واصلت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية اهتمامها بالشأن المصري، فبعد سلسلة المقالات التي خصصتها للحديث عن تدهور الاقتصاد المصري في عددها السابق والتي جاءت بعنوان "تخريب مصر"، عادت المجلة مرة أخرى متحدثة عن قرض صندوق النقد الدولي الذي أعلنت مصر الاتفاق عليه أمس الخميس. "المجلة البريطانية" ترى أن القرض يعتبر فرصة ثانية لحكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي لتحسين الاقتصاد المتعثر، بسبب نقص الاحتياطي الأجنبي وارتفاع سعر الدولار. وأشارت "المجلة" إلى أن هناك مخاوف من أن بعض الإصلاحات، التي تتبع الاتفاق على القرض، يمكن أن تؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم، والذي تضاعف بالفعل، وهو الأمر الذي ينتج عنه اضطرابات شديدة. ولفتت إلى أن البنك المركزي، على سبيل المثال، لم يتمكن من سد الفجوة بين السوق السوداء وأسعار الصرف الرسمية، وربما يرجع ذلك إلى أن ضعف قيمة الجنيه المصري تؤدي إلى زيادة ارتفاع أسعار المواد الغذائية، منوهة إلى أن مصر تستورد العديد من المواد الغذائية الأساسية، مثل القمح. ونقلت "الإيكونوميست" عن سايمون كيتشن، الخبير الاقتصادي في المجموعة المالية "هيرميس"، القول: إن "معظم المستوردين يتعاملون بمعدلات السوق السوداء، والتضخم موجود بالفعل"، مؤكدًا أن مفاوضات صندوق النقد الدولي للانتقال إلى نظام سعر الصرف المرن، هي طريقة مُهذبة للقول بأن مصر يجب أن تخفض قيمة الجنيه. وتابعت أن هذه الخطوة من شأنها أن تسعد المستثمرين والسياح، وهما المصدر الرئيسي للعملة الصعبة، مشيرة إلى أن قطاع السياحة والاستثمار قد تضرر خلال سنوات من الاضطرابات السياسية والأحداث الإرهابية. "الإيكونوميست" أشارت إلى أن الاحتياطيات الأجنبية لمصر قد انخفضت بشكل كبير، كما أن محاولات الحكومة للحفاظ على أكبر قدر ممكن من العملة الصعبة من خلال فرض ضوابط على رأس المال، مثل القيود المفروضة على عمليات السحب المصرفية، قد جعلت الأمور أسوأ، ولكنها أكدت في الوقت نفسه أن قرض صندوق النقد الدولي يجب أن يسمح للحكومة بتخفيف القيود. ونوهت المجلة إلى أنه لا بد من بعض الإجراءات الأكثر جرأة، حيث أن معدل البطالة الإجمالي أعلى من 12٪، ولكن أكثر من 40٪ بين الشباب، كما أن نظام التعليم سيئ، لدرجة أن معدل البطالة أعلى بين خريجي الجامعات من الفئة الأقل تعليمًا، والتفكير الإبداعي يتم إحباطه"، مشيرة إلى ميل الحكومة إلى حبس الشباب الذين يعبرون عن أفكارهم. وأضافت الصحيفة "أولئك الذين يحاولون جلب أفكارهم إلى السوق يواجهون الصعوبات، بسبب عدم وجود رأس المال والروتين، الذي يتم تطبيقه بشكل انتقائي لصالح النخبة المتحجرة، فالفساد ما زال متفشيًا". واختتمت المجلة "السيسي جعل الأمور أكثر سوءًا بسحق المجتمع المدني، وإهمال الإصلاح، والتركيز على المشاريع الكبرى التي تعزز صورته، ولكنها لا تنفع الاقتصاد، الآن لديه فرصة لوضع مصر على مسار مختلف، لكن هل سيستغلها؟".