستثنائية من النجاح المختلف، وقيمة الاختلاف هنا أهم من قيمة النجاح ذاته. نجوم مسلسل «الرجل العناب» الذين نجحوا، بميزانية بسيطة جدًّا مقارنة بالمسلسلات الزميلة، فى أن ينتزعوا الضحكات والاهتمام، ويلفتوا النظر إلى تألقهم، وبسلاسة سحبوا البساط من تحدت أقدام كبار رجال الكوميديا الذين ما زالوا يمضغون فى سيناريوهات وإفيهات مكررة ومملة.. مَن قال إن الفكرة البسيطة التى تبدو طفولية لن تضحك أحدًا؟ مَن قال إن الخيال يمكن أن تقف أمامه الميزانيات، ومَن قال أيضًا إن هؤلاء الثلاثة يمكن لأحد أن يتجاهل مرورهم على الشاشة فى رمضان هذا العام؟ أفضل ما يميّز الثلاثى أنهم يتعاملون مع العمل الذى يقدمونه على أنه هو البطل، ومن الواضح جدًّا أن فكرة «النفسنة» بعيدة عن أجواء تعاونهم المثمر، ففى المسلسل المعروض حاليًا، تجد أحدهم يلقى إفيهات أكثر من الآخر، وتجد غيره يظهر فى حلقة بشكل مضاعف عن زميله، حتى إنك قد تجد شخصية منهم مرسومة بعناية وباجتهاد مقارنة بالأخريين، إذن هم نجحوا فى التخلى عن الشىء الأسوأ الذى يمكن أن يهدم مشروعهم، وهو الغيرة، فكل منهم يؤدّى الدور الذى يليق به، ويخدم القصة، وليس الدور الذى يطمع فيه، لهذا أنت تجدهم يكتبون سويًّا، ويضعون الخطوط الرئيسية للشخصيات سويًّا، ويختارون المخرج الذى سيتعاونون معه سويًّا. ضابط فاشل وبدين، يواجه مخترعًا أشقر طويل الشعر ظل فاشلًا لسنوات، ومعهما مطرب يغنى أغنيات هابطة، ويتباهى بأنه ألثغ فى حرف السين، وهو يحاول أن يتجاوز فشله أيضًا، والأخيران بشكل غير مباشر وغير مقصود يساعدان الضابط فى تجاوز محنته المهنية العويصة، مع وزارة الداخلية، ملامح الشخصيات تبدو ثريّة جدًّا، والأفضل هو تناول تفاصيلها، عن طريق إفيهات طازجة، وغير معقدة، فإلقاء الإفيهات فن، يعرفه الثلاثى الذى يؤدّى بتلقائية هى سر مهنة الكوميديا. اللافت فى سيرة الممثلين الموهوبين الثلاثة هو أن مسيرتهم واحدة، حتى إنهم جميعًا ولدوا فى عام 1980، وأنهوا دراستهم التى تنوعت بين الهندسة والسياسة والاقتصاد، وبدؤوا مشروعهم الفنى مبكرًا من خلال فرقة لها اسم مميز ويشبههم هو «تمر هندى»، المنتج محمد حفظى من جهته أخذ بأيديهم وقدّمهم فى «ورقة شفرة» عام 2007، ثم كانت الانطلاقة الكبرى لهم من خلال الفيلم المميز جدًّا «سمير وشهير وبهير» 2010، وبعدها «بنات العم» فى عام 2012. كل منهم كانت له تجربة أو اثنتان بعيدًا عن الصحبة، لكنها لم تعلّم مع الجمهور، لذا عادوا ببساطة إلى جمعهم من جديد. الجمهور ما زال يتابع يوميًّا قصة «عصفور وبيرم وتيسير فهمى»، وحتى الآن شخصية عصفور الذى يجسد شخصيته أحمد فهمى، وشخصية تيسير فهمى التى يؤديها شيكو، هما الأكثر ثراء وتنوعًا وقدرة على الإضحاك، وإن كان بيرم «هشام ماجد» لا يبخل على مشاهدى المسلسل ببعض من التعبيرات التى أصبحت لصيقة به وبمعمله الملىء بالاختراعات الغامضة. باقى فريق عمل «الرجل العناب» تم اختياره بعناية أيضًا، وكل يقدّم الدور الذى يليق به، بدءًا من ميريت أسامة التى تقدّم شخصية نتاشا، مرورًا بانتصار فى شخصية «فاطمة»، وكذلك يوسف عيد فى شخصية «عم هيصة»، وإنجى وجدان التى تقدّم شخصية «أبلة شلمى» كما يناديها عصفور. روح الفريق انتقلت إلى باقى عناصر العمل، ليستحق على الرغم من بعض السقطات لقب المسلسل الأكثر إضحاكًا فى هذا الموسم الرمضانى الصعب.